الأحد , 17 نوفمبر 2024
Breaking News

تيار الاسلام المقاوم: ثقافة العمل الوطني المشترك…بقلم صلاح المصري

يعرض القرآن الكريم نماذج كثيرة لشراكة صادقة بين الأنبياء عليهم السلام والمختلفين معهم، بل يصل الحد أحيانآ الى علاقة تعاون كبير ومحبة عظيمة لم تضع قضية الإيمان شرطها الأساسي، وانما كانت الشراكة في خدمة الناس والدفاع عن المظلومين وحماية الحقوق.
ولعل أفضل نموذج لهذا المسار هو قصة يوسف عليه السلام مع ملك مصر.
حيث كانت انطلاقة النبي يوسف بعد خروجه من السجن وتولى الوزارة على اساس وظيفة اقتصادية وليست دينية.
و تطورت علاقته بمختلف مكونات الدولة والمجتمع ضمن هذا المسار.
و شكّل نجاحه الباهر في المهمة الاقتصادية مدخلا للتغيير الديني في المجتمع.
كما نجد في القرآن الكريم حديثا عن المستضعفين الذين يجب الدفاع عنهم بأقصى الجهود الممكنة، ( ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان)
و نجد آيات تتحدث عن البر والقسط مع غير المسلمين اذا توفر فيهم شرط التعايش السلمي.
(( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ))الممتحنة 8

-وحدة الأمة العربية والاسلامية

يعتبر تيار الاسلام المقاوم أن الصراع الفعلي والحقيقي الذي تعيشه الأمة الإسلامية وعموم المستضعفين في العالم انما يرتبط بمقاومة الاحتلال والاستكبار العالمي، ويتجسد هذا الاستكبار في الامبريالية الامريكية والحركة الصهيونية العالمية.
فالمعركة فعليا ليست دينية.
حيث يسهل على أي متابع ومتفحص أن يكون على يقين عبر ملاحظة العقود الاربع الماضية من الصراع مع المحتلين، أن العدو يطلب الثروات ويريد تثبيت الهيمنة ولا تهمه الحرية ولا تعنيه مطلقا المسائل الدينية.
إن قضايا الديمقراطية او الأقليات الدينية او الحقوق المدنية،  انما يحاول العدو ان يجعلها أدوات يتلاعب بها لاعادة انتاج الهيمنة أو لصناعة الفتن.
بينما تمثل مقولة الوحدة الاسلامية احد الاعمدة الاساسية لدى الاسلام المقاوم، وتفتح أمام أبنائه فرصة العمل المشترك مع جميع أبناء الأمة.
و تمكنهم من تجاوز صراعات الماضي القاتلة التي قامت على أبدية الصراع ، علماني، إسلامي او الصراع :إسلامي، يساري أو الصراع إسلامي، مسيحي.
فمقولة وحدة الامة الاسلامية تستفيد من النص القرآني الذي يؤسس السلوك الإيجابي تجاه الناس بقطع النظر عن انتمائهم.
و يؤكد القرآن الكريم على اعتبار الانسان بصفته قيمة اسلامية وأخلاقية،  هذا الإنسان يناضل من اجل حقوقه وغذائه وكسائه ودوائه،  وعلى كل مسلم أن يبذل جهده لأجل تلك الحقوق الانسانية الاساسية،
ان الواقع الاجتماعي والتاريخي لمنطقتنا يؤكد الفاعلية الكبرى للهوية الوطنية والهوية العربية والهوية الاسلامية.
و يؤكد مطلب التنمية والسيادة والازدهار المادي.
وهي مطالب مشتركة بين جميع أبناء الوطن والأمة.
و يفترض ان يكون هذا الواقع سببا حقيقيا في تنمية ثقافة الاتحاد والشراكة والتعاون.
و يفترض ان بكون الشعور بالمخاطر الكبرى التي تتهدد الوطن والأمة دافعا كبيرا نحو تأجيل التناقضات الثانوية والتركيز على الخطر ذي الصبغة الوجودية.

–قيامة الناس لأجل العدالة :

إن القران الكريم يفتح امام المؤمنين به، أبوابا واسعة للتعاون مع الجميع بصدق واخلاص لأجل المنافع الانسانية.
فالانتماء الى المظلومين والمستضعفين والكادحين هو حقيقة إيمانية أساسية.
وهذه الحقيقة توجب على المؤمنين ألا يخذلوا ضعيفا ولا مظلوما.
و توجب على المؤمنين بالقرآن أن يكون لهم موقف إيجابي تجاه قضايا الكادحين.
و يصبح العمل المشترك الوطني واجبا بهذا اللحاظ، حيث تكون مقدمة الواجب واجبة بالضرورة.
إن بعض الحركات الإسلامية بقدر ما حققت من منافع فانها ألحقت ضررا مفاهيميا للمؤمنين بالقرآن الكريم حيث فصلتهم عن أجزاء واسعة من الأمة وفصلتهم عن المستضعقين والمظلومين والكادحين.
تحتاج تجربة الحركات الإسلامية الى تقييم عميق من حيث نجاعتها وعمقها النظري ومدى توافقها مع أسلوب الانبياء عليهم السلام.
و قد دارت مناقشات كثيرة في بداية الثمانينات، حول حزب الأمة أو أمة الحزب.
و نظرا للظروف الأمنية والسياسية فقد اختارت الأغلبية من الحركيين الاسلاميين،  الاسلوب الحزبي في العمل.
و لكن من المهم التذكير بأن هذا الإختيار مرتبط أساسا بظروف الأمة وليس نابعا مباشرة من سيرة الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا ما يجعل المسالة بحاجة إلى تفادي محذور الانفصال عن الأمة وعن المظلومين والمستضعفين.

Check Also

نصيحة وتذكرة للشعوب الإسلامية…بقلم محمد الرصافي المقداد

أيها المسلم الساعي إلى الله، ما فائدة صلاتك التي تؤديها كل يوم، وقلبك منشغل عنها …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024