منذ صباح الخميس الماضي وبعد الحادثة التي شهدها مجمع الشهيد احمدي روشن النووي ” نطنز”، تم تعبئة كافة وسائل الاعلام الصهيونية الرسمية والنيابية للايحاء بمسؤولية هذا الكيان عن الحادث واظهار القدرات التي يتمتع بها وعزيمته لوقف البرنامج النووي الايراني.
وسائل اعلام الانظمة السلطوية ذهبت الى ابعد من ذلك حين تجاوزت القصص الخيالية التي تم سردها بشان حادثة نطنز، لتنسب ايضا الاحداث العرضية الاخرى التي وقعت في بعض المناطق الى عناصر واجراءات الكيان الصهيوني. لكن مسؤولي الكيان الصهيوني تنصلوا عن تاييد هذه التكهنات الهوليوودية، لانهم كانوا يعلمون جيدا مدى زيفها وكذبها، ويعرفون ايضا بان ركوب موجة الاحداث هذه قد يكون لها تداعيات مدمرة على كيانهم الهش لا يحمد عقباها.
رغم ان مسؤولي الكيان الصهيوني لا يرغبون ابدا بتمثيل اي دور في السيناريوهات الهوليوودية آنفة الذكر، ولكن الامر المؤكد هو اننا لا يمكن ان نفترض بان الاجراءات والاجواء التي مهدت لها وسائل الاعلام الصهيونية وجيوشها النيابية مثل بي بي سي، ایران اینترنشنال، اذاعة فردا، وكالة رویترز و… كانت بمنأى عن ارادة وتخطيط مسؤولي هذا الكيان الغاصب.
خلال الستة ايام الماضية، بذلت وسائل الاعلام المناوئة لايران ما بوسعها للحصول على مؤشرات في تصريحات المسؤوليين الايرانيين وحتى وسائل الاعلام الايرانية تؤيد ولو في مستوياتها الدنيا، التوجه الاعلامي الذي طبل له الكيان الصهيوني، لكي تستطيع من خلال التركيز عليه وتضخيمه الحصول على تاييد داخلي لدعايتها الاعلامية.
ايران وخلال فترة قصيرة من الحادثة التي تعرضت لها منشأة نطنز أعلنت عن رأيها فيما يخص أسباب وقوع الحادث بشكل رسمي. المتحدث باسم المجلس الاعلى للامن القومي كيوان خسروي، صرح عصر الجمعة بعد يوم فقط من وقوع الحادث قائلا : لقد حددنا اسباب الحادث ولكن نظرا لبعض الاعتبارات الامنية سنكشف عنها في الوقت المناسب. رغم مضي ستة ايام على وقوع الحادث لم يصدر اي تصريح اخر من قبل المسؤولين الايرانيين بهذا الشان.
في هذا البين وبسبب فشل الكيان الصهيوني في اقناع الراي العام بدوره في هذه الحادثة عبر البروباغندا الاعلامية، بدا تمثيل المشهد الثاني من الخدعة السحرية التي انكشفت اسرارها للجميع في المشهد الاول، بظهور اذاعة بي بي سي البريطانية على المسرح مساء امس، من خلال نشر خبر مثير للاستغراب.
بي بي سي الفارسية نشرت مساء امس خبرا نقلا عن “مصادر خبرية اسرائيلية” مقربة من الاستخبارات الاسرائيلية “الموساد” اعلنت من خلاله بان الموساد تمكن من كشف واحباط مخطط ايراني لاستهداف السفارت الاسرائيلية في اوروبا ومناطق اخرى. القناة الـ12 الاسرائيلية قالت بان اسم الدول التي ادعى الموساد بان سفارات الكيان الصهيوني كان من المقرر ان تتعرض فيها للاستهداف، لن يتم الافصاح عنها لـ”اعتبارات امنية”.
صحيفة “تايمز اوف اسرائيل” الصهيونية كتبت نقلا عن تقرير الموساد بان الدافع للتخطيط لهذه العملية هو الاحباط الذي تشعر به الحكومة الايرانية بسبب سلسلة الحرائق والانفجارات التي شهدتها المراكز العسكرية والنووية الحساسة خلال الايام الاخيرة. وبحسب هذه الصحيفة فان المسؤولين الايرانيين يعتقدون بان “اسرائيل” متورطة في هذه الهجمات وان هدفهم كان الانتقام وتوجيه التحذير لـ”اسرائيل” من خلال استهداف المراكز الدبلوماسية الاسرائيلية في الدول الاخرى. طبعا وكما هو المعتاد فان المسؤولين الصهاينة تنصلوا عن ابداء اي راي فيما يخص هذه الهجمات او التقارير المنسوبة الى الموساد.
قناة بي بي سي ومن خلال نشرها لهذا الخبر الذي ينقل حادثة مهمة، ولكن “مصدرها ومحل وقوعها مجهولان ” خرقت القواعد والقوانين المهنية التي يجب ان تلتزم بها كل وسيلة اعلامية، واثارت تساؤلات كبيرة حول مصداقيتها.
لا يختلف اثنان بان اعداد وصياغة ونشر هذا الخبر يأتي في اطار استمرار السيناريو السابق، والذي يهدف الى الايحاء بان ايران تعتقد بوجود دور اسرائيلي في الاحداث الاخيرة، لاسيما حادثة نطنز، ونشر الخبر الكاذب بشان نية الجمهورية الاسلامية الايرانية استهداف سفارات الكيان الصهيوني في محختلف الدول يأتي في هذا الاطار.
استمرار تخبط الكيان الصهيوني للايحاء بقدراته الموهومة عبر النيل من مصداقية الوسائل الاعلامية التي تدعي الحيادية والمهنية، مؤشر على الضعف والهشاشة المفرطة لهذا الكيان، وبان زعماء “اسرائيل” يحاولون عبثا مواصلة مسرحياتهم البالية لتحقيق احلامهم الواهية.