تدبر في سورة الصافات…بقلم د. نعمان المغربي

تدبر في سورة الصافات…بقلم د. نعمان المغربي

موضوع السورة الكريمة:

  تتناول السورة الكريمة، من خلال «المُخْلَصين» عليهم السلام، سُبُلَ الصّافِّين، حتى تكون نفوسنا من «الصَّافَّات»، «الزّاجرات» و«التاليات».

أهم مقولات السورة الكريمة:

«المُخلَص»: هو صاحب القلب السليم والباقي على الفطرة فيكون ﴿ أُسْوَةٌ ﴾ للناس. و«المٌخْلِصْ» هو السالك على سبيل «المٌخْلَص».

﴿الصَّافَّات﴾: هن القائمات بأمّة النبي محمد(ص) على صف الوحدة العائلية والقطرية والعالمية، من «المٌخْلِصات» و «المٌخْلَصات». هُنَّ المؤهَّلات لولادة «المٌخْلَصين» من قادة العالم المعصومين.

﴿يَاسِين﴾: هو«الإنسان» باللغة العربية_السريانية. هو «الإنسان الخالص»، «العَبْد» دون شوائب شيطانية. هو النبي محمد(ص).

﴿آل يَاسِين﴾ (قراءة قالون و ورش) أو ﴿إِلۡ يَاسِينَ (قراءة حفص): هم ﴿ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَالهداة الذين يحققون المحمدية بالعَالَم أجْمَع.

﴿ٱلۡعَرَآءِ﴾: الخلو من كل ﴿أَمۡرٖ جَامِعٖ﴾. هو تدهور الاجتماعية. هو انعدام «الحِلم» وانعدام «المجادلة»[1] في الاجتماع. وهو نقيض صفة «الصف» و«الاصطفاف».

  1. مَنْ هُم المخلَصُون الذين نصطفُّ وراءهم؟

  «المُخْلَصُ» هو من ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (الصافات، 84). قلبُهُ «باق على الفطرة واستعداد صافٍ»[2]. وسلامته من «النقائص والآفات»[3] إذ يحافظ على عهد التوحيد الفطري. فكيف مرَّ من المُخْلِصِيّة إلى المُخْلَصِية؟

إن القلب السليم هو «الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سِواهُ»[4]، «وكل قلب فيه شرك أو شك فهو ساقط. وإنما أراد بالزهد في الدنيا لتفرّغ قلوبهم للآخرة»[5].

الإخلاص بتعريف عبد الله الأنصاري «تصفية العمل من كل شوب»[6]، أي «تنزيه العمل من أن يكون لغير الله فيه نصيب»[7]. يقول الله تعالى: ﴿ أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ (الزمر، 3).

ويعرّف سيدنا روح الله الموسوي «الدين الخالص» بأنه «نور القِدَم بعد اضمحلال الحدوث، في فيّاض نور عظمته ووحدانيته. فكان الله [تعالى] قد دعا عباده على سبيل التنبيه والإشارة نحو تخليص سرّه في الغير لدى توجّههم إليه»[8]. و«الدين الخالص» عند سيدنا ابن عربي يكون «من شوب الغيرية والأنانية، لأنك لفنائك فيه بالكلية فلا ذات لك ولا صفة ولا فِعْل ولا دين، وإلا لما خلُصَ الدين بالحقيقة فلا يكون لله»[9].

ويعلق السيد روح الله على تعريف ابن عربي بقوله: «فما دامت العبودية والغيرية والأنانية باقية، والعابد والمعبود والعبادة والإخلاص والدين حاضرا، يكون العمل مشوبًا بالغيرية والأنانية، وهذا شرك لدى أرباب القلوب». تلك هي المخلَصية.

وأمّا المخلِصية، فهي «الإبقاء على العمل حتى يَخْلُصَ»[10]، ويوضح الحديث الشريف كيفية الإبقاء على العمل بأن «يَصلُ الرجلُ بصلة، وينفق لله وحده لا شريك سرًّا»[11].

و«المُخْلِصية» مشروطة بمراقبة النفس «مثل الطبيب الرحيم والمرافق الرؤوف»[12]، لا يَغْفَلُ عنها؛ ومشروطة بتخليص النيّة من مَراتب الشرك، لأن النيّة هي «الإرادة الباعثة على العمل، وهي تتبع الغايات الأخيرة الدافعة نحو العمل، كما أن هذه الغايات تتبع الملكات النفسانية التي تشكل باطن ذات الإنسان وشاكلته»[13].

إذا صار حب النفس والأنانية مَلَكة وشاكِلةً، كانت الأعمال ذات المطالب الدنيوية أو الأخروية للنفس، فلا ترتفع. جاء في الحديث الشريف: «النيّة هي العمل». فعلينا أن نخرج من شاكلة النفس، أي بيتها العميقة لنهاجر إلى الحق، وهو معنى قوله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ﴾ (النساء، 100).

2_ من هن ﴿الصَّافَّات؟

«الصَّافُّ» هو الذي يَصُفُّ الناس حتى يكونوا ﴿صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ (سورة الصف، الآية 4). إنهن «المخلِصات» و«المخلَصات»، على طريق المجاهَدات الباطنية والمجاهَدات الاجتماعية حتى يكون الناس ذوي «قلب سليم»، داخلين ﴿ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾.

 ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾:(الصافات،1): أقسم بالقائمات بالوحدة الوطنية والوحدة العالمية. «صف الجيش: رتب صفوفه». والله هو «الصَّافّ» الحقيقي، هو الذي يجعلنا «صَافِّين» وهو المسبح الحقيقي، إذ ألهمنا التسبيح والإحساس بجماله، إذا فتحنا قلوبنا إليه أفواجًا: ﴿ وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلصَّآفُّونَ . وَإِنَّا لَنَحۡنُ ٱلۡمُسَبِّحُونَ﴾ (الصافات، 165_166). فالمسلمون الحقيقيون «صافّون على الأمر»، أي «مجتمعون عليه»، إذ ينبغي أن يكونوا في ﴿أَمْرٍ جَامِعٍ﴾ (النور، 62)، على قلب إنسان واحد.

﴿ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ﴾ (النور، 41): «باسطات أجنحتها». و«الطَّيْر» إشارة للروح المتحررة في السماء المحمدية. فالمسلمون ينبغي أن يكونوا أحرارا كالطير، مجاهدين للشرّ والنقص الداخليين والاجتماعيين في ﴿سَمَاءِ﴾ النبوّة والطهارة باسطين أجنحة الذلّ من الرحمة لآبائهم وأمهاتهم، وكذلك للمؤمنين: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الشعراء، 215) تواضعا، وتواصلاً، ومغفرة، وتحالما وتسامحا، وتبادلاً.

      ﴿وَالصَّافَّاتِ﴾: هن النساء «الصّافات». فلقد نبّه الله تعالى أزواج الرسول (ص) والمؤمنات عموما: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ (الأحزاب، 32). و«التبرج»هو: استغلال رأس المال الاجتماعي للتكبّر والاستغناء، وزرع الفتنة[14]. وستكون «الصّافّة» (نقيض «المتبرجة») من أزواج الرسول(ص) مستحقة للقسم بها لأنها ستكون قدوة للنّاس، وأهمّهن السيدة خديجة(ع). وقد أتتها الثروة من عدة مَصَارف عالمية (جدة، غزة، دمشق، أكسوم، صنعاء…)، ثم كان زواجها من أعظم الرجال على الإطلاق، فلم تستثمره لتجد زعامة قبَلية أو مِنطقية، أو فتنة بين المسلمين أو منافسة لزوجها العظيم(ص) على وَهْم قيادة…[15]. وقد كانت السيدة أم سلمة كذلك إذ اصطفت مع إمام زمانها وحاولت صفّ المسلمين معه، ودعت السيدة عائشة إلى عدم التبرج[16].

***

كلّ سورة تفسّر بعضها بعضًا، لأنها مسوَّرة، متجانسة، متناصحة الآيات. ولم نجد جمعًا مؤنَّثا سالما بهذه السورة، بعد آياتها الثلاث الأولى، سوى: ﴿وَعِندَهُمْ [ضِمْنَ آلِ بَيْتِهم] قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴿﴾ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾ (الصافات، 48 و49). فمَنْ هنّ ﴿ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴾ عند ﴿  عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ ﴾ (الصافات،40)؟!

و«المُخْلَصُون» ليسوا «المخلِصين»، فهم «خُلَّصُ المُخْلَصين»، أي قدوات المخلِصين، فهم النبي والأئمة المعصومون. فمن الواضح أن ﴿الصَّافَّاتِ﴾ هنَّ النساء المعصومات أو نحو ذلك المرافقات للمُخْلَصين:﴿وَعِندَهُمْ﴾ (الصافات، 48)، عِند ﴿الْمُخْلَصِينَ ﴾. ومن ﴿الصَّافَّاتِ﴾ السيدة فاطمة بنت محمد (ص)، التي كان ﴿ قَرِينٌ﴾ (الصافات، 51) من قرناء النبيّ (ص) وأصحابه يناوئها في دفاعها عن حق الإمام علي (ص) في رئاسة المسلمين دينيّا وسياسيّا، وحقها في وزارتهم معَاشيًّا (إدارة المال والسَّلّةِ الغذائية والحماية الاجتماعية): ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ [من الأصحاب]: إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴿﴾ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴿﴾ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ (الصافات، 51، 52 و53)، أي «هل تصدّق أنه ستقع إدانتنا لقاصرة الطرف، فاطمة (ع)؟!».

إنها تقصُرُ الطرف على الله تعالى، وعلى معصُوم عصرها (أو مَعْصُومِيه). وهي «بَيْضة» (و«البيضة» الفرد ليس له مثيل في الشرف السلوكي[17])، ولذلك هي معصومة عن الخروج عن فطرتها، أي «مكنونة» في كِنّ العصمة.

إنهن ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ ﴿﴾ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾ (الصافات،47، 48). فقد أصبحن نفوسًا مجرّدة، مطيعات لله ورسوله، قَصَرْن طَرْفهن الكَدْحي على حِكْمة رسول الله وخلفائه المعصومين (وهل هناك حِكمة بعد حِكمتهم؟!). وهُنَّ ﴿عِينٌ ﴾(الصافات، 47) لأن ذواتهن كلها عُيون «قاصِرة» على حِكمة رسول الله وخلفائه وإنسانيتهم.

هكذا السورة تفسّر نفسها بنفسها، فلا وجود لجمع مؤنث سالم فيها إلا في الآيات(مِنْ 1 إلى 4) و(مِنْ 48 إلى 49).

* ﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا  (الصافات،2): «الزجر» هو المنع والامتناع. فهو المجاهدة الباطنية من أجل تقوية مقومات التقوى والمناعة من الشيطنة، فالمقوم الوحدوي ضروري لصُنع والدة المعصوم. وكذلك المقوّم الطّهاري، التطهُّري باستمرار: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ [والصلاة تطهّر روحاني، أمّا الزكاة فهي تطهر ماليّ]. وَأَطِعْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ [مِنْ أجل ترسيخ «الاصطفاف»]. إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب، 33). ولقد «زجرت» السيدة أم سلمة السيدة عائشة التي أرادت «التبرج» ضد الصّف العلوي: «ويحكِ يا عائشة ! أعلى عليّ وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله تخرجين ، وقد بايعه المهاجرون والاَنصار ؟ إنّكِ سُدَّةُ رسول الله صلى الله عليه وآله بين أمته وحجابُكِ مضروبٌ على حرمته ، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه »[18].

* ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (الصافات،3): إنه الخطّ المماثل لمَطالب سورة الأحزاب، فبعد طلب الآية من المترشحات لولادة أهل البيت، بالمجاهدة على الوحدة الإسلامية والوحدة العالمية، ومطالبتها إيّاهن بالتطهر الدائم، نجدها تطالبهن في الآية الموالية بـ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ (الأحزاب، 34).

3_ الاصطفاف العالمي في الأسوة النوحية:

  نوحٌ «مُصْطَفٌ» مع وِحدة العالمين، أمّا أكثرية قومه فتميل إلى تقوقعها حول ذاتها دون ربط مصيرها بمصير العالَم، فيسخرون من بناء نوح لـ«سفينة العالَم»: ﴿ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِن قَومِهِ سَخِروا مِنهُ قالَ إِن تَسخَروا مِنّا فَإِنّا نَسخَرُ مِنكُم كَما تَسخَرونَ ﴾ (هود، 38). فهم على نقيض نوح (ع): ﴿ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴾ (الصافات، 79). فلا يمكن أن يكون السلام دون «اصطفاف» «العالمين». فلا سلام لنوح إلاّ في ﴿العَالَمِين﴾، فبدون ذلك الغرق: ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ﴾ (الصافات، 82).

ينبغي أن لا نعبد «ربًّا لطبقتنا» أو «ربًّا لجهتنا» أو«ربًّا لقُطْرِنا أو شعبنا»، بل يجب أن نعبد «ربًّا للعالمين». مُشكلةُ أهل عراقِ «الأب الرحيم» («إِبْ-رَاهيم») أنهم يعبدون ربًّا ينحتُونه: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ (الصافات، 95)، ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّـهِ تُرِيدُونَ ﴿٨٦ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الصافات، 86، 87). فيجب أن لا نتعبد بإسلام تختلقه «عزى» «القرين»، أو «مناة» أمانِيِّنا، بل يجب أن نتعبد ب﴿الدِّينُ الْخَالِصُ دين ﴿الْمُخْلَصِينَ ﴾ و ﴿الصَّافَّاتِ﴾.

  كما يجب أن يكون إيماننا مرتبطا بعَالَمي الحاضر والمستقبل معًا، فإبراهيم ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴾ (الصافات، 108)، وموسى وهارون: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ﴾ (الصافات، 119) وكذلك إلياس: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾ (الصافات، 129)، فكان عاقبه الأخير مهدي ﴿ الْآخِرِينَ ﴾، «يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا».

كان مع نوح ثلة من المؤمنين، ولم يكن معه بعض أهله فحسب، ولكن الجميع «ذريته» بحكم الأبوة الروحية. ولقد بقيت مثل تلك «الذرية» ومكاسبها المجَاهَدية: ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ(الصافات،77).

4_ اصطفاف إبراهيم بن تارح مع مصلحة الناس الحقيقية:

 ﴿ النُّجُومِ ﴾ هو مَصْدَر من «نَجَمَ»، أي صَعَد وطلع. فالنُّجُومُ هو الكَدْح ذو الهِمَّة العالية[19] :«لو تعلقت همّة المرء بما وراء العَرش لنَالَهُ». فلما كان الشاب إبراهيم بن تَارِح ذا نُجوم في نَظرته عرف أنه ﴿سَقِيمٌ ﴾ في هذا المجتمع القائم على الأنانيات: ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ﴿﴾ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ (الصافات، 88، 89). ورغم «إِبَانة» خطابه للبابليّين إلاّ أنهم ﴿ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ﴾ (الصافات، 90). ولقد عانى الإمام علي (ع) من وعظ قومه الذين أغلقوا قلوبهم حتى قال: « لقد ملأتم قلبي قيحا».

هُنا، نوّع الشاب «النَّاجِم» خطابه. فصَعَد المسرح. وأصبح يكلّم آلهة قومه أمامهم (فهو ليس مجنونا ليكلّم الآلهة وحده، وليس مؤمنا بها ليكلمها مختليا بها): ﴿ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ﴿﴾ مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ ﴿﴾ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ (الصافات، 91، 92 و93). هُنا «زَفُّوا»، أي فرحوا بزفاف الحقيقة تلتمع فيه: ﴿فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ﴾ (الصافات، 94)، فكان إقبالهم بعد تَوَليهم. فاستغلّ الفرصة، ليرتقي بخطابه لهم: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴿﴾ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ (الصافات، 95، 96). هُنا نَكَصُوا بتأثير من الملإ والكهنة: ﴿ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ﴾ (الصافات، 97). و«الجحيم» يمكن أن يكون سجنا من جدران أو إغراء مالي أو إغراب مَنْصِبي أو نفي.

5_ إسماعيل «يُفْدى» ليُسْتَبْقى ذرّية وأبوه للعالمين:

   أهم صفات «سَميع الإيلِ» (= مطيع الله تعالى) صفتان: الطاعة لـ«المخلَص» لا لـ«الشيطاني» و«الحِلْم». ولقد كان إسماعيل حليما مع سكان الحجاز والجزيرة العربية حتى استمالهم جميعا لعبادة الله الأوحد وتقديس الكعبة والحج إليها. و«الحِلْم» هو التسامح بين الشعوب وتعارفها.

فـ«الغلام الحليم» ضروريٌّ للعالَمِيّة الخيرية و«الغُلاَم»: هو الشاهد في سلسلة أهل بيتٍ معيَّنين[20]. فالمطلوب أن يكون قائد سفينة الإنقاذ العالمية، «غُلامًا حليمًا»(سورة الصافات، الآية101) و«غُلامًا عليمًا»( سورة الذاريات، الآية 28)، أي قائدا يجمع بين أديان الشعوب وتجاربها من أجل ﴿السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ (البقرة، 208)، أي من أجل السلام العالمي.

«الحِلْمُ» هو «الأناة والعقل»[21]، أي هو القدرة على ضبط النفس والتفاعل العاقل مع الناس، حتى إن كانوا غير عقلاء. وهو حسب القرآن الكريم، مشروط بـ«العلم»: ﴿وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمٗا﴾(الأحزاب،5)، ﴿وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٞ﴾(النساء،12)، ﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٞ﴾(الحج، 59)، ﴿إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ (هود، 87).

والثمرة المباشرة للحلم هي المغفرة: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا﴾(الإسراء، 44)، (فاطر، 41).

لم يكن لإبراهيم بن تارح أن ينجب «غلاما حليما» إذا لم يكن هو نفسه «حليما» ﴿ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٞ مُّنِيبٞ (هود، 75)، إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ (التوبة،114). وقد بين الله تعالى دليلا على حِلْم إبراهيم، بأنه كان « كثير التأوّه من ضلال الناس، منيبا عائدا إلى قومه الضالين باستمرار، يعمل على صرف العذاب عن قوم لوط_عبر الحوار مع الملائكة_ لعلهم يملكون فرصة أخرى للإيمان والعودة إلى الله»، وكذلك فعل بدليل استغفاره لعمه آزر الذي تبناه فأصبح أباه[22]. ولقد قال الإمام الرضا(ع): «لا يكون المرء عابداً حتى يكون حليما».

ومما يحمل على اتخاذ الحِلم: رحمة الجُهَّال، فيقدّر العاقل ضرورة الصلح، وفي ذلك ثوابٌ عظيم. كما أن العفو عند المقدرة يتألف العدوّ ويهيئه للعودة إلى عقله وإلى «الصف المرصوص». والحِلْم يجعل الإنسان لا يغضب، فيحافظ على نفسه وجسده من الغضب. أما إذا كان الخصم ذا قوة اجتماعية أو جسدية، فإن الحلم دافعٌ لإمكانية الأذى. وإذا كان شيخا، أو صديقا سابقا أو مُحسناً سابقا، فإن الحلم_هنا_ من ضرورات الإنسان العاقل الذي يرعى الجميل. وربما كان الحلم موفرا لمهلة التفكير في حسن الرد، حتى لا نقوم بردّ متسرّع.

من فوائد الحلم أنه «زينة» اجتماعية، كما لاحظ الإمام الحسين(ع). وهو يزيد حجم العقل فينا: «الحِلْم غطاء ساتر، والعقل حسام باتر. فاستر خلل خُلُقك بحِلمك، وقاتل هواك بعقلك، الحلم تمام العقل» (الإمام علي (ع)). وهو جالب للرئاسة وحب الناس: «الحلم رأس الرئاسة، «الحلم عشيرة»، «لا عزَّ أنفع من الحلم»، «من حَلُم سَادَ» (الإمام علي(ع)). وهو فرصة للتسالم: «السلم ثمرة الحلم» (الإمام علي(ع)). وهو أرضية الانتصار المستقبلي: «يظفر من يحلم» (الإمام الصادق(ع))، «بالحلم تكثر الأنصار»، «بالحلم على السفيه تكثر الأنصار عليه» (الإمام علي(ع)). وهو يرفع من المكانة الاجتماعية للحليم: «فأما الحلم فمِنْهُ (…) رفْع الخساسة» (الرسول(ص)). وهو في النهاية «يؤمّن غضب الجبار» (الرسول(ص))، ويؤمن استمرار حبَّه.

يكون الحلم بالتعلم والتدرب، أي «التَّحَلُّم»: «إن لم تكن حليما فتحَلَّمْ. فإنه قل من تشبه بقوم إلاّ أوشك أن يكون منهم» (الإمام علي(ع)). والابتسام، والتمهل (عدم التسرع) هما المعلمان الأساسيان لكي يصبح الحِلم مَلَكَةً: « بَسْطُ الوَجْه زينة الحِلْم» (الرسول(ص))، «الحِلْم والأناة توأمان، ينتجهما علوَّ الهمَّة» (الإمام علي(ع)).

6_ يونس بين «الاصطفاف» مع الناس و«العراء» الحُوتِي:

  إن الانتماء الاجتماعي غير الحامل للصبر هو انتماء «الشَّحْن» الكمِّي، لا الانتماء الكيفي: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿﴾ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿﴾ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴾ (الصافات، 139، 140 و141).

لقد نفد صبر يونس(عليه السلام) من قومه، وظن أن إيمانهم مستحيل من خلال قرائن غير يقينية، ف﴿أَبَقَدون وعي ﴿إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فردانيةً و«حوتيةً»، ﴿فَسَاهَمَأي شارك آنئذ_وهو لا يدري_ في «دحض» الكدح الإنساني نحو الله تعالى و«قرية»، الوراثة الصالحة.

إن«الحُوتِيَّة» هو «اللَّبْثُ» المفرط في ﴿ الْحُوت (سورة الصافات، الآية 142)، وهو «استيلاء صفات النفس»[23] الأنانية  على الإنسان وغلبة الغضب والاحتجاب عن التواصل الاجتماعي ومجادلة الناس بالتي هي أحسن، والنكوص إلى حاجات الحياة الطبيعية حصرا. ﴿فَالْتَقَمَهُ «حوت الطبيعة السفلية في مقام النفس، وابتلي بالاجتنان في بطن حوت الرحم»[24]. ولم يرتق موسى بن عمران والفتى إلى مقام العبودية: ﴿عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَٰهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (سورة الكهف، الآية 65) إلا بنسيانهما للحوتية: ﴿نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾(سورة الكهف، الآية61). وذلك ما كان يريد النبي:﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾(سورة الكهف،الآية 64)، فأصبحت «الحُوتِيّة» ذائبة في «بَحْرِيّة» السالك/«السارب»، أي في كيانه الإنساني الأوسع الأبعد عن الشيطانية الباطنية والاجتماعية: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ (سورة الكهف، الآية61). فلقد كان البلوغ ﴿مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ﴾، ﴿مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ «في الصورة الحاضرة الجامعة ملتقى العالمين: عالم الروح وعالم الجسم»، وهما «العذب والأجاج في صورة الإنسانية ومقام القلب»[25]. فالبحران يجب أن نجدهما ﴿يَلْتَقِيَانِ﴾ (الرحمان، الآية 19)، حتى ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾« بتركيبهما والتقائهما لؤلؤ العلوم الكلية ومرجان العلوم الجزئية، أي: لؤلؤ الحقائق والمعارف ومرجان العلوم النافعة كالأخلاق والشرائع»[26]. فإذا كان بلوغ «المَجْمَع» أصبح البحران بحرا واحدا: ﴿فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾.

فلقد عاد جنينا، معيدا ولادته داخل «الحُوتِيّة» حتى لَفَظَتْهُ من جديد، إلى الحياة الاجتماعية، أي إلى «اليقطينية»، من «العراء» أي الخلو من الكدح الاجتماعي_ الجهادي إلى أن أنبت الله تعالى عَلَيْهِ ﴿شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ.[ومن ثمة] وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (سورة الصافات، الآيتان146_147). و«اليقطينية» هي المدى الاجتماعي الذي يغطي الفرد، فيجعله غير فرداني لا تغلب عليه «الحُوتِيّة» والأنانية. ولقد أصبح يونس(ع) ذا «يقطينية» تتجاوز ﴿مِئَةِ أَلْفٍ﴾، بل تنمو كميا وكيفيا باستمرار. فلم تكن «يقطينية» يونس نبتة، بل كانت ﴿شَجَرَةًمتنامية ذات «نجوم» متسارع، ﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾(سورة إبراهيم، الآية24).

     ولقد كانت الولادة الجديدة نتيجة تفطن يونس (ع) لضرورة أن لا ينظر إلى سلبيات قومه حصرا، بل أن ينظر إلى إيجابياتهم أكثر من سلبياتهم، وإذا كان مقامه أرقى سينظر إلى إيجابياتهم حصرا. وذلك هو معنى «التسبيح» أي النظر في ما خلق الله من جمال فقط: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ(سورة الصافات، الآيتان143_144).

     لم يظلم يونس(ع) قومه، ولكنه ظلم نفسه إذ حرمها من لذة التواصل مع الآخرين الذين هم من نفسه، وحرمها من لذة الصبر على تربية أهله: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا [إذ فقد حِلمه] فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ. فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ[ فاكتشف إيجابيات قومه التي كانت غائبة عليه] إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾(سورة الأنبياء، الآية 87).

7_ بين «سُقْم» يُونس(ع) وسقم إبراهيم بن تارح(ع):

«السُّقْم» لدى يونس(ع) نتيجة للانفصال الاجتماعي. أما «سُقْم» إبراهيم بن تَارِح فكان نتيجة «نُجُومه»، أي همّته في الحرص على صالح الناس أكثر من أنفسهم حتى نبذوه  ثم عزموا على أعدامه ثم نفوه.

   إن سُقْم النفس الاجتماعية- الإبراهيمية (النفس الأبوية الرحيمية)، ناجم عن «قلب سليم»، فـ«المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم»، ولقد صَبر محمد بن عبد الله (ص) حتى كاد يميت نفسه الشريفة لاجتهاده المفرط في طلب هدايتهم ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ (فاطر، 8)، ﴿ فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفسَكَ عَلى آثارِهِم إِن لَم يُؤمِنوا بِهـذَا الحَديثِ أَسَفًا ﴾ (الكهف، 6). وذلك هو مِصْدَاق تطبيق النبي (ص) لأمر الله تعالى: ﴿ فَاصفَحِ الصَّفحَ الجَميلَ﴾ (الحجر، 85)، ﴿ فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ ﴾ (طه، 130).

 إن ﴿ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ﴾ (الصافات، 146)، هي شجرة الاجتماعيةِ والتواصل والحِلم (= التسامح) التي تغطي ساق «الحِلْم» (الساق الوحيدة المطلوبة في التربية السليمة). هنالك «يرسلنا» الله (= يجعلنا نرسل) ﴿ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ ﴾ بالأدنى، أو ﴿ يَزِيدُونَ ﴾ أي ملايين.

  إن «سُقْم» يُونس بن مَتّى نتيجة نبذه هو لمجتمعه وعدم صبره عليه، أما «سُقْم» كل «أب رحيم» من تولّى الناس عنه: «لقد ملأتم قلبي قيحًا»، كما قال الإمام علي (ع). ف«سُقْم» يونس بن متَّى نتيجة عدم إيصال صَبْره إلى نهاياته. فالنبي وقد كان من «شيعة» إبراهيم، أي من شيعة ملته القائمة على الحِلْم الدعوي: ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ (الصافات، 83)، لا حق له في الانفصال الاجتماعي إلا إذا أمره الإله بذلك. فنبْذ المجتمع (بتعلة انحرافه) يعني «سُقْم» «العراءِ»، لا «سُقْم» «النجومِ»(=الكدح الاجتماعي الذي يعني قوس الصعود الإلهي): ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ (الصافات، 145).

8_ النبيّ محمد (ص) رسول العالَمين ومستوعِبُ كل الرسالات:

﴿وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴿﴾ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ (الصافات، 36 و37) [استَوْعَب كلَّ المرسلين وكلَّ رسالاتهم] [فهو عالَمِيٌّ أكثر منهم] ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الصافات، 182). فلقد كانت العالمية المحمدية تحقيقا كدحيا لعالمية الرب الحليم تعالى، حتى يكون العالمين صفا واحدا ﴿صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ (سورة الصف، الآية 4).

كان كلّ العنصر الأخير بالسورة عنصرًا يتناول النبيّ الخاتِم / الخاتَم، بما هو كل الرسالات التي تناولتها السورة. فلم تكن تلك الرسالات الإلهية سوى تمارين جزئية على العالمية المحمدية.

 تَحصر سورة الصّافات إمكانية السلام العَالَمي بالسلام الباطني الذي يستوعب «آل ياسين»: (بقِراءتيْ قالون وورش وغيرهما)﴿سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ﴾ (الصافات، 130)، بعدمَا كانت السورة تحصر السلام العالمي في عهد نوح بنوحٍ وحده: ﴿سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ﴾ (الصافات، 79)، وبعدما كانت تحصُره في عهد الأب الرحيم العراقي – السوري (إبْ-رَاهيم) بإبراهيم حصرا: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ (الصافات، 109). و«الإلُّ» بقراءة حفص هو «القرابة» (﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ﴾(سورة الشورى، 43))، أي القربى الياسينية_المحمّدية. فـ«الآل» و «الإلُّ» شيء واحد.

 ذلك لأنّ «اليَاسين» الأكْمَل (أي «الإنسان» باللغة العربية- السريانية) هو محمد (ص) حَصْرًا، فإذا مات جسدا ولم يكن له ﴿آل، كان النقص في الرُّبوبية، وهذا مُحالٌ. فينبغي أن يكون له «آلٌ» مستمرّون بعده، يلائمون كل مرحلة إنسانية: ﴿سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ﴾ (بقراءتيْ قالُون و وَرْش، وغيرهما). فلما يقول الله تعالى ﴿ يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (سورة ياسين)، إنما يعني أن الإنسان «الخالص» هو محمد (ص) وهو مِن كل «مرسَل»، إذ هو المرسلون جميعا. وأما «صراطه المستقيم» فهو «آل ياسين» صراطا «مُخْلَصاً» «صافاً» للبشرية إلى يوم القيامة، بل إلى الخلود والفلاح.

وقد كان إسمه هنا «ياسين»، باللغة العربية- السّريانية، لأنّ مرسَل «الآل» المحمدي الأخير (محمد المهدي بن الحسن) تتجلّى عالميته، في سوريا الكبرى. قال جدّه الحسين عن بيت المقدس، المدينة السورية والعالمية المقدسة: « يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب بينهما ريحان، فيحشران الناس إلى تلك الصخرة في بيت المقدس. فتحبس في يمين الصخرة وتزلف الجنة للمتقين، وجهنم في يسار الصخرة في تخوم الأرضين، وفيها الفلق والسجين، فتفرق الخلائق من عند الصخرة…»[27]. فعلى الأرض السريانية سيكون انتصار المستضعفين المتحلقين حول ﴿إِلْ يَاسِينَ﴾ على الاستكبار العالمي المسنود بالرّبا الصهيوني.

وهكذا تعود سورة الصّافات (بذكرها لآل ياسين) إلى آياتها الثلاث الأولى. فمن المستحيل ميلاد الآل المحمدي، مقدّسًا عالَميّا بَعْد مقدَّس عالَمي، أي ﴿نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ﴾، دون « حُجور طابَتْ وأرحام طَهُرَتْ»، «تاليات» لبعضهن، الواحدة تتلو الأخرى. فلا يمكن أن نجد «الآل» «الصّافّين»، ﴿أَهْلَ الذِّكْرِ﴾، دون وجود  النساء ﴿الصَّافَّاتِ صَفًّا ﴿١﴾ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴿٢﴾ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (الصافات، الآيات 1، 2 و3)، مِن آمِنة بنت وهب(ع) وخديجة (ع) وفاطمة (ع) إلى السيدة نرجس(ع)، أمّهات وزوجات للقادة المعصومين المقتدى بهم. وقَدْ كُنَّ مِنْ كلّ ﴿الْعَالَمِينَ﴾: من العنصر العربي، والعنصر الزنجي_الإفريقي والعنصر التركي- الآسيوي، والعنصر الأمازيغي، والعنصر الأوروبي، أي من جميع القارّات (آسيا [وأمريكا جزء منها سُلاَليًّا]، وأوروبا، وإفريقيا).

   لقد رمى أهل الطائف النبي بالحجارة، وآذاه أهل مكة، ولكنه كان «حليما»، فقال: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»، ولم يطلب إطباق «الأخشبَين» على قريش. ولما حَلُم على المكيين في فتح مكة كثر أنصاره و«ظفر» وأسلم جل سكان الجزيرة العربية، وأصبحت سمعته في العالم أنه نبي حليم مسالم. ولقد سهلت قولته «اذهبوا فانتم الطلقاء» اجتثاث سلطة الأمويين بمكة والجزيرة العربية، فلقد كانت سياسة الحِلْم المحمدية مؤدية إلى رؤيته ﴿ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾. فلم يكن استرجاع الأمويين للسلطة مع معاوية نتيجة السياسة المحمدية، بل نتيجة السياسة العمرية والعثمانية.

9_ إلياسُ آلِ ياسين(عليهم السلام):

إلْيَاسُ أو إيليا هو التعبير الآرامي/ السرياني[28] عن «العليّ»، أي المرتِفع. وإذا اعتبرنا الألف الأولى في «آرام» والألف الأولى في إيليا تعويضا عن العين، تصبح «إيليا» «علي»، خاصة إذا اعتبرنا السين في «إلياس» دخيلة إغريقية. و«البَعْلُ» هو التعبير الآرَامي/ السرياني عن الزوج.

وهذان الاختياران القرآنيان مقصودان. فالتناول القرآني للإلياس و«البَعْل» متوجه للشاميين، أو لأمثالهم، الحائرين بين بَعْل ابنة بلادهم الكلبية، معاوية، أو بالأحرى رمز معاوية، وبين «إلياس» و «آل ياسين» (= إِلُّ ياسين) عامّةً وما يمثلونه من رمزيات: ﴿ أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾(سورة الصافات، الآية 125). ذلك «الأحسن» مطلقا الذي خلق «الحسن» و«الحسين» و«الإلياس» و«الياسين» عليهم السلام.

إنّ «إلياس» من مُرْسَلِي سيدنا محمد (ص)، مثلما أن سيدنا عيسى(ع) أرسَلَ 3 مُرْسَلِين إلى أنطاكية: ﴿ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ (ياسين، 14). ولقد كان إلياس(ع) والذين على صراطه واعظا حسنا من أجل هذا الصراط: ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ (الصافات، 124)، مؤكدا أن «البَعْل»  الذي اتخذوه يضع لهم حجابا بينهم وبين الله تعالى: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ (الصافات، 125)، مذكرا إياهم بإرثهم التوحيدي: ﴿ اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ[إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى بن عمران والمسيح]﴾ (الصافات، 126)، فلم يكن إلههم موضوعيا فحسب، بل كان ربّهم (أي مربيهم باختيارهم) أيضا.

ورغم تكذيب الأكثرية للإلياس(ع)، ومحاولة «البعل» وأتباع «البَعْل» اجتثاث عَقبه الطاهر كان بقاء ذلك العقب ليُصلح الله تعالى العالم بهم: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴿﴾ سَلَامٌ عَلَى آل يَاسِينَ﴾ (الصافات، 129 و130)[29]. فقد بقي علي(ع) ببقاء آله، وهم ﴿آل يَاسِينَ﴾، ولم تَبقَ ﴿شَجَرَةَ الزَّقُّومِ﴾ رغم أن أهم مؤسسيها «البَعْل» معاوية ذو عصبية كلبية شديدة.

وهذا السلام على آل ياسين سيشمل «المحسنين» أيضا نتيجة لحسنيتهم وحسينيّتهم، أي نتيجة أنهم ﴿مُحسِنونَ﴾ محسنون في سلوك صراط آل ياسين. فالله تعالى يقول: ﴿سَلَامٌ عَلَى آل يَاسِينَ ﴿﴾ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ (الصافات، 130، 131). وسيتحقق ذلك ناجزا في السلام العالمي الذي يملأ الأرض بفضل جهاد «آل ياسين» و«المحسنين» معهم.

10_ الاختيار بين آل ياسين وشجرة الزقوم:

   بِعَزْلِ «القرين» (الصافات، الآية 51) «البيضةَ المكنونةَ»(الصافات، الآية 49) عَرَّضَ نفسه وأمته إلى «العراء» و«السُقْم» الدائمَين.

  فلقد قمع الملأُ المغتصبُ للحكم «الصّافةَ» العظمى و زوجَها عليهما السلام، كما قُمع إبراهيمُ ابن تَارِح(ع) من قَبْلُ، إذْ قَايَضُوا «البيضةَ المكنونةَ» وآلَ ياسين بـ﴿شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ﴾ (الصافات، 62): ﴿أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾ (الصافات، 62)، فأنزلوا تلك الشجرة – دون محاسبة- على ولاية الشام، رغم أن «القرين» وأصحابه ﴿ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ [آباء الشجرة] ضَالِّينَ﴾ (الصافات، 69). فذلك التخيير كان تحقيقا تاريخيا من الأمة لشجرة الزقوم بعد أن كانت ممكنا.

 «الزَّقُّومِ» أصلا هو«اللقم الشديد والشرب المفرط»[30]. ولقد اشتهر معاوية بالإفراط في الأكل حتى دعا رسول الله(ص) عليه: «لا أشبع الله بطنه»[31]. أما باطنا، فـ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ (الصافات، 64). فهي التي أخرجَتْ المسلمين طيلة عقود، بل طيلة قرون، من جنة «الياسين» وآله ليُرْمَوْا في «جحيم» البعد عن العدالة الاجتماعية والسعادة الإنسانية. إنهم يجعلون لأنفسهم ﴿الْبَنُونَ﴾ (الصافات، 149)، محتقرين ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ كفاطمة(ع) وزينب بنت علي(ع) وزوجات الأئمة مضطهِدين لهنّ، ﴿الْبَنَاتُ﴾: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ (الصافات، 149).

إن ﴿شَجَرَةَ الزَّقُّومِ﴾، هي «شجرة النفس الخبيثة المحجوبة النَابتة في قعر جهنم الطبيعة»[32]. فهي من أصل «الجحيم» الأخلاقي: ﴿تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ﴾ (الصافات، 64)، مثلما أن الشجرة الأموية هي أصل «جحيم» الأمة الإسلامية طيلة قرون عديدة حتى «جحيم» الإمبريالية والصهيونية.

    ولـ﴿شَجَرَةَ الزَّقُّومِ﴾، رؤوس شيطانية إذ «تنشأ منها الدواعي المُهلكة والنوازع المردية الباعثة على الأفعال القبيحة والأعمال السيئة. فتلك أصول الشيطنة ومبادئ الشرور المفسدة، فكانت رؤوس الشياطين»[33]: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ (الصافات، 65). إن أصلها في التاريخ الإسلامي من الحجاز، إذ لو لم تكن كذلك لما كان إسمها القرآني حجازيا: «الزّقّوم». ولقد كان طلعها رؤوسًا شيطانية، سُفيانية، فكان رأساها الأوّلان (بل كل رؤوسها الأولى) «بَعْلين» مصاهرين للشاميين من أجل تعبئتهم (ولم ينجحوا في ذلك مع جميعهم). فقاوم رأسُهُم «الزّقّوميُّ» الأوّلُ «إلياسَ» عليه السلام، ثم قتل الحسنَ عليه السلام، بينما قتل رأسُهم الثاني الحسينَ عليه السلام.

فلقد سعت شجرة الزقوم إلى اجتثاث «شجرة» «آل ياسين»، و ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(القصص، الآية37).

* التماثل بين سورة الصّافات وسورة الأحزاب:

 

سورة الأحزاب سورة الصّافات
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ (الأحزاب، 32) ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾(الصافات، 1)
﴿وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ وَأَطِعْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ (الأحزاب، 33).

 

﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴾ (الصافات،2)
﴿َواذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ وَالْحِكْمَةِ﴾(الأحزاب، 34) ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ (الصافات،3)
﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ (الأحزاب، 34) ﴿ إِنَّ إِلَـهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴿﴾ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾ (الصافات، 4 و5)

إنّ الله كان ﴿ لَطِيفًا﴾ بكل شيء (الأحزاب،34)، أي هو ﴿رَّبُّ [مربّي] السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [الإنسان] وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴾ (الصافات، 5). فأي «ربّ» [مربٍّ]، ينبغي أن يكون خبيرًا بالنفس التي يربيها، لطيفًا بها. فإذا كانت النفس مطيعة له، كان طبيعيّا أن تكون «صافَّةً»، «منزجرة» ذاتيّا، «تاليةً» باستمرار. فتلك النفوس المتطهرة، إنما هي نفوس مستسلمة لتربية ﴿رَبُّ العَالَمِين﴾.

خاتمــــة:

  تؤكد سورة الصّافات عالَميّة الدين عند الله ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وقد كانت الرسل تمارين مَرْحلية على العالَمية واستيعاب ربوبية ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ومُنابذة القُطْرية والانحصارية المكانية والنَّسَبية والتّصَوُّرية.

وهي تجعل الـ«ياسين» (الإنسان الأكمل) وآلَهُ (صلّى الله على ياسين وآله[34]) هم تحَقق «السلام» الإنساني (= اليَاسِينيّ) العَالمي. ولذلك جعل دُعاءُ آلِ ياسين الإمام المهدي عليه السلام هو «آل ياسين» لانه هو بقيتهم وخلاصتهم و سرهم وجامعيتهم وأملهم العالمي: «سلام على آل يس، السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه، السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه».

 والسورة تؤكد أن هذا «الآل» «المخلَص»/ المخلِّص غير ممكن إلا بنساءٍ «صافّات»، «زاجرات»، «تاليات»، واحدة «تتلو» أخرى، مِنْ أجل إيلاد هذا الآل فَرْدًا، بعْد فَرْدٍ. وهن يستحْقِقْن القَسَم الإلهي والإنساني بهنّ، وتَقاسُم قِيَمِهنّ المُعَاهَدية، الصَّبْريَّة في يوميّاتنا من أجل أن نشارك (آل ياسين =إِل ياسين) في تثبيت «السلام العالمي». بل إن اجتماع «المخلِصين»، «المحسنين»، أيضا غير ممكن دون وجود «الصافات» «الزاجرات» «التاليات» للذِّكْرِ ولأهلِه.

  وواجبنا أن نكون من «المحسنين» «المتطهِّرين» على صراط الذين أنعم الله عليهم من «آل ياسين» ، لننال شرف المشاركة في تحقيق السلام «الإنساني»(= السلام «الياسيني»)، فنكون من «آل ياسين» معنويا: ﴿سَلاَمٌ على آلِ يَاسِينَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ (لصافات، 130_131).

 من ليلة 02 مارس   

إلى ليلة18 مارس (15 شعبان) 2022

[1]  انظر تدبرنا في سورة المجادلة.

[2]  ابن عربي، تفسير القرآن الكريم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2001، الجزء 2، ص 182.

[3]  م. س، ص 182. أيضا.

[4]  الموسوي (روح الله)، الأربعون حديثا، دار التعارف، بيروت، 2003، ص 375.

[5]  م. س، ص 375.

[6]  م. س، ص 377.

[7]  م. س، ص 377.

[8]  م. س، ص 377 أيضا.

[9]  م. س، ص 378.

[10]  حديث رواه روح الله الموسوي، م. س، ص 378.

[11]  م. س، ص 378.

[12]  م. س، ص 379.

[13]  م. س، ص 379.

[14]انظر تدبرنا في سورة الأحزاب.

[15]  انظر المغربي(نعمان)، « (خديجة بنت خويلد عليها السلام) من الحُجون إلى القصر القصبي وحدائقه الغناء… »، المحور العربي، رمضان 2020.

[16]راجع رسائل السيدة أم سلمة إلى السيدة عائشة في بلاغات النساء .

[17]  ابن منظور، لسان العرب، دار الفكر، بيروت، 1997، ص127.

[18]انظر: ابن طيفور، بلاغات النساء.

[19]  قال ابن منظور: «نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم، بالضم، نُجوماً: طَلَعَ وظهر. ونَجَمَ النباتُ والنابُ والقَرْنُ والكوكبُ وغيرُ ذلك…»، لسان العرب، باب الميم (وانظر تدبرنا في سورة النجم).

[20]  … راجع: نعمان المغربي، «تدبر في سورة الكهف».

[21]  … راجع: نعمان المغربي، «تدبر في سورة الكهف».

[22]  التسخيري(م.ع) والنعماني(م.س)، المختصر المفيد في تفسير القرآن المجيد، ص231.

[23]  ابن عربي، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص174.

[24]  ابن عربي، تفسير القرآن العظيم، ج2، ص343.

[25]  ابن عربي، تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة الكهف(انظر تدبرنا في سورة الكهف).

[26]  ابن عربي، م.س.

[27]  الحرّاني، تُحفُ العقول، دار الأعلمي، بيروت، 1989، ص 173.

[28]  اللغتان الآرامية (الآرابية، العربية) هو السريانية هما لغتان عربيتان.

[29]  هذه رواية ورش وقالون. وفي رواية حفص نجد: ﴿إِلْ يَاسِينَ﴾ ، أي آل ياسين، بمعنى قرابته (المطهّرة تطهيرًا).

[30]  الطّريحي، مجمع البحرين، دار الهلال، بيروت، 1985، ص 79.

[31]  رواه مسلم بن الحجاج.

[32]  ابن عربي، م.م.

[33]  م. س، ص 379.

[34]  راجع زيارة «آل ياسين».

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023