السبت , 28 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

عبث السياسة.. عندما تصغر الدول الكبرى!….بقلم ـ د. مهدي دخل الله

ما يحدث بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران يعطي مثالاً واضحاً عن عبث السياسة، وهذا يظهر في أن دولة كبرى تتصرف وكأنها دولة صغيرة..
والفرق بين الدولة الكبرى والصغرى له بعد حقوقي دولي، ففي نظام مجلس الأمن الدولي تحظى الدول الخمس الكبرى أو العظمى بدور متميز عن غيرها من دول العالم، وعلى الرغم من أن في هذا انتهاكاً واضحاً لمبدأ السيادات المتساوية وهو من أهم مبادئ القانون الدولي، لكن الواقع فرض أفضلية للدول الكبرى بذريعة أن عليها مسؤولية الأمن والسلام الدوليين باعتبارها تملك قدرات عسكرية واقتصادية كبيرة.
لكن أمريكا أثبتت طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أنها تتصرف كدولة صغيرة في اتجاهين، الأول هو تعريض الأمن الدولي للخطر باستمرار عبر خلق حروب وأزمات بدءاً من كوريا وفيتنام وحتى الشرق الأوسط..
الاتجاه الثاني أن أميركا حاربت دائماً، بشكل مباشر، دولاً صغيرة في حجمها العسكري والاقتصادي والبشري بالمقارنة مع الدول الخمس العظمى.
في الاتجاه الأول يظهر تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن مسؤولياتها في حفظ الأمن والسلام الدوليين وفق موقعها في مجلس الأمن. وفي الاتجاه الثاني، وهو الأسوأ، أن أمريكا تهين ذاتها لأنها تواجه دولاً صغيرة نسبياً، وتتحول بذلك – عملياً – إلى دولة صغيرة مثل الدول التي تحاربها.
في البداية واجهت أمريكا كوريا الديمقراطية (الشمالية) في حرب ضخمة (1950 – 1953)، وكوريا آنذاك دولة صغيرة جداً اقتصادياً وعسكرياً وجغرافياً وبشرياً، ثم واجهت فييتنام الشمالية (1964 – 1971) وهي أيضاً دولة صغيرة جداً بالمقاييس كلها خاصة قبل الوحدة مع فييتنام الجنوبية.
اليوم تواجه- أمريكا نفسها- إيران في لعبة خطيرة جديدة، وطبعاً لا يمكن مقارنة طاقات إيران العسكرية والاقتصادية والبشرية بطاقات أمريكا، لكن يبدو أن التوازن بين الإرادات لا يهتم بالتوازن بين الطاقات المادية. هذه ليست رغبة أو خيالاً، إنما هي حقيقة أثبتتها كوريا الديمقراطية الصغيرة في انتصارها على أمريكا عام 1953، وانتصار فييتنام عام 1971، وكوبا في إفشال هجوم (خليج الخنازير) الأمريكي عام 1961، كما أثبتتها ثورة إيران في إفشال هجوم الطائرات الأمريكية على طهران من أجل الأسرى في السفارة الأمريكية عام 1979..
واليوم مرة أخرى تعيد الولايات المتحدة الأمريكية- الدولة الصغيرة – الأمر نفسه في مواجهتها مع إيران … فهل ينتصر توازن الإرادة مرة أخرى على توازن الطاقات؟؟..
mahdidakhlala@gmail.com

 

شاهد أيضاً

الحروب اللا أخلاقية .. بايدن شرطي العالم ونتنياهو وكيله المعتمد…بقلم م. ميشال كلاغاصي 

من جديد تُثبت يوميات الحرب والعدوان والصراعات والتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط حجم العار الأخلاقي …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024