كان المشهد، الذي حملته التغطيات الإعلامية الى العالم الليلة الماضية، تعبيرا أصيلا عن نتائج الانتخابات الرئاسية السورية، وهو أبلغ بكثير من جداول الأرقام وبيانات الأصوات، التي أُعلنت ونُشرت، على أهميتها، عن حصاد هذا القائد لملايين شهادات الثقة والتفويض بزعامة سورية وقيادتها. وقيمة هذه الحصيلة، أنها توّجت المرحلة الأصعب والأدق في تاريخ سورية المعاصر، وختمت المحنة الأشد والأقسى، التي عرفتها سورية. فصحيح أن هذا البلد واجه الكثير في تاريخه دفاعا عن خيار التحرّر والاستقلال والعروبة، لكن السنوات، التي انقضت من المقاومة والصمود، بقيادة هذا الرئيس، كانت الأصعب والأقسى والأعلى كلفة. ولولا وعي وحنكة هذا القائد ورشده وصلابته وثباته والتحامه بشعبة، لما بلغت بلاده برّ الأمان، بعدما اجتاحتها ريح سموم من الدم والنار والتكفير الإرهابي والعدوان الاستعماري الصهيوني والتآمر الرجعي.
أولا: إن المشاهد الحية، التي وثّقها الإعلام السوري، بجدارة هذه المرة، ونقلها الى شعبه وأمّته والعالم، جسّدت حالة غير مسبوقة في أيّ بلد آخر، يخوض انتخابات، ويعلن نتائجها. لكن الاحتفال بالنتائج، الذي تحول عرسا وطنيا وقوميا في كل مكان من سورية، كان بذاته حدثا مضافا الى مشهد الزحف، الذي تابعناه عبر الشاشات في جميع مراكز الاقتراع السورية، وعلى الهواء مباشرة. وهنا نسجّل للإعلام الوطني السوري إنجازا، يتوّج به صموده ومساهماته العظيمة والجليلة في الدفاع عن سورية. وما أتاحه طيلة يوم أمس، وحتى فجر اليوم، من نقل حيّ لانفجار الفرح واحتفالات النصر بعد إعلان النتائج من جميع أنحاء سورية ومدنها وأريافها، كان عظيما وبليغا، وتتويجا لوقائع اليوم الانتخابي الطويل.
من حقّ السوريين أن يحتفلوا بهذا الفرح العارم بتكريس قائد عظيم، خاض معهم، بكل تواضع وثبات، معمودية الدم والنار دفاعا عن الوطن، في أصعب المراحل وأدقّها، وقدّم بصموده وتواضعه وبُعْد نظره، نموذجا فذّا لزعامة تاريخية، تستحق كلّ الثقة والحب، اللذين طافت بهما ربوع سورية وأنحاؤها الليلة الماضية. والتحية واجبة للتلفزة الوطنية السورية، التي نقلت المشهد الى العالم، لتقطع كلّ مصنّفات الجدل والنقاش والسفسطة والحملات الغربية الصهيونية المسمومة، حول استحقاق نزيه وواضح وأمين، ظهرت نتائجه منذ الصباح الانتخابي، وكرّسه انفجار الفرح، مع إعلان النتائج، على كلّ الأراضي السورية، وبكل صوت كبير وصغير، يعيش على ترابٍ جبلته الدماء، وتشبّع بأرواح الشهداء والأبطال، وبدماء الضحايا، الذين حصدتهم الرياح المسمومة العاتية.
ثانيا: إنه حاصل تاريخي وواقعي لمسار من الكفاح والنضال، ولتجربة زعامة تاريخية فريدة في إدارة الصراع، وقيادة الشعب والوطن الى برّ الأمان. ونستطيع القول إن هذا الاستحقاق الدستوري غير مسبوق في تاريخ سورية والمنطقة وبلدان العالم الثالث قاطبة، وكذلك وقائع الليلة الماضية والأعراس، التي اجتاحت الأنحاء السورية احتفالا، بعد يوم طويل وشاق من الاحتشاد في مراكز الاقتراع. وماذا تكون الديمقراطية، ببعديها السياسي والتمثيلي، وبمعانيها الأعمق، غير هذا المغزى، الذي هو روح التفويض التاريخي، الذي يمنحه شعبٌ لقائد مجرّب، يَشهد به انتصارُه العظيم، وتشهد له إنجازاته الماثلة للعيان، ويجسّد في نظر شعبه كلّ الآمال والطموحات حول مستقبل سورية المشرق، قلعة شامخة، ودولة عزيزة صامدة ومزدهرة في جميع المجالات. ويثق كلّ سوري بأن القائد البشار، سيكون أمينا في الولاية الرئاسية الجديدة، لجميع آمال وطموحات السوريين، كما كان الفدائي والبطل المضحّي في الدفاع عن حقّهم في الحياة، وفي التطور والتقدّم والعيش الكريم. ولذلك تحوّل إعلان النتائج الانتخابية الى عرس احتفال وفرح عارم، عنوانه سورية الوطن والشعب والمستقبل المشرق، كما عبّرت كلّ سورية وكل سوريّ، أتيح لهم الحديث لوسائل الإعلام والمراسلين الليلة الماضية. وغنيّ عن البيان أن نقول إن الغبطة والارتياح غمرا، في ليل دمشق الاحتفالي الطويل، كلّ عربيّ حرّ وشريف، وكلّ مؤمن بالتحرّر والاستقلال في جميع أنحاء الوطن العربي. فسورية كانت وستبقى درّة الشرق وقلب العروبة النابض.
ثالثا: إن الولاية الرئاسية الجديدة، كما نتمنى، ويأمل أبناء شعبنا العظيم في سورية، ستكون مرحلة تاريخية جديدة، تضرب لقلعتنا السورية الصامدة والمنتصرة، موعدا مع المستقبل المزدهر. والقائد الأسد، هو بذاته وبخبرته وفكره وتطلعاته الحضارية ودرجة التزامه الوطني والقومي، ضمانة أكيدة لعظمة الإنجازات، التي ستشهدها الولاية الرئاسية المقبلة، وسعبّر عنها، كما نتوقّع، خطابُ القسم، الذي يدرج فيه القائد البشار عناوين جدول أعماله للسنوات القادمة. وهو بالتأكيد وضعه بناء على معرفته الدقيقة بالتحديات والمشاكل والمصاعب، التي تحفّ بمسيرة نهوض سورية وتعافيها، بعد انتصارها على الحرب العاتية وريح السموم في إعصار التكفير والإرهاب وعدوان التدمير والاحتلال. ونثق كثيرا وبقوة، استنادا الى التجربة، أن القائد الأسد سيتوّج هذه الولاية الجديدة بولادة عظيمة لسورية جديدة ناهضة ومزدهرة وقوية وعزيزة، تشعّ من حولها، وتهدي الكثير من فائض منجزاتها وقوتها لجميع أشقائها، ولا سيما في هذا الشرق المقاوم. وسيكتشف الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون مع السوريين معاني وفيض الخير، الذي سوف يغمر يوميات المشرق، لما يمثّله القائد الأسد من تطلعات واعدة، وما يحوزه من ثقة كبيرة، ليس فقط عند شعبه الأبي، بل عند جميع شركاء المصير والتحدّي، في وجه حلف الهيمنة الاستعماري الصهيوني الرجعي. وقد كان معبّرا يوم أمس، أن يشعّ العرس السوري العظيم، ويفيض احتفالا في جميع العواصم الحليفة والصديقة، التي شاركت سورية يوميات الصمود والمقاومة. وما صدر من مواقف عن جميع الحلفاء والأصدقاء في المنطقة والعالم،