لا تساعد الانقسامات العميقة وانعدام الأمن في ليبيا، على الخروج من أزمتها التي تترك تداعيات سلبية على سكانها السبعة ملايين، وذلك رغم احتياطيات النفط الوفيرة في البلاد التي يفترض أن تضمن لليبيين مستوى معيشياً مريحاً، لكن ذلك لا يبدو ممكن التحقيق في الأجل القريب.
فعلى الصعيد السياسي، عرفت ليبيا منذ سقوط القذافي ما لا يقل عن تسع حكومات، وخاضت حربين ولم تنجح في تنظيم انتخابات رئاسية.
وفي دليل على التوترات المتصاعدة بعد انتخاب مجلس النواب الليبي وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة، فتحي باشاغا، رئيسًا جديدًا للوزراء، اجتمعت المجموعات المسلحة في مصراتة في طرابلس نهاية هذا الأسبوع، للتعبير عن دعمها لرئيس حكومة الوحدة المنتهية الصلاحية، عبد الحميد الدبيبة، والانخراط في استعراض قوة في قلب العاصمة طرابلس.
ودوليًا، أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، أن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أطلعها على تفاصيل الآلية التي سيقوم بها المجلس لمنح الثقة للحكومة الجديدة، بعد امتعاض البعثة الأممية من خطوة البرلمان الأخيرة، واستمرارهم في تأييد الدبيبة، بالرغم من أن مهلة حكومته قد انتهت مع فشل الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي.
وعلق على مستجدات الأحداث الأخيرة على الساحة السياسية في ليبيا، عالم الاجتماع الروسي ورئيس صندوق حماية القيم الوطنية الروسي، مكسيم شوغالي، الذي رأى بأن ستيفاني ويليامز تحاول جر الأطراف الليبية إلى نزاع جديد، وتحاول تحقيق أجندات الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا من خلال عملها كمستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة.
حيث أشار شوغالي، إلى أن الساسة الليبيون سيصلون إلى اتفاق لتحقيق الإستقرار عندما يغادر ممثلو ”المنظمات الدولية الزائفة”البلاد على حد وصفه.
وأضاف بأن المواطنة الأمريكية ستيفاني ويليامز، تضغط علنًا من أجل تحقيق المصالح الأمريكية في ليبيا، وبأنه لا يوجد مضمون أيديولوجي في خطة عملها، ولا يوجد مسار سياسي واضح، بل مناورات مستمرة لتصعيد الوضع والإبقاء على حالة الفوضى في البلاد.
وتابع شوغالي قائلاً:”الآن وبعد أن قرر مجلس النواب الليبي، بقيادة المستشار عقيلة صالح، أخذ العملية السياسية والنهوض بها، بعيدًا عن آراء الغرب ونصائحهم، وقاموا بإخيتار باشاغا رئيسًا جديدًا للوزراء، استيقظت اللوبيات الأمريكية للبحث عن الطرف القوي في هذه العملية والانحياز له”.
مضيفًا، بأن ويليامز سينتهي المطاف بها بالاعتراف بفتحي باشاغا وبحكومته، وبأنه لمقاومة الأجندات الأمريكية ووسائل ضغطها من الضروري أن يكون القائد قويًا ولديه الإرادة السياسية ويستطيع الرفض.
ووصف شوغالي تصرفات باشاغا بأنها دليل على موقف قوي منه لمحاولة تغيير الوضع في البلاد إلى الأفضل، وبأنه يستعد لزيارة روسيا في المستقبل لبحث ملفات عديدة مشتركة بين البلدين.
ويُذكر بأن مكسيم شوغالي كان قد احتجز في سجن معيتيقة في طرابلس بتهم باطلة لما يقارب العامين، أثناء تواجده في العاصمة الليبية وإجرائه لأبحاث إجتماعية تتعلق بالوضع في البلاد، بعد سقوط نظام العقيد القذافي عام 2011.