خسر ترامب، وصرنا جميعاً أمام الأمر الواقع، وطارت وقة التوت ياعرب , لكن ما يجب الإجابة عليه هو كيف يمكن لنا ترتيب أوراقنا التي بعثرتها أسوأ المفاجآت؟ بداية يجب أن نستوعب حقيقة مهمة للغاية، وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يديرها «رجل» واحد وهذه كانت مشكلة ترامب، وإنما تديرها مؤسسات استراتيجية ومجموعات ضغط «ولوبيات» و«مليارديرية» ومنظمات عسكرية وأمنية، ومن يعتقد أن بايدن هو من سيدير الولايات المتحدة الأمريكية بمفرده فهو لم يستوعب حركة الديمقراطية الأمريكية، ولهذا يجب أن نوضح أمراً مهماً وهو على الرغم من فوز العجوز الشاب إلا أن القرارات الإستراتيجية بِيَدِ صنَّاع القرار داخل البيت الأبيض الأمريكي الذي يدار عبر شبكات معقدة تنتهي عادة بتقديم المصالح الأمريكية على كافة المصالح الأخرى في العالم.
هذا الأمر بقدر ما يشرح الموقف الأمريكي الديمقراطي يوضح لنا في المقابل ما يمكن أن نفْصل فيه ما بين الرئاسة المركزية التي تعشعش في أوهامنا والتي لا تنسجم والحقيقة المتَّسقة مع مفهوم الحريات وصناديق الاقتراع وبين أمريكا الدولة العظمى، فأمريكا ليست دولة مركزية وليست دولة الرجل «الأوحد»، بل هي عبارة عن رجل واحد تديره مؤسسات عميقة وليس العكس، وشتان بين المفهومين. صحيح أن الرئيس الأمريكي له جملة من الصلاحيات الكبيرة لكن يظل في ختام المطاف موظفاً في آلة الرئاسة العملاقة، ومع ذلك يجب على الدول العربية ترتيب كامل أوراقها التي تبعثرت إثر الصدمة المفاجئة التي قادت «بايدن» نحو البيت الأبيض، «فالسَّكرة» ذهبت لكن يجب أن تبقى «الفكرة»، وهي كيفية التعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة وكيفية التعامل مع الرئيس الأمريكي المنتخب. لا يمكن للعرب أن يظلوا في منطقة الفراغ السياسي أمام هذه المسألة الشائكة، بل عليهم أن يتعايشوا مع هذا الوضع الحتمي بذكاء خاص، وفي المقابل يجب أن يبحثوا عن حلفاء جدد كما أشرنا لذلك أكثر من مرَّة، وهذا أهم قرار استراتيجي شجاع قد يقود العرب إلى بر الأمان فهذة رسالة للعالم بأن الجميع يجب تنفيذ ما يفكر به بايدن من الان وصاعدا قبل أن يطلب هو منهم، فهو يتعامل كالسينما الذي تصور الأمريكيين عادة بأنهم لا مثيل لهم وأنهم الأبطال الخارقون والدليل علي ذلك فوزه علي ترامب , ولذا فهو يتوقع أن يرضخ الطرف الآخر وليس لديه مانع في المبالغة في رد الفعل إذا غضب الطرف المقابل فأحذروا غضب العجوز حتي وان كانت اسنانه قد تخلخلت لكن عظامه مازالت فولاذيه … .