غالبا ما تحدثنا أنفسنا عن أمور، طالما بقيت في داخلها طي الصمت والكتمان، درءا من سوء فهم، أو خطء في التقدير و الحسبان، وأحيانا أخرى لا تقدر على كبتها، إزاء ما هو ظاهر للعقل والعيان، حتى إذا دارت الأيام، لا تلبث أن تثبت على الأرض الوقائع والأحداث، ما كانت النفس دائما تتمناه أو تخشاه!
تقول الأخبار أن صفقة القرن قد اختمرت، وأنه لم يبقى على إعلانها، سوى التريث إلى حين أن ينتهي عميد الإرهاب الدولي، من تشكيل حكومته المزعومة على أرض فلسطين المغتصبة، و بينما تحاول الأطراف القائمة عليها، أن تصورها على أساس أنها الحل الأمكن، لما يطلقون عليه “النزاع” في الشرق الأوسط، إلا أن الوقائع على الأرض توحي إلى أن الصفقة، سوف تحاول أن تكون شاملة، بحيث لن تستثني سورية الكبرى بكل أقاليمها الطبيعية، تشارك فيها أنظمة العهر العربي، في الوقت اللذي لن تغفل فيه عن مصالح الآخرين من القوى الكبرى، التي بدورها لا تخفي مطامعها، الوصول والبقاء في المياه الدافئة، والحفاظ على علاقاتها مع “الشركاء” الإقليميين، وإلا فكيف يفسر لنا أحد، تسلسل الأحداث بدأ من تسليم بقايا قتيل صهيوني، يعقبه هجوم صاروخي في الشمال السوري، وإستمرار اللقاءات التي لم تثمر عن إلتزام الكاهن العثماني، في تعهداته بخصوص إدلب والشمال الشرقي، حتى عندما وصل الحصار كي يشمل حتى أدنى متطلبات الحياة اليومي، اللذي يثني عليه ويتباهى فيه بولتون الصهيوني، ناهيك عما تناقلته الأنباء عن إشتباكات عسكرية بين الروسي والإيراني، لم يصدر عن أي جهة مسؤولة تصريحا ينفيه؟!
لسنا أهل سياسة، ولكننا إذا جاز التعبير أصحاب حس وطني، وندرك أن كلامنا هذا قد يقرأه البعض على أنه تناقض، عما سبق وفي مكان آخر كنا عرضناه، حين دعونا إلى ضرورة السيطرة على إنفعالاتنا، حتى لا نسيء لأنفسنا أو للغير من حلفائنا، ولكنه من حق المرء وهو يصارح نفسه أقله، أن يتساءل: هل أن ذاك هو جزاء سنمار، حينما انتشلنا من كاد أن يلفه على الساحة الدولية النسيان، اللذي لا ننكر له بدورنا وقوفه إلى جانبنا، وفضله معنا في محاربة الإرهاب، اللذي لو تمكن لما اقتصر على سورية وهنا وهناك، بل كان عليه أن يواجهه في عقر الدار، وهل يفهم من الغزل السعودي الروسي، أن آل سلول قد غدو في لقاءاتهم مع الروس، الطرف اللذي من وراء الكواليس يمثل الأمريكان؟!
عناوين عريضة هي تلك تتصدرها الأخبار، وأخرى على الرغم من مغزاها تذيلتها، كما لو كان عن سابق عمد وإصرار، وبين هذا وذاك يقف الإنسان العربي من دونها حيران، في نفسه غصة وقلبه حسرة، وحال روحه تحدثه، ماذا دهاه هذا الزمان؟!
* فلسطيني واشنطن