ينتشر تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في معظم أقطار العالم، يتسيد ويخبو حسب المعطيات السياسية في كل قُطر. وليبيا بالطبع ليست استثناء، بل إنها من أوائل الدول التي انتشر فيها الفكر «الإخواني» منذ أربعينيات القرن الماضي، حين لجأ إليها ثلاثة مصريين تابعين للجماعة متهمين باغتيال وزير الداخلية المصري محمود فهمي النقراشي، ثم بدؤوا بنشر فكر الجماعة حينذاك.
وفي بادرة ليست بالمُستغربة أعلنت جماعة الإخوان المسلمين المتواجدة في ليبيا تحت مُسمى “العدالة والبناء” يوم الأحد الماضي عن حل نفسها وتحولها إلى جمعية “الإحياء والتجديد” في خطوة واضحة منهم للتهرب من السمعة السيئة التي طالتهم على مدار السنين. وزعمت جماعة الإخوان المسلمين أن السبب وراء هذا التغيير هو تكثيف الجهود للتحضير للإنتخابات الرئاسية المقبلة.
كما جاء ايضاً في بيان الجماعة أنها تعرضت خلال العشر سنوات التي تلت الإطاحة بالعقيد معمر القذافي إلى التشويه والتزوير بغية إقصائها عن مجتمعها، ونشر ظلال الشك حول أهدافها النبيلة وفق قولها.
هذا القرار يأتي للتحضير للخوض في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة فكيف للفكر العقائدي الإخواني أن يتحول من جماعة عقائدية إلى جمعية. والخوف كل الخوف أن تدَّعي لاحقاً بأنها جمعية خيرية تعمل لخير ليبيا والليبيين، في حال لم يفلح معها القناع الحضاري الذي تحدثت عنه في بيانها.
المراقب للأحداث ونهج تحركات جماعة الإخوان المسلمين التي إنبثق منها تنظيمي القاعدة وداعش يمكنه بكل بساطة إكتشاف أهداف هذا التغيير الخارجي في المُسمى.
ويرى عدد من المحللين السياسيين أن اسم “جماعة الإخوان المسلمين” أصبح عبئاً بعد تصنيفه في معظم الدول العربية كجماعة إرهابية، وان الجماعة تسعى لنفض عباءتها والإدعاء بتمسكهم بهويتهم الليبية. هذه الخطوة هي مناورة من تنظيم الإخوان لإثبات وجوده، بهدف التلاعب بعقول الناس والوصول إلى أهدافه بدعم دولي.
منذ نشأة هذا التنظيم وهو يتبع سياسة التلون حسب الحيثيات السياسية والإجتماعية في البيئة التي تحتضنه. الأمر الذي أكده أحد أعضاء الجمعية بنفسه. حيث نفى عضو مجلس إدارة جمعية “الإحياء والتجديد” عمر الوحيشي، حل الجماعة بشكل قطعي وان هذه الخطوة هي مجرد تغيير شكلي مع الحفاظ التام على معتقدات التنظيم داخل الجمعية.
واخيراً، من أحد الأسباب التي دفعت جماعة الأخوان في ليبيا إلى تغيير ثوبها هو تفادي الضغوطات الداخلية والخارجية، بالأخص بعد أن تم تضييق الخناق عليهم في تركيا التي تعتبر الداعم الأكبر للفكر الأخواني، والتقارب الذي حدث ويتطور بين انقرة والقاهرة.