الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

صفقة العار , “قسد” ماذا بعد الخيانة العظمى ..؟

وصلوا إلى سوريا مع بداية القرن الماضي
صنّعهتم أمريكا ودَعتهم قوات سوريا الديمقراطية، إدعوا أنهم مكونات الشمال والشرق السوري ولم يفصحوا عن حجم الغرباء في صفوفهم، وعن أصل قادتهم وأهدافهم وداعميهم وراء الستار، قالوا نحن كرد واّشور وكلدان وأرمن وعرب وعشائر عربية وأيزيديين ..إلخ، ونجتمع تحت القيادة الكردية ( إجتماع رميلان 2016 )، خلطةٌ عجيبة صَمتت فيها مكوناتها عن تكريد المنطقة وطمس تاريخها وتهجير من يعارض نهجها، وعن سبي الأيزيديين وتقييد حقوق عبادة المسيحيين في القامشلي، هي خلطةُ قادةٍ ومسؤولين لا تقبل الجمع والمزج , حتى زعماء الأحزاب الكردية منهم، فقد غابت ملامحهم واختلط مؤيدي المشروع الأمريكي بمناهضيه اليساريين، أرادوها سرقة للأرض والثروات وإدارة توحش لا تختلف عن إدارات “داعش” والنصرة”.
تمكنوا من السيطرة بفضل الدعم العسكري الأمريكي، وكانوا أصدقاء “داعش” وادعوا قتاله، ومدّوا جسورهم نحو من أرسلهم، في أوروبا وتل أبيب وواشنطن وأنقرة وعدد من عواصم العروش العربية، استقبلوا الجلاد والمحتل الأمريكي وهللوا لزيارات سياسييه ووزير دفاعه وصحافييه , كما هللوا للعلم الإسرائيلي ولكل إسرائيليٍ وطأ مناطق سيطرتهم، استقبلوا سعوديين وإماراتيين وقادة منظمة أنتيفا ونخبة إرهابييها وإغتالوا من زعماء العشائر العربية وفق أجندات الموساد والإستخبارات الأمريكية .
لم يكتفوا بالتمرد وبالإعتداء على السيادة السورية، ولم يتوقفوا عند حدود سرقة ثروات الشعب السوري النفطية والتحكم بالثروة المائية وتعطيش أهالي الحسكة، فحرقوا المحاصيل الزراعية، وإعتدوا على المباني الحكومية الرسمية والخدمية، ومارسوا القمع والعنف بحق الأهالي وساقوا أولادهم لحفر خنادقهم وأجبروهم على حمل السلاح تحت قيادتهم .. كلُّ هذا وهناك من يدعوهم قوات سوريا الديمقراطية..!
تمرسوا في الخيانة والمراوغة والنفاق، وخاضوا عديد جولات المناقشات والحوار مع الدولة السورية بهدف إنتزاع شرعية كل أفعالهم دفعة ًواحدة، أحرقوا جميع سفنهم وانطلقوا نحو مراكب الأعداء عبر طريق واحدة لا عودة عنها… ووقعوا إتفاق العار لسرقة وبيع النفط السوري مع الإدارة الأمريكية فأتي تحت عنوان “لصوص تسرق .. ولصوص تشتري”.
سبق للرئيس الأمريكي إدعاؤه بإنقاذ وحماية النفط السوري من سيطرة “داعش”, لكن خططه صبت في خانة السرقة الأمريكية للنفط السوري .. وبدأ ذلك منذ اليوم الأول الذي طالبت فيه واشنطن قيادات “قسد” بالإستعداد لتحرير منطقة دير الزور التي تضم أكبر حقول النفط في سوريا، طلبٌ قوبل بترحيب قادة “قسد” بالدعم السياسي الأمريكي والغربي، وعيونهم على تحقيق حلم “الإنفصال”، فتحولوا إلى بيادق تؤمر وتنفذ.
وفي خريف 2017، تمكنت “قسد” بدعم أمريكي من السيطرة على حقول النفط واحدا ً تلو الاّخر، ودفعت بقايا “داعش” إلى جيبها الصحراوي الأخير في الـ باغوز… فتحركت القوات الأمريكية بإتجاه المنطقة تحت ذريعة “حراسة اّبار النفط”، وقامت بتدريب عناصر “قسد” واستخدامها لتحصين المكان … وحاولت “قسد” الخداع على أنه حسن نوايا عبر بيع يعادل 60 ألف برميل يوميا ً من النفط المعالج بمصافي تكرير بدائية، إلى الدولة السورية والعراق، بالتوازي مع الحصار الأمريكي المفروض على الدولة السورية، وجنت بالمقابل الأموال الطائلة، وسط تغاضٍ أمريكي محسوب.
التحول في خطة كاهانا – “قسد” … حصل ذلك عندما حاول “مردخاي كاهانا” وهو عميل الموساد ورجل الأعمال الأمريكي – الإسرائيلي تغيير القواعد، واستبعاد الدولة السورية كمشتري، وإبعاد أي شركة أمريكية عن العقوبات المفروضة على المتعاملين مع سوريا، عبر خطة تحايل خبيثة تقوم على نقل النفط السوري عبر التجار إلى العراق ثم إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مقابل بعض الإمدادات الإنسانية، من خلال علاقاته وخطة عمله ورعايته للإرهابيين في جنوب سوريا … لكن خطته تعثرت مع إعلان الرئيس ترامب إنسحاب قواته من سوريا، فإتجه إلى سوريا ونحو مناطق سيطرة “قسد” والتقى المدعوة إلهام أحمد وجهاد عمر ومظلوم عبدي وأبرم الإتفاق معهم… بحلول اّذار عام 2019، شعرت “قسد” بشيء من الإحراج والقلق وبأن صفقة إسرائيلية – كردية لن تساعدهم على تثبيت أقدامهم في المنطقة، خصوصا ً بعدما واجهت انتقادات شديدة من قبل الحكومة السورية وروسيا، على الرغم من حرصها والتزامها ببيع النفط عن طريق الإتفاق مع مردخاي.
وعندما تراجع ترامب عن قراره بالإنسحاب عملا ً بنصائح صديقه وصديق “قسد” السيناتور ليندسي غراهام، وبأنه سيُبقي على عدة مئات من جنوده في شمال شرق سوريا، كان الأتراك يتحركون بإتجاه رأس العين وعين عيسى، فلم يعد أمام كاهانا وإلهام أحمد أية فرصة لمتابعة الخطة والإتفاق… خصوصا ً بعد تصريح ترامب: “لقد احتفظنا بالنفط، أنا أحب النفط”، لقد بدت رغبة واشنطن واضحة بتولي الأمور بنفسها وأنها لن تتركها لمردخاي و”قسد” .. وسارع ترامب للإعلان عن عقد صفقة مع شركة “إكسون موبيل وربما غيرها” واللافت قوله:”ستذهب إحدى شركاتنا العظيمة إلى هناك والقيام بذلك بشكل صحيح”، وبذلك أعلن نهاية حصة “داعش” وسمح للأكراد بحصة، وأشار إلى أنه “يتعين على الولايات المتحدة أن تجني حصتها”.
الصفقة مع شركة دلتا كريسنت إنرجي … على الرغم من عدم نشر تفاصيل الصفقة في وسائل الإعلام حتى اللحظة، وسط محاولات إعلامية مضللة تشكك بوجود الصفقة وإسم الشركة صاحبة الإتفاق …قام موقع “ال -مونيتور” الأمريكي بالتأكيد على أن شركة “دلتا كريسنت انرجي الأمريكية للطاقة هي التي وقعت الإتفاق وبعلم البيت الأبيض وبتشجيع منه”، بموجب قوانين ولاية ديلاوير ، من المثير للسخرية أن تلجأ الإدارة الأمريكية لإصدار التراخيص اللاشرعية لشركة إنرجي وفق قوانين ولاية ديلاوير (الأصغر مساحة ًوالأقل سكانا ً بين الولايات الأمريكية، وبالكاد يعرفها الامريكيون)، التي تسمح بتسويق النفط في الأراضي التي تسيطر عليها “قسد” وإخضاع حقول النفط هناك إلى تطوير وتحديث… فيما أكدت مصادر داخل ميليشيات “قسد” صحة الانباء التي نشرها الموقع الأميركي.
من الواضح أن اللعبة إكتملت وعملية السرقة تم “شرعنتها” وفق قانون الغاب الأمريكي والعمالة الكردي، وان الشركة حصلت على التراخيص الأمريكية الكافية، وعلى المقلب الاّخر أكد ممثل “مسد” لدى الولايات المتحدة أن “شركة دلتا كريسنت وقعت الإتفاقية مع الإدارة الذاتية”.. وكي يكتمل المشهد الهوليودي وبحسب ركاكة السيناريو, ادعى غراهام بأنه سمع عن الإتفاق من مظلوم عبدي الذي أبلغه بالإتفاق وطلب منه إبلاغ الرئيس ترامب بالتفاصيل, وأن بومبيو أبلغه بموافقته على الصفقة وأنها أصبحت الاّن قيد التنفيذ .
ماذا عن رد فعل الحكومة السورية والشعب السوري … في الثاني من آب، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا ً شديد اللهجة، أدانت فيه الاتفاق معتبرة إياه “باطلا ًوبلا أثر قانوني”، ووصفته بعملية سرقة “بين لصوص تسرق ولصوص تشتري” وأنه يشكل اعتداء على السيادة السورية، ووصفت ميليشيات “قسد” بالعميلة والمأجورة وبالدمية الرخيصة بيد الإحتلال الأمريكي.
لقيت أخبار الإتفاق والصفقة استياءا ًوغضبا ًشعبيا ًكبيرا ً، ومن شرائح واسعة ومتنوعة من الشعب السوري شملت عدد كبيرا ًمن أتباع “قسد”، خصوصا ً من مؤيدي الأحزاب اليسارية، فيما طالب غالبية السوريين عبر وسائل التواصل الإجتماعي بتجريد قادة وميليشيات “قسد” من سلاحهم بالقوة، والإعلان الصريح عن حل هذه الميليشيات ومحاسبة قادتها بتهمة الخيانة العظمى.
لا يملك أحد حق الحديث عوضا ًعن الحكومة السورية، وعن إمكانية حصر الرد بالعسكري، لكن ما أقدمت عليه “قسد” اليوم، وكل ما فعلته خلال السنوات الماضية، سيُنهي الصبر الإستراتيجي الذي تحلت به القيادة السورية، وسيجعلها في حلٍ من إعتباراتٍ كانت تأخذها على محمل الحكمة والتروي ومنح الفرص للصحوة والعودة، ومع ذلك لن تعدم الوسيلة المناسبة لمعالجة هذه المسألة.
على المقلب التركي … يبدو أن رد الفعل التركي على الصفقة سيكون حاسما ً، وربما يحمل بداخله بعدا ًروسيا ً وإيرانيا ًوعراقيا ًوسوريا ً، وقد يشكل منعطفا ًهاما ًفي العلاقات الأمريكية – التركية، إذ لا بد للأتراك من قراءة الصفقة على أنها بمثابة الإعلان الرسمي لـ “قسد” بالإنفصال وبإتجاه إعلان مناطق سيطرتها نواة الدولة الكردية بالإعتماد على الدعم الأمريكي– الإسرائيلي، الذي يتجاوز المصالح التركية وأمنها القومي الداخلي خصوصا ًفي الجنوب الشرقي لتركيا، وأمنها القومي على طول الشريط الحدودي مع سوريا، بالإضافة لأمنها الدولي المشترك مع دول الجوار ( تركيا + إيران والعراق وسوريا ) جراء قيام كيان كردي إرهابي – كما تصفه أنقرة -.
إن موقف الخارجية التركية الذي أدانت فيه “الاتفاق، وأكدت على حق الشعب السوري بموارده الطبيعية، وبتجاهل الإتفاق القانون الدولي ووحدة أراضي سوريا ووحدتها وسيادتها”، لا يمكن إعتباره سوى موقفا ًأوليا ً وشكليا ً، فقد تذهب الأمور بإتجاهات أخرى بما يعاكس الإتجاه الحالي للعلاقات الأمريكية – التركية.
هل تتراجع أمريكا عن الإتفاق .؟ … من خلال مراقبة عدم نشر تفاصيل الإتفاق حتى اللحظة، وعدم صدور بيان واضح لقيادة ما تسمى ق.س.الديمقراطية، وطريقة النفي التي حاول تمريرها ليندسي غراهام حيال الإتفاق، وتعدد الروايات الصحفية التي تشير إلى عدم التوقيع، وعدم تحديد الشركة التي قد يُعهد إليها بالإتفاق، وسط أحاديث إعلامية عن عدة خيارات أمريكية منها شركات روسية … أمورٌ بمجملها قد تشي بتراجع واشنطن عن تنفيذ الإتفاق أو بإجراء تعديلات جوهرية، وقد تذهب للبحث عن طوق النجاة الروسي لإنقاذ وجودها في سوريا وإحتفاظها بعملائها، وإلاّ ستجد نفسها في مواجهة المقاومة الشعبية لحماية إرهابيي “قسد” التي لن تنجو بعد سقوطها الأخير، وعلى الجميع مراقبة نهاية “قسد” وهروب قادتها اللذين لن يجدوا من يدافع عنهم حتى داخل بيئة المكون الكردي، وستبقى رسالة “إلهام أحمد” إلى “مردخاي كاهانا” التي تقول فيها: “نمنحك الحق في اكتشاف وتطوير النفط في المناطق الخاضعة لسيطرتنا” وصمة عارٍ على جبين كل من يقف في خندق “قسد” ومن يدعي الحرية والديمقراطية تحت الحذاء الأمريكي.

شاهد أيضاً

72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي

ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024