أثارت الصورة المرعبة التي نشرتها وكالت الانباء ومحطات التلفزة ووسائل التواصل الإجتماعي لرجل شرطة أمريكي ابيض وهو يقوم بتصفية مواطن من أصول إفريقية بدم بارد من خلال ضغطه برجله على رقبتة حتى الموت موجة عارمة من الغضب والإستنكار والشجب في أوساط المواطنين من ذوي البشرة السوداء الذين خرجوا بمسيرات منددة بالجريمة البشعة في العديد من الولايات الامريكية.
وعلى الرغم من ان هذه الجريمة ليست الآولى من نوعها ولن تكون الأخيرة لأن العنصرية في الولايات في الولايات المتحدة الامريكية هي قديمة قدم النظام الامريكي نفسه و متأصلة في نمط الحياة الامريكي الذي ينتجها كما ينتج كبد الإنسان المادة الصفراء إلا أن إرتكابها في عهد رئيس عنصري هو ترامب يعطيها اهمية خاصة.
فمنذ وصول هذا الرئيس ألى البيت الابيض وهو يحرض على غير البيض من سكان الولايات المتحدة الامريكية ويطلق تصريحات عنصرية ضد المسلمين وضد المهاجرين القادمين من بلدان سوداء وملونة ويرحب والمهاجرين القادمين من بلدان آوروبية لا سيما إلإسكندنافية منها مما ادى إلى تصاعد جرائم القتل في المجتمع الامريكي في عهد ترامب بشكل لم يسبق له مثيل في عهد اي رئيس امريكي آخر.
وقد لاحظ المراقبون السياسيون بهذا الصدد ان ترامب ركز هجماته العنصرية منذ توليه الحكم في الولايات المتحدة الامريكية على المواطنين الامريكيين من أصول افريقية حيث نعتهم بأحقر العبارات ووصف احياءهم بالقدرة كما وصف قارة إفريقيا التي تم إستجلابهم منها عنوة للعمل بالسخرة في مزارع اجداده بانها حفرة قذارة مما ادى الى تصاعد الجرائم ضدهم في عهده بشكل لم يسبق له مثيل .
وليس بدون دلالة بهذا الصدد ان مرتكب مذبحة المسجدين في نيوزيلندا إعترف بعد إرتكابها للمجزرة التي أودت بحياة عشرات المسلمين وهم ركعاً سجود انه تأثر وهو يتخذ قرار إرتكاب المذبحة بتصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب المعادية للمسلمين وبأفكاره عن تفوق الرجل الابيض ورسالته الحضارية.
عود على بدء لا اريد ان اخرج بإستنتاجات متسرعة ولكن الأمر المؤكد ان سياسات الرئيس الامربكي دونالد ترامب العنصرية والمعادية للأجانب قد أدت إلى تنامي قوة للحركات الفاشية والشعبوية في امريكا وما خروجهم مع أنصار ترامب المسلحين في مسيرات تطالب بإعادة فتح الإقتصاد في الولايات التي يحكمها الحزب الديموقراطي في ظل جائحة كورونا سوى الدليل على أن الديموقراطية الامريكيه في عهد ترامب باتت في خطر.
وأخيراً فلعل من المفيد أن نذكر هنا أن العنصرية في بلاد العم سام ليست زلة لسان بقدر ما هي نتاج لتربية ونمط حياة فالمرشح الديموقراطي الذي سينافس ترامب في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الثالث من تشرين ثاني نوفمبر القادم جو بايدن قد تلفظ قبل ايام هو الآخر بعبارات عنصرية ضد السود في امريكا في برنامج إذاعي بث على الهواء مباشرة ثم اعتذر عن ذلك.
ففي المقابلة اجراها جو بايدن مع “شارلمان ذا جود” الذي يشارك في تقديم حصة إذاعية شهيرة عبر اثير راديو “ذا بريكفاست كلوب” يوم الجمعة الماضي طلب مقدم البرنامج في نهاية المقابلة من بايدن إجراء مقابلة اخرى معه عندما يأتي الى زيارة نيويورك في المرة القادمة قبل انتخابات الثالث من نوفمبر القادم لأن لديه مزيدا من الأسئلة لطرحها عليه فما كان من بايدن الا ان اجابه “لديك المزيد من الأسئلة سأقول لك شيئاً إذا كانت لديك مشكلة في تحديد خيارك بيني وبين ترامب أذاً انت لست اسوداً.
والطريف في الامر ان فريق ترامب الأنتخابي إعتبر ان تفوهات جو بايدن مثيرة للإشمئزاز في حين قال جونيور نجل ترامب أن لبايدن عقلية عنصرية مثيرة للإشمئزاز ومهينة للقيم للإنسانية.
إذن فان العنصرية في امريكا ليست مسألة عابرة بل هي حصيلة لبنية فكرية ومجتمعية متوحشة وبالتالي فانها لن تزول و تنتهي ومعها الجريمة الجريمة المنظمة وغير المنظمة لا بوضع قيود على بيع السلاح للمواطنين ولا بتشديد العقوبات عل جرائم القتل رغم اهمية ذلك ، بل بهدم أركان النظام الامريكي المتوحش وتفكيكه من داخله بفعل ثورة إجتماعية باتت بعد كورونا أمراً وارداً ولو على المدى البعيد.