الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

بعد خمس سنوات من العدوان على اليمن أما آن للمظلمة أن تنتهي؟

بقلم محمد الرصافي المقداد |

عجبت – وفي زمني يحق العجب – بعالم أخرسته انانية دوله، فأصبحت شعوبه لا تسمع ولا ترى ما يدور حولها من تجاوزات، تراوحت بين عدوان وهضم حقوق، وإن صادف أن رأى بعضها ما يرتكب من عدوان ظالم بحق الشعب اليمني، قنعوا بالمشاهدة كأنّ لسان حالهم يقول ما دخلنا في أمر لم نكن فيه طرفا، كأنما غاب عنه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: »من أصبح وهمه غير الله عز وجل فليس من الله في شيء، ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم. «(1)

حتى إذا عمّه البلاء، قامت قيامة العالم، وطاشت عقولهم، بمجرّد فايروس استهانوا به فدبّ فيهم، وبدأ في الانتشار مهددا باستفحاله وجودهم، قد أفزعتهم أرقام ضحاياه، التي لم تتجاوز لحد اليوم 20.000، ولم يشعروا من تجاهلهم بالفايروس الأعظم – عدوان التحالف الأعرابي- الذي حل بأرض اليمن وشعبه، وقد بدأ عدوانه في 26 مارس 2015 بأدهى وأمرّ من الجاهلية التي عرفها تاريخ شبه الجزيرة العربية.

ففي احصائية رسمية صدرت بعد مرور 1700يوم من العدوان جاء فيها: استشهاد وجرح 42135 مدنيا سقطوا جراء القصف، والاستهداف المباشر لقوى العدوان، حيث سقط قرابة 16447 شهيدا مدنيا، منهم 3672 طفلا، و2337 امرأة، فيما بلغ إجمالي الجرحى من المدنيين 25688 جريحاً ومعاقاً، منهم 3856 طفلا و2689 امرأة ، وبحسب التقرير بلغ إجمالي المنشآت التي تم استهدافها 461460 منشاة خدمية، منها 451684 منزلاً، و 1052 مدرسة، و 383 مستشفى ومرفقاً صحياً ،و 172 منشاة جامعية وتعليمية عليا، 6112 حقلا زراعيا، و 1294 مسجدا، و 46 منشاة إعلامية، و 240 موقعاً أثرياً، و 349 منشاة سياحية ، و 15 مطارا، و16 ميناء، و 1856 خزان مياه و 294محطة مياه وكهرباء، و 3575 طريقاً وجسراً، و514 شبكة ومحطة اتصال، و 1908 مبان حكومية ، وأظهر التقرير أن إجمالي المنشآت الاقتصادية المستهدفة ذات الطابع الصناعي والتجاري 20819 منشاة اقتصادية، شملت 346 مصنعاً متنوعاً، 10601 منشأة تجارية، 660 سوقاً، 390 مزرعة دجاج، 857 مخزن غذاء، 384 محطة وقود ،6127 وسيلة نقل، 283 ناقلة وقود، 717 قافلة غذاء، 454 قارب صيد.(2)

فلم يسلم تجمع حفل زفاف، ولا مجلس عزاء، ولا سوق اسبوعية، ولا صلاة جمعة، ولا طلاب مدارس، ولا حتى المشافي التي تأوي المرضى، الذين يخضعون للعلاج على قلة وسائله، هذا دون احتساب للخسائر البشرية، التي لحقت بالجيش اليمني، ولجانه الشعبية الرافدة له، في مواجهة قوى العدوان المتعدد الجنسيات، وهي فاقدة للغطاء الجوي، تتحرك تحت طائلة قصف طائرات العدوان الامريكية والبريطانية والفرنسية الحديثة، التي لم تفرق يوما بين ما هو مدني وعسكريـ تلك الخسائر التي تعدّ شرفا للمقاومة الثورية اليمنية، وأهلها الذين لقنوا الغزاة دروسا لن ينسوها، في الشجاعة والجرأة والاعتماد على الله الذي نصرهم، بالتمكين لعناصرهم القليلة العدد والعدّة، من حشود مرتزقة جرارة معتدية، لم يكن لها هدف غير إرضاء أسيادهم.

استمرار الصمت على ما يجري في اليمن، مدان شرعا بالنسبة لنا كمسلمين، وحقوقيا وإنسانيا بالنسبة لبقية شعوب العالم، وتجاهل لعدوان على شعب مستضعف لم يؤذي أحدا، حتى يعامل بما لقيه من عدوان، لم يسلم منه شيء في اليمن ليلا ونهارا، كأنما يستعجل تحالف العدوان النتيجة، بإخضاع هذا البلد المسالم الى إرادة خارجية وقحة، رفضها منذ أن ثار على نظام المقبور علي عبد الله صالح، الذي كان من قبل يعيش تحت سطوتها.

اليمن العريق بتاريخه وأصالة شعبه، عرف باليمن السعيد قديما، عندما كان الرجال يصفون الأشياء على حقيقتها، أرض طيبة وشعب خلوق، امتدت إليه أيادي القوى الآثمة، مشتركة في تحالف أعرابي بغيض، مدفوع بمخطط صهيوني أمريكي وتواطئ أوروبي، في محاولة لثني إرادة شعبه، بعد ثورته التي أطاحت بأحد أخبث عملاء الحكام العرب في تاريخهم المعاصر، فقلبت حياة شعبه وأمن بلاده الى جحيم مستعر، تواصل للسنة الخامسة، ولا يزال متاججا، مستهدفا كل متحرك في اليمن، عسكريا كان أم مدنيا، حضارة ومرافق، مستجمعا في تحالفه الآثم دولا عربية سقط عنها الحياء، وذرت قيمها رياح الطمع، وعاقبة كل طامع وخيمة، إذا جاءت من باب الإرتزاق على حساب حقوق الشعوب ومصالحها.

لا شك أن الجرائم التي أرتكبت بحق الشعب اليمني المستضعف كثيرة ومتعددة، وهي في مجملها جرائم حرب، تستوجب القصاص من مرتكبيها، الذين يجب أن يحالوا على محكمة عدل دولية عادلة ليست كالمتواطئة التي بلاهاي، وغض الطرف على وقائعها من جانب المجتمع الدولي، يعتبر بحد ذاته جريمة أخرى، يجب أن تدان شعبيا على الأقل، طالما أن أغلب حكوماتنا ملتزمة بالصمت على ما جرى ويجري من تجاوزات، وفي المقابل اطلقت وسائل اعلامها المريضة بداء الفساد والمغالطة، في أثر وسائل اعلام قوى عدوان التحالف الأعرابي، تقتات من بهتان معلوماتها، وزيف إخباراتها، في تعارض صارخ مع الدين والعرف والانسانية، لو ارتكبت بحق شعب آخر، له حظوته ولا تتعارض مبادئه، مع القوى الغربية المتصهينة بقيادة امريكا المهيمنة على العالم، لقامت الدنيا ولم تقعد، من أجل مناصرته والوقوف الى جانبه، فزماننا تعنون بلافتة واضحة تقول: إما أن تكون مع أمريكا والصهيونية العالمية، فاقدا لإرادتك منزوعا من ثقافتك وعقيدتك، فتعيش كالأنعام تحت سلطانه، وإما أن تكون معارضا لسياسات الاخضاع القسري التي أصبحت أمريكا والصهيونية تنفذها عبر وكلائها وعملائها في زماننا، فتعمل على ذلك التحدّي من أجل الخلاص من هيمنة مهينة للإنسان وقيمه.

منذ سنتين تقريبا، انقلبت موازين الحرب الظالمة، لتتحول إلى صالح الجيش اليمني، واللجان الشعبية المشتركة معه في صد العدوان على ارضه، ففي اكبر عملية تحرير لمحافظة الجوف الاستراتيجية، تمكن رجال الله من الدخول الى مدينة الحزم عاصمة المحافظة، بمساندة قبائل مأرب، ليسقط تبعا لذلك معسكر كوفل الاستراتيجي بعتاده الضخم، مع مئات من أسرى مرتزقة العدوان، انتصار جبهة الحق في عملية البنيان المرصوص، زاد من ارتباك وحيرة قوى العدوان، بعد فشل غاراتهم الجويّة المتكررة، لوقف زحف أحرار اليمن.

الضربات الدقيقة والموجعة، التي وجهتها قوات الحكومة الثورية بصنعاء، الى مرتزقة العدوان، سواء على الصعيد الميداني العسكري، أو على والصعيد الإقتصادي بضرب مجمع أرامكو النفطي مرتين، مخلفة فيه أضرارا هامة، أجبرت القائمين عليه على تعطيل أقسامه، ووقف تدفق ما يقارب الخمسة مليون برميل منه.

انقلاب موازين الصراع في اليمن، ليتحول الى جانب المستضعفين من أهله، باعتمادهم الكبير على الله وتوكلهم عليه، سيفسح المجال لإفشال العدوان وتكبيد قواه الهزائم المتكررة لتنتهي معاناة إخواننا اليمنيين بالنصر النهائي المؤزر الذي سيفتح به اليمن كتاب سعادته على صفحة جديدة من الثورة الاسلامية، فزماننا زمان صحوة إسلامية، بمفعول قيمها وأحكامها وآدابها المعاصرة، المشتقة من الثورة الاسلامية الإيرانية.

المراجع

1 – المستدرك على الصحيحين الحاكم النيسابوري ج4ص356/ المعجم الأوسط الطبراني ج1ص29/ الشذرة في الأحاديث المشتهرة لمحمد بن طولون الصالحي ج2ص195 حرف الميم ح1014/ تحف العقول عن آل الرسول لابن شعبة الحراني..

2 – http://althawrah.ye/archives/605103

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024