لأن تصفية جبهة المقاومة الاسلامية، يجب أن تتم بكل سبيل يمكن لأمريكا وعملاءها المضيّ فيه، فإن ما يحصل هذه الأيام في لبنان والعراق يستهدف المقاومة، بكل رموزها وهياكلها وتاريخها دفع شرائح معينة من الشعبين، للإنخراط في دوامة فوضى لا حدود لها، من أجل تحقيق هدف محوها من الوجود تماما، ومن ذاكرة الشعبين اللبناني والعراقي، وهذا الهدف وإن كان صعب المنال، بل هو مستحيل عمليا، الا انه أصبح ممكنا في العراق هذه الأيام، نظرا للفارق الكبير والبون الشاسع بين البلدين والشعبين، ففي لبنان اين يتمركز حزب الله بحاضنة شعبية كبيرة جدا تجمع حولها المسلمون الشيعة وقسم من السنة وقسم من المسيحيين والدروز والعلويين، قد تأكدوا بما لا يدع أحدا منهم مجالا للشك في مصداقية الحزب، وحسن أدائه في محاربة العدو الصهيوني وطرده من لبنان، ومكافحة الارهاب التكفيري المتمثل في الجماعات الوهابية التي غزت لبنان، واجلاء من بقي منهم الى خارج البلاد، فضلا هم الثقافة الاسلامية الثورية الأصيلة التي تسلح بها أنصاره، وجعلوها حظهم من العمل في مجال الاسلام المحمدي الأصيل.
ان مدى وعي الشعب اللبناني، يختلف تماما عن الشعب العراقي، بدليل أن ما عنونه الاغبياء بالثورة في لبنان، سرعان ما تآكلت شعاراته، ولم يعد لها مبرر حقيقي للاستمرار، مع أنها لم تتمكن من اجتياز أي خط أحمر يخص المقاومة، بل انها لم تجرؤ على ذلك لما لا يخفى، من الانضباط والوعي، الذي اكتسبته الحاضنة الشعبية للمقاومة في لبنان، وخرج الحزب وأنصاره دون أن يمسّهم سوء، من شطحات دلّت على من وقف وراها .
أما ما عنونه الاغبياء في العراق، فقد انطلى على من انساق وراء دعاياته، والتي تركزت على المساس من رموز التشيع، وفي مقدمتهم المرجعية وإيران والمقاومة المتمثلة في الحشد الشعبي، الذي سقط منه شهداء ابرياء، قتلهم بإصرار ودم بارد رعاع لا يملكون من الانسانية شيئا فضلا عن دين، برهنت جرائمهم واثبتت فلولهم المتوحشة، أنهم منخرطون في مؤامرة، لا اعتقد أن احرار العراق سيبقون متفرجين عليها، دون أن يكون لهم منها مواقف شرف وإباء.
تتواصل اذا محاولات أمريكا في بث الفوضى مستهدفة دولا بعينها، فالعراق الذي عانى من اجرام حزب البعث وصدامه سنين طويلة ولم يتمكن من التخلص من دابّته السوداء، الا بتدخل امريكي غربي، لم يكن في حقيقته سوى مقدّمة لمرحلة ثانية من اطلاق الفاسدين وتشجيعهم على مواصلة العبث بمقدّرات العراق، ثم انشاء شبكة مشرفة ومسيرة للفوضى بعنوان الثورة على الفساد، بإلقاء تبعاته على ايران وشرفاء العراق من المقاومة.
ما تسعى الماسونية العالمية الى تحقيقه في بلادنا العربية، لم يعد خافيا على العارفين بأهداف هذا التنظيم الصهيوني، الخطير على ديننا وقيمنا، وما حققته من قبل باستدراج شخصيات عربية واسلامية الى عضوية محفلها، يكفينا للدلالة على تمكنها من التغلغل في اوساط كبار مسؤولي بلداننا، تحت مسميات وعناوين مموّهة
وقد نكشف وجها خبيثا من الحراك الشعبي العراقي، عندما يغرّد الرئيس الامريكي ترامب على (تويتر) فرحا بما جرى امام مبنى القنصلية الاسلامية الإيرانية بكربلاء، واعاد التغريد على نفس الاعتداء، كأنّه يقول هذه بتلك، وأين هذه من تلك؟ إن هو الا حمق درج عليه الرئيس الأمريكي.
تزامن الاعتداء على مبنى القنصلية الايرانية، بتاريخ ذكرى اقتحام الطّلبة الثوريين الايرانيين لمبنى السفارة الأمريكية، يوم4/11/1979، يؤكد على أن العملية أمريكية، نفذتها اياد عميلة لأمريكا، ومعادية لإيران وللعلاقة الأخوية بين البلدين، والتي بلغت اعلى مستوياتها بمحاربة الارهاب التكفيري المتمثل بداعش، وقطع دابره من العراق.
وعبّر وزير خارجية كيان الاحتلال الاسرائيلي (كاتس) في تغريدة له على حسابه على (تويتر) بالقول: نتعاطف مع نضال الشعب العراقي، من أجل الحرية والحياة الكريمة، ونستنكر بشدة أعمال القمع والقتل ضد المتظاهرين.
وتتوضح لنا من خلال التغريدات المشار اليها، ابعاد ما تسعى كل من الادارة الامريكية، وحكومة الكيان الصهيوني الوصول اليه، من الحاق أكبر نسبة ممكنة من العداء للنظام الاسلامي في ايران، بأي طريق أو شكل كان، مما يدفعنا الى القول بأن ما قامت به أمريكا والكيان الصهيوني وعملاؤهم في المنطقة افرادا وحكومات، كان الركوب على تظاهرات المطالب الشعبية المحقّة، وتوجيهها سياسيا نحو مطالب، لا علاقة بها بالأزمة الاجتماعية والاقتصادية للبلدين، تستهدف اساسا محور المقاومة رافعة شعارات خبيثة، تطالب نزع سلاحه.
لقد كان من باب أولى لمن رفع شعار ايران بره بره، أن ينادي أمريكا بره بره، أو يقلع عن انتخاب الفاسدين من مسؤولي بلاده، حتى ينصلح حالها، ومن العيب حقا أن يطالب هؤلاء المتصايحون بشيء غير واقعي، ويتناسون واقعهم الذي يدعوهم الى المطالبة بإجلاء القوات الامريكية، التي تتواجد الآن على الاراضي العراقية وفي قواعدها، دون موجب قانوني.