تكتسب زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية أهمية كبيرة، ليس لأنها أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني إلى دمشق منذ بداية الحرب الكونية، التي شنتها قوى الاستكبار العالمي بالتعاون مع الإرهاب الدولي، ليس لذلك فقط، وإنما لأن هذه الزيارة تأتي في ظروف إقليمية ودولية تتطلب المزيد من التنسيق والتشاور بين الدول والقوى التي وقفت بكل ثبات في وجه المخططات الأمريكية- الإسرائيلية، والتي تحاول شرذمة القوى الوطنية وتبديد قواها وإضعاف مقدرات شعوبها.
إن التعاون والتنسيق وتبادل الزيارات بين المسؤولين الإيرانيين والسوريين وحتى الوفود الشعبية لم تتوقف في يوم من الأيام رغم صعوبة الأوضاع الأمنية والعسكرية التي عاشتها سورية والمنطقة، وكذلك التواصل والتشاور اليومي بين القيادتين السورية والإيرانية والدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، الذي حظيت به سورية من الدول الصديقة وخاصة من إيران وروسيا، حيث كان لذلك نتائج ملموسة في جميع المعارك والمواجهات ضدّ قطعان الإرهابيين، وامتزج الدم الايراني مع الدم السوري في معظم المعارك وقدّم الأشقاء الإيرانيون المئات من الشهداء لنصرة الشعب السوري.
ولا بد من الإشارة إلى أن الشعب السوري لن ينسى أبداً أن حاملات النفط الإيرانية لم تنقطع عن موانئهم رغم العقوبات الأحادية التي فرضتها أمريكا والغرب على سورية وإيران، ولعل الجميع يتذكر حاملة النفط الايرانية التي احتجزتها سلطات جبل طارق (قبل ثلاث سنوات) بإيعاز أمريكي وحاولت تغيير مسارها بعيداً عن سورية لكنها لم تستطع ذلك وتم الإفراج عن الناقلة التي أفرغت حمولتها في الموانئ السورية، وما يقال عن حاملات النفط يمكن تعميمه على الأدوية والسلع الأساسية التي أصرت القيادة الإيرانية على تقاسمها مع الشعب السوري طيلة السنوات الماضية.
إن العلاقات السورية- الإيرانية علاقات استراتيجية لم ولن تستطع قوة في العالم أن تفصم عراها، خاصةً وأن هذه العلاقة ليست على حساب علاقات سورية مع الدول الشقيقة أو الصديقة، ولقد بذلت أمريكا ودول الغرب عامة كل ما تستطيع من قوة وبكل ماتملك من وسائل الضغط والتضليل الإعلامي والسياسي (لخلق عداء بين العرب وايران) ولتفرض “إسرائيل” كشريكٍ في تحقيق أمن الخليج، لكن مرور الأيام أثبت غير ذلك فكانت المصالحة الإيرانية- السعودية برعاية صينية، وتطبيع العلاقات بين البلدين تأكيدٌ على أن إيران بلد شقيق وصديق ويريد أفضل العلاقات مع محيطه العربي والإقليمي.
وبالتأكيد فإن زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية لها أبعاد سياسية واقتصادية ستصب في مصلحة الشعبين السوري والإيراني، كما ستصب في صالح شعوب المنطقة.
إننا في هذا الإيجاز لا نريد استباق الحدث التاريخي، بقدر ما نريد تأكيد الدور الإيجابي الذي لعبته وتلعبه إيران في مكافحة الإرهاب والوقوف مع القضايا المحقة لشعوب المنطقة، وفي تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي مع سورية، ومع محيطها العربي والإقليمي.