حوار خاص وحصري مع رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع د. أحمد ويحمان

يبدو أن اتفاقية التطبيع التي أمضاها المغرب الأقصى مع كيان الاحتلال الصهيوني لها أبعاد أخطر وأشنع من مجرّد علاقات اعتراف وتبادل ديبلوماسي وما الى ذلك، فما يكشف عنه الدكتور أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، يوحي بمخططات تهدف لـ”أسرلة المغرب العربي” إن صح التعبير، وتحويل المنطقة المغاربية الى “إسرائيل بديلة” بعدما لاح بالكاشف أن عمر كيان الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة قارب على الإنتهاء بفعل المقاومة والممانعة التي تقض عليه أحلامه، وعليه فإن الدكتور ويحمان يدعو لليقظة والتحفّز لتضييق الخناق على محاولات العدو الخبيثة التغلغل والاندساس في المنطقة المغاربية واتخاذها “وطنا بديلا”…وهذا نص الحوار:

[] صلاح د. م: موقع المحور العربي

س1: رغم ان علاقته بالكيان الصهيوني قديمة، إلا أن سلطة المغرب لم يشهر عنها ويعلن عن تبادل تمثيليات ديبلوماسية بين الرباط وتل أبيب الا في ظل حكومة العدالة والتنمية الإخوانية، فهل يمكن اعتباره دليلا إضافيا على تواطؤ الإخوان المسلمين عموما مع المشروع الصهيوأمريكي وسعيهم المحموم للتمكن والسيطرة على دواليب الأقطار العربية ولو على حساب قضاياهم المركزية وثوابتهم؟؟

 

+ عندي رأي آخر في الموضوع ..

فالقسم الأكبر من إسلاميي المغرب الذي قبل الدخول في اللعبة السياسية كما هي مرسومة بالبنيات السائدة؛ أقصد حزب العدالة والتنمية، خلاف الحركات الإسلاماوية في عدد من الساحات، لغاية دقائق من توقيع الأمين العام لهذا الحزب، كان موقفهم من التطبيع واضح، و هو الرفض المطلق . و في الوقت الذي كان الفاعلون السياسيون في تونس، مثلا، ينادون بقانون لتجريم التطبيع، ويشكون من خذلان الفريق البرلماني التابع لحزب النهضة وتلكؤه ثم رفضه الدخول في هذه المبادرة .. في ذلك الوقت، لم يتردد فريق حزب العدالة والتنمية المغربي في التوقيع على مقترح قانون تجريم التطبيع الذي تقدمنا به كمرصد مغربي لمناهضة التطبيع ..لا بل كان أول الموقعين عليه..

هذا للتاريخ .. أما بعد توقيع الأمين العام للحزب، وهو من المؤسسين للمرصد، فإن هناك مكونات أساسية في الحزب عبرت عن رفضها المطلق للتطبيع وتبرأت من الاتفاق الموقع ونقصد جناح الحركة الدعوية؛ حركة التوحيد و الإصلاح، وهي أهم مكون من مكونات الحزب . وهناك أيضا شبيبة الحزب وهي من أهم مكونات الحزب كذلك، ورئيسها هو وزير في الحكومة ( وزير الشغل) محمد أمكراز الذي عبر بوضوح في تصريح له لقناة الميادين بأنه ضد التطبيع .

وإذن فالانتظار سيد الموقف في حسم الجهاز التقريري؛ المجلس الوطني (برلمان الحزب) في الخطوة التي أقدم عليها الأمين العام بتوقيعه الاتفاق .

نحن أدنا التوقيع .. وننتظر الموقف النهائي للحزب لكي نقدر الوضع على ضوء قرار المجلس الوطني .

هناك أيضا إصرار حزب العدالة والتنمية على ترديد أنه ليس من ” الإخوان المسلمين” و أن مجرد “الصداقة” والالتقاء على بعض المشتركات هي ما يربطها بتنظيمات الإخوان المسلمين وألا علاقة تنظيمية و عضوية تجمعها بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ..

هذه توضيحات تقتضيها الأمانة و الموضوعية، رغم خلافنا السياسي مع هذا الحزب الذي نستنكر ما أقدم عليه أمينه العام من توقيع على اتفاق العار مع المحتلين الصهاينة القتلة، و الذي ندعوه للتراجع و الاعتذار للشعب المغربي على ما بدر منه بقبوله و خضوعه للقرار المخزي .

 

[] صلاح د. م: س2:

تحدثت أنباء متواترة عن إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية على الأراضي المغربية قرب الحدود الجزائرية، مع توتر العلاقات بين الجزائر والإمارات، يضاف إلى ذلك التطبيع المغربي، وتصريح الوزير الأول الجزائري”العدو أصبح على حدودنا”, فكيف تنظرون إلى التطور السلبي في العلاقات بين الجزائر والمغرب ؟

 

للأسف كل شيء وارد .

و الذي يجب ان يعلمه الجميع في المغرب العربي الكبير هو أن المنطقة كلها اليوم في مهب الريح ..

الأمر خطير جدا .. و الذي نحن بصدده ليس حتى مجرد التطبيع المتعارف عليه بالمشرق العربي ..الأمر خطير و جدي ووجودي في المغرب العربي كله، وليس في المغرب الأقصى وحده .

إن ما يحضر لنا، و قد فصلنا ووثقنا لذلك في كتابنا الأخير *بيبيو ! الخراب على الباب* ، هو تقسيم الأقطار المغاربية إلى عدة دويلات و كيانات على أسس إثنية و عرقية و مناطقية رسمت لها خرائطها وصممتولها أعلامها ونظمت لبعضها أناشيدها الوطنية !!!

أدعو قراءكم للاطلاع على الكتاب، فسوف نضع طبعته الثانية بعد أيام، على الشبكة العنكبوتية .. و ندعوهم إلى سلسلة من مقالات مفصلة نشرناها، قبل أيام، عن هذا المخطط التخريبي الذي يوضع المغرب العربي و تم الشروع في تنفيذه منذ سنوات، و نحن اليوم في إحدى محطاته الأساسية بدخول الإعلان الرسمي لدخول المغرب نادي المطبعين .

الأمر ليس حتى تطبيعا على غرار التطبيع بالاردن و مصر مثلا، و إنما هو تحضير لنقل دولة إسرائيل إلى المغرب العربي، انطلاقا من المغرب الأقصى .

و يلزم كل مواطنات ومواطني المغرب العربي متابعات ” الأساطير الجديدة” التي يحضرون بها تأسيس ” إسرائيل الجديدة “..

ينبغي أن يتوقف الجميع عند معنى ” اكتشاف” أورشليم صغيرة” بجنوب المغرب !! و كذا اكتشاف قبور ما يسمى ” أنبياء اليهود” و أولياءهم بجنوب المغرب .. وما يصاحب كل ذلك من بروباغندا في وسائل الإعلام يوميا …

 

[] صلاح د. م: س 3

اقترن التطبيع مع العدو الصهيوني في المغرب الأقصى الشقيق بإعلان المحور الأمريكي الاعتراف الصحراء الغربية جزءا من المغرب الأقصى الشقيق، ما هو موقف الشعب المغربي و قواه الوطنية من هذه الصفقة ؟

 

الشعب المغربي يرفض و يدين هذه السقطة المدوية، رغم ان الجانب الرسمي نفسه يصر على الفصل بين القضيتين في بياناته.

الشعب المغربي يعتبر القضية الفلسطينية *قضيةوطنية* ..وبحت حناجره في المسيرات المليونية، التي ينظمها في مناسبات مرتبطة باستحقاقات لكفاح الشعب الفلسطيني العادل، و هو يردد شعار : فلسطين أمانة.. و التطبيع خيانة.

و هو ضد المشاريع الإستعمارية التفتيتية والانفصالات التي لا تخدم إلا هذه المشاريع .

و إذن بالنسبة للشعب المغربي فهو يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية شأنها شأن استكمال وحدته الترابية في الصحراء و في استحقاق تحرير مدينتي سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية . و يعتبر التفريط في اي منهما تفريطا في الأخرى؛ أي تفريطا في السيادة الوطنية .

 

[] صلاح د. م: س4:

أنتم ترأسون المرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع العدو الصهيوني، ما هو تقييمكم للشارع المغربي،هل يملك القدرة على إفشال هاته الاتفاقية، وفي الحد الأدنى إفشال محاولات التغلغل الصهيوني في النسيج المغربي: ثقافيا واقتصاديا ورياضيا؟

 

الهجمة كبيرة و ضارية، خصوصاً بعدما وصلوا لمرحلة اختطاف الدولة، و هي مرحلة توقعناهافي الكتاب حتى قبل حدوثها.. و لأن المطروح ليس مجرد تطبيع – كما أسلفنا – و إنما هو، جديا، إنهاء لكيان المغرب و المغرب العربي ككل لبناء “إسرائيل جديدة” .. و لأن وراء المشروع امريكا و الغرب، لاسيما بعد انسداد أفق استمرار الكيان بفلسطين بفضل المقاومة وصواريخها التي أصبحت تدك عمق الكيان و وصلت لتل أبيب نفسها … لكل تلك الاعتبارات، فإن الاستحقاق لم يعد استحقاق المرصد او أي حزب او اي نقابة او جمعية .. إنه ليس استحقاق الشعب المغربي وحده حتى .. و إنما هو استحقاق شعب المغرب العربي و الأمة كلها في الحقيقة .. و هواستحقاق كل احرار العالم .

إن انكماش الولايات المتحده الأمريكية وانسحابها من غرب آسيا، يراد و يعمل على أن يكون على حسابنا بالمغرب العربي .. و هو تحدي أمامها جميعاً .

الشعب المغربي لن يقبل بهذا ابدأ ..

و لكن الامر صعب و يهم الجميع .. و الرهان يقتضي بناء ميزان للقوى يكون في مستوى هذا التحدي الذي يقتضي مزيدا من وحدة الصف وسط كل القوى صاحبة المصلحة في مواجهة المشاريع الإستعمارية و الصهيونية التفتيتية بمنطقتنا.

 

[] صلاح د. م: س5

ترفع الحكومة المغربية و عموم المطبعين الجدد شعارا يحاول الجمع بين الدفاع عن الحق الفلسطيني و التطبيع مع العدو الصهيوني، كيف تنظرون إلى هذا المنطق السياسي،و ما مدى واقعية هذا الشعار؟

 

بالنسبة للحكومة هذا كلام لا معنى له التجأت إليه الحكومة لعلها بذلك تغطي بعض سوءاتها أمام الشعب التي تعرت بتوقيع اتفاق التطبيع مع كيان إجرامي يقتل يوميا في أشقائه و يدنس مقدساته و يسعى لهدمها، و هو ما لا يمكن أن يقبله هذا الشعب الأبي .

أما المطبعون فمنهم من يستفيد من عمالته للصهاينة و الدعاية لهم مقابل ما يناله من اعطيات و امتيازات و منهم من يطمع في الاستفادة على غرار من يراهم أمامه من المستفيدين .. و هؤلاء كلهم قلة قليلة لا قيمة لنسبتها إلى الشعب المغربي، رغم ما يتم فيهم من النفخ الإعلامي و الدعائي ( البروبغندا) لصنع المزاج و إعطاء الانطباع بأن هناك تيار داخل الشعب المغربي يقبل بالتطبيع، بل و يرحب و يطالب به!!

 

[] صلاح د. م: 6 –

كنتم في زيارة سابقة إلى تونس، وشاركتم في تأسيس المرصد المغاربي لمناهضة التطببع، كيف تقيمون واقع التعاون بين نشطاء المغرب العربي في مواجهة التطبيع، وما هي الآفاق المستقبلية لهذه الحركة في ظل الظروف الجديدة؟

 

نحن نسعى لحشد جهد كل المخلصين على مستوى المغرب العربي لعلنا نكون في مستوى الرواد الأوائل و نعيد أمجاد القادة الذين واجهوا الاستعمار من أجل حرية مغربنا العربي الكبير ..

تجربة المرصد المغاربي لمقاومة التطبيع و دعم المقاومة كانت طموحة و تتطلب جهدا إضافيا لانطلاقة جديدة يساهم فيها كل المخلصين، و من مختلف الاجتهادات الفكرية و السياسية .. لا يقصى منها إلا من أبى ..

و هو رهان يسائلنا جميعا في ظل التحديات الكبيرة و النوعية التي نحن بصددها .

نحييكم و ننتظر التحاقكم بجهد المرصد المغاربي، من موقعكم كإعلام شعبي ووطني وقومي وتحرري .. معني بهذه المعركة التي هي معركة الجميع .