حذاركم أن تصبحوا حقول تجارب لهم!!…بقلم د. أنور العقرباوي*

حذاركم أن تصبحوا حقول تجارب لهم!!…بقلم د. أنور العقرباوي*

لا يخفى على كل متابع إلى تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أنه لا ينقطع عن الترويج لأحد الأدوية المعروف بإسم هيدروكسي كلوروكوين (Hydroxychloroquin)، للقضاء على فيروس الكورونا، في الوقت نفسه الذي تتنافس فيه إدارته في سباق محموم مع شركات عالمية، من أجل تطوير لقاح لمكافحة الفيروس المذكور، بحيث يكون امتيازه حكرا بشكل حصري على بلاده!

بالتأكيد أن أكثر ما يسعد البشرية في هذه الأوقات العصيبة، هو في أن تتمكن أي جهة كانت في إيجاد العلاج الفعال، إلى حين أن يتم إنتاج اللقاح المناسب في الأمد القريب، وإن كان ذلك قد يستغرق أكثر من عام على أقل تقدير، إلا أنه من الملاحظ ذلك الإصرار من الرئيس الأمريكي. على الترويج للمركب المذكور أعلاه، على الرغم من إلحاح مستشاره الخبير في الأمراض السارية والمعدية، الدكتور انتوني فاوسي (Anthony Fauci) على التأني والتخفيف من وتيرة الحديث عن هذا الدواء، إلى حين أن تتم مراقبة ودراسة وجمع البيانات من قبل المختصين، بشأن تأثيراته ونتائجه على اللذين تلقوا العلاج سواء بسبب الإصابة بفيروس الكورونا (Corona Virus)، أو اللذين سبق لهم إستعماله في علاج الملاريا (Malaria) أو التهاب المفاصل الروماتيزمي (Rheumatoid Arthritis) أو الذئبة الحمامية الجهازية (Systemic Lupus Erythematosus)، وذلك قبل أن يتم إعتماده وتسجيله رسميا في معالجة المصابين بفيروس الكورونا، على الرغم من البدء في إستعماله في بعض البلدان، التي لم تقدم الدراسات المستفيضة أو البيانات الموثقة على تأثيره وسلامة إستعماله!

منظمة الصحة العالمية بدورها حذرت، من مغبة إعتماد العلاج المذكور رسميا، في غياب المعلومات السريرية الدقيقة عن الجرعات اللازمة ومدة المعالجة، خاصة لدى المرضى اللذين يعانون من الحالات الطبية المزمنة (الفشل الكلوي وأمراض الكبد) وغيرها!

كما هو معروف عن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب فإنه على الرغم من ضحالة فكره السياسي وإنحطاطه الأخلاقي والإجتماعي، إلا أن أحدا لا يمكنه أن ينكر عليه فضله في نهوض بلاده الإقتصادي، بغض النظر إن جاء ذلك النهوض نتيجة سياسات إقتصادية مدروسة، أو تراكم فقاعات وطفرات عابرة، إلا أن الشيء المؤكد أنها قد أسست له إرثا يحق له أن يعتد به لنفسه، كان أمله التعويل عليه إنجازا له حين حلول الإنتخابات القادمة، إلى أن حل مالم يكن في الحسبان الذي أفقده توازنه، وراح من أجل إنقاذ اقتصاده المتهاوي، تارة خبيرا في وصف العلاج المناسب للقضاء على خصمه اللامرئي، وتارة أخرى يبشر بقرب عودة الحياة إلى طبيعتها، والإقتصاد إلى توازنه، مع حلول عيد الفصح المجيد، وهو الذي يقودنا إلى التساؤل عن سر هذا التفاؤل، مالم نعود في ذاكرتنا ونستحضر من خلالها، تاريخ الحكومات الأمريكية وقواتها العسكرية ووكالة المخابرات المركزية، في توفير البيئة الملائمة والتمويل اللازم إلى البرامج البحثية البشرية السرية جدا، على التجارب اللاأخلاقية التي سبق وأن أجريت في مطلع القرن العشرين، ولم تتوانى في حينه عن حجب دواء البنسلين المكتشف حديثا، في معالجة 400 ذكر من الأقلية السوداء المصابين بداء الزهري في حينه، حتى يتمكن الباحثون من مراقبة ودراسة آثار الزهري على الإنسان مع مرور الزمن، الذي أدى في النهاية إلى وفاة العديد منهم، بينما أصيب الكثير من زوجات وأبناء الآخرين بالمرض نفسه أو مضاعفاته، حتى لا نعرج على تجاربهم الكثيرة في التعذيب، وأم القنابل والذرية من قبلها، وأخيرا وبالتأكيد ليس آخرا، الإبتزاز الحاصل من خلال فرض الحصار على الشعوب، حتى ترضخ لمطالبها وشروطها في التبعية لها ومخططاتها الجهنمية!

وفي الخلاصة، فإن الذي يحدونا إلى دق ناقوس الحيطة والحذر، هو أن لا تستباح شعوبنا حقولا لتجاربهم البيولوجية، كما استبيحت من قبل ولا تزال أوطاننا ميادينا في تجارب أسلحتهم العسكرية الفتاكة، التي إن فشلت فإنها ستكون نكسة لهم وعلينا، ولكن دون أن يعلم أو يدري بها أحد، وإن أفلحت يكون النجاح رصيدا لهم والخيبة من نصيبنا، إلا أن يكون إنعدام الثقة بهم هو الذي يسيطر على عقولنا، إلى حين أن تدحض نجاحاتهم طريقة تفكيرنا، ونستلهم الدرس منها!

 

* فلسطيني واشنطن

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023