السادة المواطنين…
السيد رئيس الدولة،
السادة أعضاء البرلمان،
السادة وزراء الفلاحة والبيئة والصناعة والصحة
السادة مناضلي الجمعيات البيئيّة
السادة أعضاء المجالس البلدية
السادة أساتذة الكليّات والمعاهد المتخصصة في الفلاحة والبيئة والصحة والتكنولوجيا البيئية.
1) أريد أن ألفت نظركم إلى وجود جرائم بيئية منظّمة بتونس. وإن كنتم مسؤولين ووطنيين، عليكم أن تتعاضدوا لإيقافها فورًا، قبل فوات الأوان، أي قبل انقراض الحياة في مدن وقرى عمرها اليوم أكثر من 400 سنة، وبعضها أكثر من 1500 سنة.
2) أدعو إلى تكوين المجلس الأعلى للبيئة، وإلى تكوين خلايا أزمات للبيئة فورًا (جهوية ومحلية). وذلك لأنّ مستقبل استمرار العيش في تونس أصبح مهدّدًّا، إمّا بالهجرة من كثير من المدن والقرى بسبب تلوث المائدة المائيّة والهواء وتدهور الصرف الصحي، وضعف تدبير النفايات.
كما أدعو إلى تكوين اتحادِّ للجمعيات البيئية من أجل نجاعة الضغط على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
3) أدعو، إمّا إلى العودة الحديثة إلى نظام التطهير التقليدي، أو الدخول فعلاً في نظام التطهير والصرف الصحّي الحديث، بواسطة قرار من مجلس أعْلى للبيئة.
4) أدعو إلى محاسبة الديوان الوطني للتطهير ومحاكمته بتهمة الجريمة البيئية المنظمة والدائمة في حق مستقبل العيش في تونس، فورْا.
لقد أُسِّس الديوان الوطني للتطهير لتحديث التطهير الحضري، بعد أن كنّا في نظام صرف صحي ونظام تطهير حضري وريفي ملائمين وبيئيين وقابلين للاستعمال الفلاحي ضمن اقتصاد دائريّ. ولكنْ عوض التطهير، وجدناه يتسبب في التلويث والكوارث البيئية العظيمة في حق المدن والقرى والمزارع والبحار والسباخ والبحيرات.
5) أدعو إلى إيقاف صناعة الدْجين في تونس فورًا. فهذه الصناعة تحتاج إلى كميّات ماء مهولة جدّا، فهي تصلح للدول الغنية بالمياه (بنغالديش، الهند، الهند الصينية…)، ولا تصلح لدول محدودة المياه، بل مهددة في مستقبلها المائي مثل تونس.
ومن الخبث الرأسمالي الكُمْبرادوري التونسي أنّ كميات الماء المنفقة في هذه الصناعة لا تحتسب في كلفة هذه الصناعة و(هنا أشير إلى تواطئ وزارة المالية منذ عقود طويلة مع الرأسمالية الكُمْبْرَادُورِّيَة المتوحشة في تونس).
إن صناعة الدْجين لا تكتفي بالامتصاض المرعب لكميات مهولة من الماء، مما يضر بمستقبلنا المائي القريب، بل إنها بمياهها التي استعملتها تعود للمائدة المائيّة لتلوثها، وتفسد البحار والسباخ والبحيرات والأودية، وتتسبب في مشكلات صحيّة للسكّان (خاصة الأطفال)، ومشكلات اقتصادية فادحة للبّحارة….
6) أدعو إلى مقاطعة أكياس اللّدِّين (البْلاسْتيك) وقواريره، بل إلى إيقافها بقرار من المجلس الأعلى للبيئة وآخر من وزارة الصناعة، وإلزام أصحاب مصانعها بتعويضها بأكياس كاغط مقوّى أو غيره، بمساعدة من الدولة إن لزم الأمرُ في البداية. فإضرار هذه المنتجات بالمزارع والأودية والبحار غير خافٍ على أحد.
7) أدعو إلى تعجيل المجلس الأعلى للبيئة ووزارة الصناعة بوضع مشروع صناعي لتثمين النفايات وإعادة استعمالها، وتعجيل المجلس الأعلى للبيئة والمجالس البلدية بوضع قانون لفرز النفايات المنزلية والمَصنعية والخِدْمية.
8) التعجيل فورًا بإنشاء كليّات ومؤسسات جامعية لعلوم البيئة حصرًا، لأنّ كليّات العلوم والمؤسسات الجامعية للفلاحة وتكنولوجيا البيئة، أثبتت استهتارها بواجبها على المستوى الوطني والمستويات الجهوية التي تنتمي إليها.
9) تعجيل المجلس الأعلى للبيئة بإقرار مشروع للتعاون البيئي مع الدول الإسكندينافية (وغيرها من الدول) التي أثبتت نجاعتها في إيقاف التدهور البيئي، سواءًا بواسطة المؤسسات الجامعية المعنية أو المجالس البلدية.
10) من العار أن نعوّض لأصحاب الفنادق لمّا تعرّضوا لإرهاب سلفي منظّم، وأن لا نعوّض للفلاّحين المهدَّدين في لقمة عيشهم بالإرهاب البيئي المنظّم من الديوان الوطني للتطهير والمصانع غير المنضبطة للقوانين العالمية، في حين أن عيشنا اليومي رهين بالفلاّح وليس رهينا بالفندق.
كلمـة أخيرة:
ودَاعًا لـ «تونس الخضراء» على المدى القريب والمدى المتوسط، إن لم نكن وطنيين معها الآن الآن. فلقد أثبتنا باستهتارنا البيئي واستزلامنا للرأسمالية الكمبرودارية المتوحشة التونسية وفساد مؤسسات دولتنا، أننا غير وطنيين، بل غير تونسيين منذ عقود.
*(باحث أنثروبولوجي بالجامعة التونسية..رئيس جمعية زهرة المدائن للعمل المحلي بطبلبة)