الأحد , 22 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

سبايكر…إبادة لا يمرّ عليها الزمن…بقلم د. علاء مصطفى

مع إطلالة الذكرى التاسعة لمذبحة سبايكر ومع التحليل العميق لارتكاب تلك المذبحة الرهيبة التي تفوق غيرها من الجرائم بحق مجتمعنا المسالم المتسم بعشق الحياة وبغض العنف، يجد أنها لم تأت بسياق منعزل عن مسلسل العنف الرهيب، بل استندت على إرث دموي عميق يسخف رؤية البعض ممن فسروها بطغيان ساعة، فمشهد العنف متلازم ولا يتفكك، بل تراكم تُمهّد كل حلقة فيه للاخرى، وما سبايكر الا جزء من مأساة بدأت من عام 2004 حيث ظهور تنظيم القاعدة وحلقاته البشعة التي بدأت بالاغتيال والتهجير والعبث بالإرث الحضاري وتشويه الوجه الانساني، بغية القضاء على كل من لا يعتنق الفكر الضال وتعطيل التنظيم الاجتماعي سعياً لاجتثاث وجوده.
مذبحة ارتُكبت بحق شباب عزّل لم يتموا مرحلة التدريب على السلاح وفنون الحرب، وكيفية تجنب فخاخ الخديعة، وفرز الأصالة المألوفة عن الزيف المقنع بعلامات الوجاهة والحظ والبخت، وراح ضحيتها أرواح بريئة تقارب الـ2000 تكاد صيحاتهم واستغاثتهم تسمع في زحام قصور تكريت حيث مكان الفاجعة، وهي صيحات أرواح خالدة تجيب من يخاطبها، وترد سلام من يبتدئها بالسلام، وتنحب حين تسمع نحيب ام مفجوعة، وتهتز في مضاجعها محاولة شق الأرض للثم قدم طفل يرفسها تعقباً لرائحة أبيه المنبعثة من بين تراب يعجز عن فرز مثلها.
مذبحة عصية على النسيان ولا تستسلم لشريعة الزمن والايام، وما أن تذكر حتى تقفز ذكرياتها وتعود إلى الأذهان مجرياتها وكيف وقعت تلك الفعلة الشنيعة والجريمة الفظيعة التى يندى لها جبين كل حر شريف، ومن يسمع الشهادات ويغوص في فصول التحقيقات والروايات، وينقب عن التفاصيل والحقائق يخرج مصدوما معطوب الحواس، من شدة الفعل وهول الواقعة، فكيف تم خداع الابرياء بعسل الكلام ليتم سحبهم من معسكراتهم الحصينة إلى محطات موت فاقت أساليب المغول والتتار بلا تضخيم أو مبالغ، فمن ينقب التاريخ لا يجد سيّافاً بعمر 10 سنين!
مذبحة لم تأخذ نصيبها من اهتمام الجهات المسؤولة، إذ لم تكتمل حلقات التحقيق بعد ولم يكشف من كواليسها الا خطوط بسيطة، وهو حال لا يمكن قبوله إذ أن اهوال الإبادة التي نقل فصولها بعض الناجين يجب أن يوثق وان يصار إلى حفظ سرديات الشهود واعترافات ادوات الجريمة، ومن ثم نشرها وتدويلها ليعي العالم حجم الظلم الذي لحق بهذا الشعب، ومن ثم خلق رأي عام واسع يدعم الاقتصاص من الفئة المجرمة، فمذبحة سبايكر جريمة ضد الإنسانية لا يمكن أن تسقط بالتقادم، ومن المحال إسدال ستار العقاب على منفذيها ومن دعمهم وخطط لهم وامدهم بالمال والسلاح وتهيئة البيئة الراضية ولو بعد مرور عقود من الزمن عليها، فجرائم الابادة وانتهاك حق الإنسان بالعيش لا تسقط بالتقادم، ولا تذوّبها طاولات المصالح السياسية!

شاهد أيضاً

العراق والسير في ركب التطبيع… بقلم ميلاد عمر المزوغي

مع اطلالة عيد الاضحى, يابى الفرنجة وعملائهم الا انغاص فرحتنا به ,عدوان غادر غاشم على …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024