في فيلا راقية على ضفاف بحيرة جنيف سيجتمع الرئيسان بوتين و بايدن ليتباحثا في قضايا بلديهما والعالم، وستكون سورية حاضرة في هذه المباحثات كقضية جيو- سياسية و كموقف يتبناه الرئيس بوتين، فكيف ستؤثر هذه القمة على سورية وقضيتها؟؟
من الواضح أن الرئيس بايدن سيتعامل مع سورية كـ« قضية إنسانية» و كما قال مستشار الأمن القومي الأميركي سيضغط بايدن كي يدفع روسيا والصين لتساعدا في فتح المعابر الثلاثة لإدخال المساعدات الإنسانية، ويبدو أن بايدن سيؤجل أي حديث آخر يتعلق بسورية بترداد العبارات الفلكلورية حول إعادة الإعمار و اشتراط التعامل الإيجابي السوري مع العملية السياسية للإسهام به، و هكذا فإن إدارة بايدن تعمل على خطين بشأن سورية: الأول إعلامي إيديولوجي؛ يتمثل بالتظاهر بتبني القضية الإنسانية و المساعدات و المعابر ، و الثاني سياسي؛ يتجلى بإبقاء الحال الساكنة للوضع السوري مطوقاً بالإجراءات القسرية أحادية الجانب و بالحصار الجائر و بمنع أي تعاون معها، كل ذلك لا يعني سوى استمرار الحرب الاقتصادية ضد سورية و شعبها لإركاعها و استغلال قضية اللاجئين كستار تستر به الإدارة الأميركية عورتها و جرائمها ضد الشعب السوري و لقمة عيشه و مستقبله.
في المقابل لابدّ أن الرئيس بوتين سيطرح حول سورية أمرين أساسيين الأول ؛ حقائق الواقع التي تؤكد أن سورية ساهمت بشكل أساسي في كسر القوة المحورية للإرهاب و أنها الجهة الأكثر قوة و تأهيلاً لمحاربة الإرهاب و القضاء عليه في المنطقة، وهذا مهم للإقليم و العالم كما أن من حقائق الواقع أن “المعارضة” و فصائلها تشرذمت وسقط الكثير منها في خدمة أجندات خارجية و بعضها وقع في صفوف الإرهاب و أُبعِد الصادقون منهم «على قلّتهم» ليعتكفوا في خيبات أورثها لهم شركاء و حلفاء، كما أن من حقائق الواقع أن ترك إدلب لـ «النصرة» الإرهابية المدعومة من تركيا سيجعلها بؤرة توالد للإرهاب المهدد للعالم و يصل إلى أميركا كما حصل أكثر من مرة. كذلك فإن مشروع ميليشيا «قسد» الإنفصالي محكوم بالفشل فهو علاوة على أنه وصفة لاقتتال داخلي مستمر محاصر و مغلق عليه جيوسياسياً و لا أمل له، و لا بدّ من عودة إدلب و الجزيرة السورية للسيادة السورية لأن في ذلك استقراراً للمنطقة و أمناً للعالم، أما الأمر الثاني الذي لا بدّ أن يطرحه بوتين فهو حقيقة أن استقرار سورية مفتاح الحلول في المنطقة و بوابة النظام الإقليمي الجديد و هذا يتطلب التعاطي مع سورية كدولة مستقلة ذات سيادة كاملة على أرضها و شعبها و مؤسساتها و رفع الإجراءات القسرية عنها و فتح الأبواب للمساعدة في إعادة الإعمار بما يتيح للشعب السوري إمكانية تحقيق الارتقاء السياسي الشامل و كل ذلك يحقق استقرار المنطقة وأمن العالم تكون سورية في مركزه قلباً حيوياً متفاعلاً في تحقيق الاستقرار.. هذا هو الطريق الذي لا بدّ أن يطرحه الرئيس بوتين كحل في سورية و المنطقة، وخاصة أن كل محاولات التغيير بالقوة أو بالاضطرابات أو بالحصار باءت بالفشل.
بايدن سيهرب من الاعتراف بالواقع إلى ادعاء الإنسانية, و التمسك بقضية المعابر و المساعدات، و بوتين سيتمسك بحقيقة أن سورية أساس استقرار المنطقة وأن في عودتها لممارسة دورها الطبيعي مصلحة للمنطقة والعالم فهل يقتنع بايدن أن العقوبات تعوق حياة الشعب السوري و تهدف إلى تجويعه و هذا غير إنساني و لا يصدر إلا من عدو للإنسانية و هو جريمة ضد البشرية ؟ و هل ستدفع الواقعية السياسية التي يدّعيها للاقتناع بأن عودة سورية لدورها الطبيعي مفيد لشعبها لارتقائه و يحقق مصلحة للمنطقة و العالم ؟
هناك من يقول : من الصعب على أميركا العملاقة أن تستدير بسرعة لذلك ربما سيستمر بايدن بإعلان المواقف الأميركية المكررة بشكل استعراضي مع موافقته مع بوتين على ترك القضية السورية لشعبها و حلفائها ريثما تأخذ أميركا وقتها للاستدارة الكاملة, وخاصة أن حقائق الواقع أكبر من العداء الأميركي لسورية و دولتها و دورها و ارتقاء شعبها .