الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

دول الغرب بمنظماته دائبون على تشويه إيران… بقلم محمد الرصافي المقداد

طبيعي أن تلقى إيران – وهي محكومة بنظام إسلامي برهن على جدارته – من العِداءِ والصّدود والتآمرِ عليها، من طرف أعدائها، من صهاينة ودول غربية متصهينة، بذلت جهودا كبيرة، من أجل أن لا يقوم للدين الخاتم قائمة، هؤلاء الأعداء أدركوا من سنوات خلت، أنه لم يعد بمقدورهم فعل شيء، من شأنه أن يُطيح بنظام وليّ الفقيه، فقد فاتهم رَكْبُ إسقاطه عندما كان في بداياته يشق طريقه، رغم ضراوة اغتيالات قياداته وتأثير فقدها، لكنّها أعمال إرهابية، رغم ضراوتها لم تنجح في كسر شوكة النظام وحاضنته، باءت هي وصنّاعها بالفشل الذريع، وزادت الساحة الداخلية في إيران تماسكا وصلابة.

 

ما يزعج أمريكا ودول الغرب اليوم، هو مشروع إيران الإسلامي، الذي تسعى للتعريف به، وجهودها المبذولة بصدق، من أجل مساعدة الشعوب الإسلامية في مسيرتها التنموية، وهي جهود صادقة، من شأنها أن تغيّر الفكرة المزيّفة الحاصلة لدى تلك الشعوب، والتي ألصقتها بها الدعاية الغربية المغرضة، في إطار تقديم إيران كدولة طائفية، تسعى إلى التوسّع والهيمنة على دول الجوار، خصوصا منها الدول العربية في الخليج الفارسي.

 

النظام القائم في إيران بحاضنته الشعبية الواسعة، جاء بمشروع إسلامي متكامل الأركان( سياسيا واقتصاديا واجتماعيا)، بدأ في ترسيخ أساساته وتثبيتها بين أوساطه، مباشرة بعد انتصار ثورته الإسلامية، بقيادة فقيه عالم بزمانه مجتهد ضمن أصوله، وتجربة ولاية الفقيه العادل، وإن كانت في مضمونها إسلامية بحتة، إلّا أنها بدت غريبة ليس على الغرب وحده، بل حتى لدى الدول المنسوبة للإسلام، والتي بعُدت شُقّتها على الإسلام آدابا وأحكاما، حتى أنّه لم يعد يربطها به سوى الإنتساب المعنوي فقط، وهي دول ذهبت في طريق التغرّب عن دينها، استدراجا من دول الغرب لها، ولأجل ذلك عاشت إيران غربة في نشأتها الجديدة بين شقيقاتها من الدّول الإسلامية، الذين كانوا أقرب إلى الغرب منها إلى دينها وأصولها.

 

اليوم وبعد كل هذه الإنجازات التي حققتها إيران على جميع المستويات، وبعد العجز الذي مُنيت به المنظومة الغربية في مواجهة إيران ثقافيا واقتصاديا عسكريا، لم يبق لها سوى مواصلة أسلوب الإساءة إليها، عبر منظمات حقوقية من صناعة منظومته، وتابعة له تمويلا وقرارات، تصدرها من حين لآخر، ظلما وعدوانا بحق إيران، وكل دولة أخرى تعتبرها أمريكا وحلفاءها من دول الغرب، خارجة عن طاعته مارقة من تبعيّته، فمنظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان، وحتى تلك التي تدّعي أنها غير حكومية ومحايدة مثل منظمة العفو الدولية، كلّها مجالس تأسّست لأجل خدمة الدول الغربية الكبرى ( أمريكا / بريطانيا / فرنسا)، في تشويه حقوق الدول الحرّة ومسارات شعوبها نحو التخلّص من التّبعيّة.

 

الغرب الذي يتشدّق بحماية حقوق الإنسان، ويصدر من سنة إلى أخرى تقاريره المزيفة، ليس سوى مدّعٍ ما ليس فيه، فهو بأكمله منظومة عنصرية، برهنت بتاريخها المليء بالتجاوزات والجرائم بحق الإنسانية، وكشفت لنا منذ طوفان الأقصى، أنها فاقدة للقيم الإنسانية، والإنسان الوحيد المعتبر عندها، هو الانسان الغربي المقيّد ببهتانها وزيف مدنيّتها، وكل ما رُميت به ايران ودول أخرى خارجة عن سيطرتها، من أجل تشويه صفتها الناصعة في مجال حقوق الإنسان.

 

جاء تشكيل لجنة تقصي الحقائق، حول انتهاكات مزعومة بحقوق الإنسان خاصة بإيران، بعد الإضطرابات الداخلية التي قادتها ودعمتها أمريكا وبريطانيا ودول السوق الأوروبية، وهي اضطرابات باءت بالفشل ومنيت بخيبة كبرى، خططت لها دول الغرب، لتكون بداية ثورة متحرّرة من أحكام الإسلام، استهدف تحريض المرأة الإيرانية، من أجل أن تقف ضدّ أحكام دينها في لباسها الشرعي، لكنّ الشعب الإيراني برجاله ونسائه الأوفياء لعهودهم في الالتزام بخيارهم الذي أجمعوا عليه في اختيار نظامهم، أفشلوا المؤامرة وأطفأوا نيران الفتنة الداخلية، ما دعا صنائع الغرب من منظمات دولية إلى تشكيل لجنة تحقيق، الهدف منها الخروج بتقرير يدين إيران بتصدّيها لعناصر الفتنة، ومحاسبتها لكل من أجرم بحق بلاده، وهذا مشروع لكل بلد في الدفاع عن خيارات شعبه.

 

وقد جاء تقرير اللجنة المشكلة في نوفمبر 2022 والتي ترأستها المحامية البنغالية (سارة حسين) موافقا لما كانت دول الغرب تؤمّله منها، في ادانة إيران بعد إخماد مؤامرة ما اطلقوا عليها، المظاهرات المطالبة بحريات المرأة الإيرانية في بيئتها، وهي مستهدفة الزيّ الإسلامي الواجب ارتداؤه، من طرف كل امرأة بلغت سن التكليف خارج بيتها، هذا الإلتزام الذي يحاربه الغرب في بلدانه، ويسعى من أجل زواله بين الجالية الإسلامية المهاجرة إليه.

 

تقرير مفبرك، يدّعي أن الأمن الإيراني قمع بعنف، مظاهرات سلمية في طهران ومدن أخرى، داعية الى التحرر من أحكام الإسلام، وإعطاء المرأة حرية كاملة في الخروج إلى الشوارع كما يحلو لها، إدّعى حصول قمع عنيف في إيران لتظاهرات سلمية وتمييز ضد النساء والفتيات، إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يرقى بعضها إلى “جرائم ضد الإنسانية” (1).

 

التقرير المسيّس والمفبرك ردّت عليه ايران بحزم وقوّة، فقد (أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن التقرير الصادر عما يسمى لجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن إيران والمليء بالادعاءات المتكررة التي لا أساس لها من الصحة متحيز وفاقد للشرعية القانونية ومرفوض جملةً وتفصيلاً. وأضاف: إن اللجنة المسماة بلجنة تقصي الحقائق الدولية بشأن إيران أظهرت من خلال تقريرها الأخير أنها تعمل وفقاً لأجندة مؤسسيها وتتقاضى أجرا منهم، وأثبتت أن آليات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أصبحت أداة لتحقيق الأهداف الخبيثة وغير القانونية لبعض الأنظمة.) (2)

 

أمّا أمين لجنة حقوق الإنسان التابعة للسلطة القضائية الإيرانية كاظم غريب أبادي فقد قال: إنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تعترف بما تسمى بلجنة تقصي الحقائق، التي تم تشكيلها في إطار عملية سياسية من قبل مجلس حقوق الإنسان، لقد أعلنا هذا الموقف صراحة، لأن إيران نفسها تتعامل بمسؤولية، مع الأحداث التي نجمت عن أعمال الشغب، التي شهدتها البلاد العام الماضي.

 

ففيما يعتبر الغرب بمنظماته المتحيّزة الدفاع عن مكتسبات الشعوب وسعيها لنيل حقوقها انحرافا وارهابا، تتغاضي دوله الاستعمارية عن انتهاكاتها بشأن حقوق الانسان على أراضيها، بإصدارها أحكاما تمنع المرأة المسلمة من ارتداء حجابها، في اجراءات تعسفية لم يسبق لها مثيل، تؤكّد مجدّدا أن المؤامرة لا تقف عند ايران وحدها، فهي تستهدف الإسلام الثوري المقاوم برمّته.

 

المراجع

 

1 – لجنة خبراء أمميين: قمع التظاهرات السلمية في إيران أدّى إلى “جرائم ضد الإنسانية” https://www.mc-doualiya.com/20240308-

2 – كنعاني: تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن إيران متحيز وفاقد للشرعية

https://sana.sy/?p=2055754

 

3 – إيران تؤكد عدم اعترافها بما تسمى لجنة تقصي الحقائق

 

https://nournews.ir/ar/news/167538/

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024