إعلان ترامب عن تطبيع العلاقات الكامل بين البحرين واسرائيل، يأتي ضمن حملة ترامب الإنتخابيّة، لكسب دعم اللوبي اليهودي والمحافظون الجدد في انتخابات الرّئاسة الأمريكية، التي ستجري في الثّالث من نوفمبر القادم، كما تأتي كحبل إنقاذ لنتنياهو الذي يعاني مشاكل داخليّة كثيرة، ليس أقلّها ملفّات الفساد والمحاكم، والذي يسعى أيضا إلى انتخابات رابعة كي يبقى مسيطرا على رئاسة الحكومة الإسرائيليّة.
وخطوة النّظام البحريني هذه ليست مفاجئة، وجاءت بضوء أخضر من الجامعة البريطانيّة التي تحمل اسم العرب. وللتّذكير فإنّ محميّة البحرين التي استقلّت شكليّا عن بريطانيا عام 1971، وأعلنت كمملكة عام 2002، لا تُرى على خريطة العالم، وهي مكونّة من مجموعة جزر يصل عددها إلى 46 جزيرة، مساحتها لا تتجاوز مساحة قرية عاديّة، حيث تبلغ حوالي 700 كم مربّع، جرى توسيعها بإضافة حوالي 200 كم أخرى، وعدد سكّانها أقلّ من مليون ومائتي ألف أكثر من نصفهم من الهنود، الذين يتشكّل منهم ومن شركة الحراسة الأمريكيّة “بلاك ووتر” سيّئة الصّيت الحرس الملكي، واختار رأسها لقب “صاحب العظمة” أي الإله! لأنّ العظمة لله فقط، وهي في الأساس جزء من السّعوديّة وجعل منها البريطانيّون دولة لمثل هذه المهمّات مثلها مثل “امبراطوريّة ماكرونيزيا”.
ومعروف أنّ غالبيّة سكّان البحرين العرب من أتباع المذهب الشّيعيّ ويُحكمون بالحديد والنّار.
ومن اللافت أنّ أوّل من أشاد بخطوة البحرين هذه هم كنوز اسرائيل الإستراتيجيّة في مصر والإمارات، وسيتبعهم آخرون، وفي هذا إشارة إلى انطلاق المتصهينين العرب من جحورهم، لنتفيذ المشروع الأمريكي “الشّرق الأوسط الجديد” لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيوني التّوسعيّ. ولتطبيق ما يسمّى “صفقة القرن”، وإطلاق يد اسرائيل للسّيطرة على المنطقة، كون اسرائيل قاعدة عسكريّة أمريكيّة متقدّمة في الشّرق الأوسط. وأمريكا التي تعيش تدهورا اقتصاديّا في ظلّ منافسة اقتصاديّة متطوّرة في العالم مثل الصّين والهند والبرازيل وغيرها، وبالتّالي فهي تسعى لتقليص نفقاتها واستبدال وجودها العسكريّ في المنطقة التي كانت عربيّة بوجود اسرائيليّ، سيجري تمويله بأموال النّفط التي سيجري استثمار الترليونات منها في اسرائيل، تحت مسمّيات كثيرة، أيّ أنّ المتصهينين العرب سيموّلون استمرار احتلال اسرائيل لفلسطين وتهويد المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني الحرمين الشّريفين، وسيتحوّل ملايين المواطنين العرب إلى “حطابين وسقّائين” خدمة “لشعب الله المختار”، وستتحقّق نبوءة من يؤمنون بأنّ السّاعة لن تقوم إلا بعد أن يوجد لكلّ يهودي مئة عبد من غير اليهود”!
والمتصهينون العربان سيقعون في وزر هوانهم، إذا لم يفز ترامب في الإنتخابات الرّئاسيّة، وإذا فشل نتنياهو في الاحتفاظ برئاسة الحكومة الأسرائيليّة.
لكنّ الخطيئة الفلسطينيّة ستبقى قائمة ما دام الإنشقاق الفلسطينيّ قائما، وما دام الصّراع على سلطة تحت الاحتلال قائما، ويعلم أقطاب الإنشقاق أنّ البديل الأمريكيّ والإسرائيلي للسّلطتين المتصارعتين يجري دعمه وإعداده وتمويله في جنوب الجزيرة العربيّة، ليلحق بأقرانه من المتصهينين العرب، وليشكلّ إدارات مدنيّة متناثرة على السّكان وليس على الأرض، أشبه ما تكون بروابط القرى البائدة، وتحت شعارات رنّانة قد ينخدع بها كثيرون، فلماذا لا يبادرون إلى انهاء الأنشقاق قبل فوات الأوان؟