#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
المشهد السياسي في تونس اليوم وإن كان ظاهره ديمقراطيا فإن باطنه ينبئ على صراع سياسي بامتياز. حساباته بعيدة كل البعد عن الإصلاح و مصلحة الوطن ، لا شك وان تكاليف التجاذبات و المهاترات السياسية ستكون باهضة جدا فضلا عن تعريض وحدة البلاد والعباد إلى المجهول ولا ننسى أن البلاد تمر بأزمة إقتصادية و سياسية و إجتماعية حادة .. و بالتالي إرباك المشهد السياسي و إستعمال صراع لي الذراع و أداة المساومة لا تخلف سوى الأحقاد والكراهية ويكبد البلاد المزيد من الفوضى واللااستقرار..
الوضع الراهن علينا ان نبحث عن السيناريو الذي يمكن أن نخرج به من معركة لي الذراع أو كسر العظام الذي عاش على وقعها الشعب بين الأحزاب السياسية و النخب من هذه الأزمة الخانقة التي كادت أن تغرق السفينة التي يركبها الجميع و تدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه..
سيناريوهات متسارعة بعد ان رفضت حركة النهضة التوقيع على مبادرة تقدم بها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ تحت اسم “وثيقة التضامن والاستقرار” لتنقية الأجواء المشحونة داخل الائتلاف الحكومي، ما يكشف مناورات الحركة التي صعدت شروطها للتوقيع من الدعوة لتوسيع الائتلاف الحاكم إلى ضرورة تلازم المسارين البرلماني والحكومي و يبدو أن تصويت حركة الشعب مؤخرا لصالح عزل راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان التونسي أدى إلى تصعيد موقفها من الائتلاف الحاكم وذلك بعد رفضها التوقيع على مبادرة سياسية بإعتبار ان حركة الشعب شريك في الإئتلاف الحكومي..
مشهد سياسي معقد و ضباب كثيف يخيم على الإئتلاف الحكومي و يبدو انه صراع متداخل، وفيه شيء من المناكفات بين حركة النهضة و التيار الديموقراطي على عدة ملفات و أما أخطر النزاعات القائمة، فهو بين النهضة و حركة الشعب، وقد امتد بسرعة النار في الهشيم من صفحات الفايسبوك إلى وسائل الإعلام. وعلى الرغم من وساطات التهدئة كافة، فإن فتيل الأزمة لا يزال مشتعلا، في ظل التجاذبات الضيقة و قد يتصاعد الصراع فضلا وانه نابع من إيديولوجيات عميقة..ﺗﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻼﻋﻮﺩﺓ ﺑﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻐﺎﺩﺭﺓ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻼﺋﺘﻼﻑ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ ﺑﺸﺪﺓ.. و يبدو أن التجربة التونسية ستبقى دائما محل ضغط من عديد الأطراف الإقليمية والعربية بالأساس،و لا شك و ان من ضمن الإختلافات و التجاذبات الضيقة تتعلق بتصور هذه الأحزاب للموقع الجيواستراتيجي لتونس وتحالفاته في المنطقة من منطلق تقديرات مختلفة لطبيعة الصراع الذي يدور في المنطقة العربية المضطربة وأساسا في الجارة ليبيا الذي تحركه قوي خارجية “حرب بالوكالة” ..
ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ، ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳﻴﺲ، ﺑﻞ ﺿﻤﺎﻧﺎ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ و ﺗﻔﺎﺩيا الإضطرابات و المهاترات السياسية ﻗﺪ تضع ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﻣﺄﺯﻕ ﺟﺪﻳﺪ، ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺑﺎﺕ و بالتالي فإن ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺘﻬﺎ الإقتصادية ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﺣﺰﺍﻣﻬﺎ السياسي.. ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﺃﺯﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، و ﻫﺬﻩ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻬﺎ ﻭﺗﺤﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺗﻌﻬﺪﺍﺗﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻠﺤﻠﺔ ﺍﻻﺯﻣﺔ، ﻭﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﻭﺇﻧﻘﺎﺫ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ، ﻓﺎﻟﻮﺿﻊ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻮﻝ ﺗﻤﺲ ﻣﻌﻴﺸﺘﻪ ﻭﻋﻴﺸﻪ ﻭﻻ ﺗﻌﻨﻴﻪ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ التي هو في غنى عنها..
نحن نعيش في عالم صعب وفي ظروف صعبة وأصعب ما في هذا العالم الصراعات الإقليمية و كيف ستحافظ تونس على ثوابتها الدبلوماسية القائمة بالأساس على مبدإ الحياد الايجابي وعدم الإصطفاف والإنسياق وراء سياسة المحاور وذلك في خضم هذه المتاهة الليبية وفوضى التدخلات الأجنبية العسكرية والسياسية و ضروري جدا التضامن الداخلي و الإستقرار السياسي الذي بدوره يساعد على تنقية الأجواء التي قد تتأثر بالسجالات السياسية والصراعات الأيديولوجية التي لا تنفصل هي الأخرى عن حرب المحاور الإقليمية..
و يبقى السؤال مطروحا.. إلى أيــــــن و إلى متى بهذا التنافر السياسي في المشهد المعقد و المركب؟؟