بكل ما تبقى لديها من قوة تضع أمريكا المنطقة على صفيح ساخن، دافعة بالأجواء السائدة إلى نقطة توتير غير مسبوقة، مستخدمة كل الوسائل والخيارات المتاحة، لديمومة الفوضى بما يعود عليها بفوائد, إذ يتواصل النعيق الأمريكي تجاه إيران لا لشيء سوى لإرضاخها وضمان تبعيتها لواشنطن ونيل رضاها بما يتبع ذلك لجم قوة إيران في المنطقة ولأن هذا لم ولن يتحقق، فالمسلسل الأمريكي التصعيدي تجاه إيران يظهر بحلقة جديدة عنوانها إرسال حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» ومجموعة السفن المرافقة لها وقوة من القاذفات إلى الشرق الأوسط في إطار التهديد الأمريكي لإيران.
الإجراء الأمريكي الجديد لا يندرج في إطار التحشيد لحرب عسكرية، بل يندرج في حقيقته في إطار الحرب النفسية والاستعراض إدراكاً من واشنطن بأن كل أساليبها حيال إيران فاشلة ولاسيما أن تصفير الصادرات النفطية لإيران لا يمكن تطبيقه بحرفيته، لذلك أمريكا بحاجة لمزيد من أوراق الضغط، وهي حرب نفسية لأنه مع الوجود العسكري الأمريكي في الخليج العربي وبحر العرب فإن حاملة الطائرات لن تحدث فرقاً في الحدث، والحديث عن حرب مقبلة فقط للتهويل وزيادة التوتير، فجميع الأطراف والقوى بما فيها الأمريكي ذاته تعمل على ضبط الإيقاع عند حد معين.
التهويل الأمريكي بأي هجوم محتمل من قبل إيران يعني أن مصانع السلاح الأمريكية بحاجة لإنعاش مستمر وواشنطن بحاجة لحلب المزيد من الأموال الخليجية عبر صفقات أسلحة عالية التكاليف تضمن من خلالها مشيخات النفط والغاز «الأمن والحماية» كما تزرع أمريكا في عقولهم التي لا يملكون التفكير بها إلا ما تريد واشنطن.
ما تقدم عليه أمريكا تجاه طهران يعني أنها تأخذ أي تهديد إيراني على محمل الجد وتعترف مواربة بقوة إيران وتتعامل معها على أساس هذه القوة التي يجب كسرها، في المقابل نجد لدى إيران أساليب جاهزة للمواجهة سواء مباشرة أو غير مباشرة فإذا خرقت واشنطن الاتفاق النووي فإيران تعود لاستئناف بعض نشاطاتها في منشآتها النووية، وإذا فرضت عليها عقوبات فالالتفاف عليها والبحث عن بدائل جاهز.
يبقى القول إن الذهاب لحرب مستبعد وإلا لما انتظرت واشنطن لليوم، والمتاح لها راهناً أوراق ضغط فقط.