يبدأ الميثاق الإبراهيمي المشترك في نسخته التونسية ( كما في نسخته الإماراتية ) بتزييف وعي الشعوب و تزييف واقع المعركة،فمشكلة التونسيين و العرب و المسلمين هي وجود نزعات التعصب،و بمجرد الخروج من نزعات التعصب و ترسيخ ثقافة التعايش نكون قد تجاوزنا مشاكلنا،
بينما يعرف الجميع أن المشكلة في وجود برامج متنوعة للاحتلال الصهيوني و الأمريكي في منطقتنا،و أن التعصب نفسه هو نتيجة برامج اشتغلت عليها الإدارة الأمريكية و الصهيونية،
و كما صرح وزير الشؤون الدينية التونسي الأسبق( عبد الجليل سالم) و أكد أن مملكة السعودية هي التي تغذي التطرف و التكفير و الإرهاب وسط الأمة الإسلامية،
إن تصوير الواقع على أنه تعصب في مواجهة اعتدال،يخفي نهائيا العدو الحقيقي،و يغطّي عن الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية و أدواتها المختلفة في أمتنا،
فالحقيقة أن الإنسانية عرفت في تاريخها المعاصر خاصة تجارب مريرة مع قوى الاستكبار العالمي و الإمبريالية و قدمت ملايين الشهداء في هذه المواجهة الدامية و الممتدة في مختلف البلدان و القارات، و الإحتلال الإسباني أو البرتغالي أو البريطاني أو الفرنسي أو الإيطالي و آخرهم الاحتلال الص_هيوني و الأمريكي لم يكن لهم أي علاقة بالتعصب و الاعتدال،
إن ملايين الشهداء رحلوا دفاعا عن وطنهم و أرضهم في مواجهة المحتلين الظالمين،
و غالبية ظواهر التعصب انما نمت و توسعت في الأمة الإسلامية بسبب برامج ممنهجة اشتغل عليها المحتلون بهدف تشتيت قوى المقا_ومة المختلفة،على قاعدة فرّق تسُد،
إن عنوان التعايش المشترك الإبراهيمي الذي يجمع المسلمين مع اليهود و المسيحيين، يسعى إلى إلغاء مفهوم العدو الصهي_وني من وعي الأمة و من التداول و استبدال ذلك بمفهوم التعايش مع العدو على قاعدة المشتركات الدينية ،
إن الميثاق الإبراهيمي يجب أن يكون ابراهيميا صادقا جوهره رسالة النبي إبراهيم عليه السلام وهي تحطيم الأصنام، و الثورة ضد جميع الظالمين،هكذا كانت سيرة أب الأنبياء عليهم السلام، أن يحمل معولا و ينهال على رموز الكفر و الظلم فيحطمها،و يتحمل مختلف أشكال المعاناة لأجل تحرير الناس من قوى التخلف و الهيمنة،و لا يخشى في ذلك لومة لائم أو عتب عاتب أو تحذير متغطرس ظالم،
كان النبي إبراهيم عليه السلام رمز التوحيد و العدل و المقا_ومة،
فإذا به يتحول عند جماعة التعايش إلى رمز التنازل عن الثوابت و القبول بالأكاذيب و الرضا بمظلة الشيطان الأكبر الأمريكي و الص_هيوني.
تحدث القرآن الكريم كثيرا عن صلابة النبي إبراهيم عليه السلام و عن خلقه العظيم و عن إخلاصه الكبير لله و عن صبره و عن قوته في مواجهة الظالمين ، وقف وحيدا في مواجهة عائلته القريبة و قومه فلم يتردد لحظةِ في إعلان الحقيقة و تثبيت الهوية الإسلامية الحقيقية ، هوية التوحيد و العدل و الحقيقة،
بسم الله الرحمان الرحيم :
“” وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ * قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ * قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ *
وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ * قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ * قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ *
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عابدين “
الوسومالحرب الناعمة تلاعب بالعقول صلاح المصري
شاهد أيضاً
الإعلام هذا البوق الخطير… بقلم محمد الرصافي المقداد
إنّ أخطر الأسلحة التي يستعملها أعداء الإسلام منذ أن ملكوا تقنية الاتصالات، هي الاعلام وما …