في 30 كانون الأول/ديسمبر الماضي نشرت مجلة «ماكور ريشون» الصادرة في تل أبيب بالعبرية ومعنى الاسم (المصدر الأول) تحليلاً بعنوان مثير هو «هجرة من هم من غير اليهود إلى إسرائيل تربكها» بقلم تسفيكا كلاين جاء فيه: (بموجب المعطيات التي نُشرت عن عدد اليهود في إسرائيل يوجد نصف مليون من غير اليهود وهؤلاء يعيشون في إسرائيل من دون دين أو خدمات من المؤسسات الدينية أو من الحاخامين وتبقى جنسيتهم إسرائيلية ولكن ليسوا يهوداً بل إن الأرقام تدل على أن 37,5% من «المهاجرين» القادمين من دول الاتحاد السوفييتي السابق هم من غير اليهود الذين لا تحق لهم الهجرة ولكن إسرائيل قبلتهم لأنها بحاجة لقوة بشرية).. ويذكر أن عدد «المهاجرين» من دول الاتحاد السوفييتي بلغ في بداية التسعينيات ما بين900 ألف ومليون، كما تدل الأرقام في تل أبيب على وجود 60% من «المهاجرين» من أوكرانيا من غير اليهود و3% من فرنسا لم يكونوا يهوداً وقبلت الحركة الصهيونية تهجيرهم.
وإذا ما أضفنا إلى هذا العدد مليوناً وتسعمئة ألف من الفلسطينيين الذين مازالوا يعيشون هناك منذ عام 1948ونسبتهم 21% فإن هذا يعني من دون مبالغة أن ثلث من يعيش داخل الكيان الصهيوني هم من غير اليهود لأنهم لم يتحدروا من أم يهودية وهو الشرط الثابت الذي يجعل اليهودي يهودياً علماً أن الأرقام لم تتحدث عن بقية «المهاجرين» من أوروبا ونسبة غير اليهود بينهم، وهؤلاء لا يعدون في المؤسسات الرسمية الدينية والحاخامية (مواطنين) يهوداً ولا يُدفنون في مقابر اليهود ولا يجري تسجيل أبنائهم في سجلات نفوس «المواطنين اليهود» بل هم أجانب مقيمون وليسوا متساوين مع بقية الإسرائيليين وهذا يعني أن 70% من الإسرائيليين يعدون يهوداً متفقاً عليهم بين المؤسسات الدينية والحركة الصهيونية بما في ذلك الأثيوبيون الذين أفتى حاخام اليهود الشرقيين عوفاديا يوسيف على ذمته بأنهم يهود فجيء بهم إلى الكيان الصهيوني، لكنهم يعيشون منبوذين من قبل الاسرائيليين الذين يرفضون التعامل معهم لأنهم من ذوي البشرة السوداء، لكن حاجة الكيان الصهيوني للقوى البشرية وعدم رغبة أغلبية يهود العالم بالهجرة تدفع الحركة الصهيونية إلى القبول بهجرة مرتزقة من غير اليهود لحماية الكيان وخوض حروبه.
ويتابع كلاين في تحليله قائلاً: إن إيفانكا ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه المتزوجة من اليهودي الأميركي جاريد كوشنير لا تعد يهودية بل هي زوجة ليهودي وأبناؤها لن يعدوا من اليهود فما بالك بعامة الناس الذين قد يكون لهم قريب من جهة الأب ولا يعدهم الحاخامون يهوداً بل مجرد خدم للحركة الصهيونية ليس أكثر، فالحاخامون يقولون إن «رب إسرائيل سيغضب على كل اليهود إذا تساهلوا وزيفوا في شروط تعريف من هو اليهودي».
إضافة إلى ذلك، تبين الأرقام نفسها التي تذكرها الإحصاءات في الكيان الصهيوني أن 19 ألفاً ممن يسمون«المهاجرين الجدد» وصلوا إلى الكيان خلال عام 2019 وعدد منهم من المسنين وآخرون من الأشخاص الذين لا تعدهم (المؤسسات الرسمية) يهوداً متساوين مع بقية اليهود لأنهم من غير اليهود، ويبدو أن الهجرة العكسية من الكيان الصهيوني إلى البلدان الأصلية في أوروبا وغيرها آخذة بالازدياد لأسباب واضحة أهمها فقدان الأمن في الكيان الصهيوني بسبب مقاومة الشعب الفلسطيني ودول محور المقاومة عموماً واستنزافها لأمن المستوطنين، وبسبب فتح الدول الأوروبية وغيرها الباب لعودة اليهود إلى أوطانهم الأصلية التي أصبح مستوى المعيشة والأمن فيها أفضل من وجودهم في الكيان الصهيوني وتعرضهم فيه للاستنزاف ولفقدان الأمن من جانب أصحاب الأرض والوطن السليب. ومع استمرار المقاومة سيظل هذا الكيان يتعرض لقلة عدد «المهاجرين» من جهة، ولزيادة عدد الهجرة العكسية، وتدهور المشروع الصهيوني وتآكل قدراته البشرية.