بين الرئيس الأمريكي ترامب، الذي أطلق على فايروس كورونا نسبته إلى الصين، وبين وهابية الحجاز الذين أصروا على كونه إيرانيا، بلغ الحقد بهم مبلغا تجاوز حد التعقل، ليتحوّل بدوره الى وباء عقدة التفوّق العلمي والمدني الإسلامي الإيراني، الذي بقي ملازما عملاء دول الخليج وسياساتهم المعادية لإيران، تتجلى حقيقة أخرى، تدعمها أدلة لا تقبل الإسقاط تقول: إن فايروس كورونا المستجد covid 19 ليس إلا صناعة جرثومية، أنتجتها المختبرات البيولوجية، من أجل غايات اقتصادية وسياسية، تريد الدّول الإستكبارية الوصول اليها، بل لعلها أقرب الى تصفية حسابات، مع الدول التي تعارض سياساتها، وفي طليعتها كل من الصين وإيران. أما بالنسبة للصين فإنها أصبحت ماردا اقتصاديا، ومنافسا جديا لأمريكا والغرب، وصلت قدرته الى عمق الاقتصاد الامريكي والأوروبي، ولا مجال لدفعه اقتصاديا ولا عسكريا ولا اعلاميا بغير توخي سبيل الخداع والغدر والمخاتلة، كهذه الطريقة في إطلاق حرب بيولوجية خفية لكبح جماح الصين. أما إيران فإنها بعد أن طلّقت مسار التبعية والعمالة الذي كانت تسلكه من قبل على عهد نظام الأسرة البهلوية، بثورة إسلامية لم يشهد لها تاريخ إيران والعالم الاسلامي ولا حتى العالم بأسره مثيلا، افتتحت بها عهدا جديدا، بمعارضة سياسات هيمنة الإستكبار العالمي الذي تتزعمه أمريكا، على العالم الاسلامي خصوصا، وبقية دول العالم عموما، ولم يكن شعارها (الموت لأمريكا)، سوى دليل على ما تمثله هذه الدولة من خطر وجودي كبير، ليس على المسلمين فقط، وإنما على الإنسانية جمعاء. انتشار الفايروس ووصوله الى اوروبا، وبلوغه مستويات عالية نسبيا في التمدد بين فئات الشعوب، لا يلغي الاستهداف الأول، الموجّه الى الدولتين المذكورتين، وعزو ذلك، الى استهانة الدول الأوروبية به منذ البداية، مما أدى الى خروجه عن السيطرة كما حدث لإيطاليا، مع أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار، أن عملية اطلاقه على اوروبا، قد يكون تغطية على فرضية ستؤكدها الأبحاث الاستخبارية، بكونه سلاحا بيولوجيا أطلقه طرف، من مصلحته إيذاء دول بعينها، وهذه الفرضية بدأت تتقوى يوما بعد آخر. وبين مكافحة الصين وإيران للفايروس، وتسخير طاقاتهما الطبية والمختبرية والدوائية والأمنية والعسكرية، بدأت اعراض مواجهة أولى للقضاء على الهجوم البيولوجي الخبيث، ويبدو أن الجهود الجبارة المبذولة صينيا قد نجحت في احتواء الفايروس بما دعاها الى مدّ يد المساعدة الى اصدقائها من الدول، اعترافا بجميل تلك الدول السابق، بينما تتجه الجهود الايرانية الى التغلب بدورها على الفايروس، امتثالا لأوامر الامام الخامنئي، قائد النظام الإسلامي في إيران في مرسومه الذي وجّهه الى القوات الايرانية وحرس الثورة والقوات الامنية، بالتعبئة الكاملة لمواجهة خطر انتشار الفايروس، واحتوائه بمنتهى الجدية التي عرفت بها أركان نظام اسلامي بمؤسساته، وأفلحت في تجاوز عقبات كثيرة، بعزيمة رجال توكلوا على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وفي هذا الصدد أعطى اللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري، تعليماته الى قادة الفيلق في جميع أنحاء ايران، من أجل مكافحة الفايروس، معتبرا أنها تخوض معركة حقيقية، ليست أقل شراسة ولا خطرا من الحروب العسكرية، جنبا الى جنب مع القوى الطبية المدنية والعسكرية، ويؤكد انتشار هذه الاعداد الضخمة من القوات (650.000) وتطبيقها لتعاليم الوقاية، والقيام بدورها في تطبيق التعاليم الوقائية، وتقديم الخدمات وفتح المشافي والمصحات الخاصة بها لجميع المصابين، لتوزيع المنتجات الصحية، وتطهير شوارع المدن، ومنح 100.000 سلة غذائية، نيابة عن آية الله خامنئي، إلى أفقر ضحايا فيروس كورونا، فيما يشارك الآلاف من فرق الباسيج ( قوات التعبئة) في مهنة الطب، في اختبار فحص الفيروسات التاجية، مدى الوعي الديني والوطني والإنساني الذي بلغته هذه القوات. وهذا الاجراء الواسع النطاق، لا يعني أن تلك القوات لم تكن مواكبة للوضع الطارئ، ففور ظهوره في محافظة قم، بدأت بتقديم المساعدة اللوجستية لمستشفى علي بن أبي طالب، ومجمع الامام الرضا الطبي، ومستشفى بقيّة الله العسكري، الذي خصص بالكامل للحالات المؤكدة المصابة بالفايروس، أهّلت فيه وحدة العناية المركزة، لتستوعب 100 مريض، وخصص 1000 سرير لإعادة تأهيل المرضى، وللقوات الايرانية تجارب وخبرات ماضية اكتسبتها خلال الحرب المفروضة، والتي تخللتها هجمات عراقية بالأسلحة البيولوجية، كغاز الاعصاب، وغاز السارين، وغاز الخردل، تكتمت عليه الدول الغربية ولم تعترف به، الا بعد أن أوفدت ايران عددا من مصابيها الى بعض عواصم دولها. لقد استقبل هذا المستشفى بمفرده أمثر من 6000 مريض، ويتوافد اليه بمعدّل 500 مريض كل يوم، كما في محافظة ساري ومشفى الامام الحسين في مدينة مشهد، وسخّر مجاميع القوات العسكرية الايرانية 24 مشفى تدريب ثابتة و13 متنقلة نشطة، و380 عيادة موزعين على كافة محافظات إيران. وتوجّه اللواء حسين سلامي الى مجتمع الأطباء العامين والمتخصصين والأوساط الطبية الذين هم على خط المواجهة لوباء الفيروس التاجي بالشكر قائلا: (أتوجه بخالص الشكر إلى المقر الرئيسي للفيروس التاجي ووزارة الصحة والأطباء والممرضات والعاملين في التمريض ، الذين عملوا معا بمحبة لإنقاذ الأرواح. إنها تجربة رائعة تمر بها مهنة الطب في بلدنا. أؤكد للأمة أننا سنتصدى للتحدي على الصعيد الوطني ، ويمكننا التغلب على هذا الفيروس شريطة أن يتعاون معظم الناس من خلال البقاء في المنزل ومراعاة تعليمات النظافة للرسالة ). وبينما تكافح الدول بمختبراتها وامكاناتها الطبية هذا الفايروس يبدو الرئيس الامريكي وفي وضع آخر مغاير تماما حيث عرض مبلغًا خياليًّا على شركةٍ ألمانيّةٍ (كيور فاك Cure Vac) مُقابل انتِقالها إلى الولايات المتحدة، للاستفادة التجارية من نتائج اختِباراتها المعمليّة الطبيّة المُتقدّمة، التي تُوشِك على إنتاج لقاح ودواء، لعلاج ضحايا فيروس الكورونا الجديد، بما يعنيه ذلك من احتكار العلاج واللقاح، واستخدامه سلاحا لمساومة الدول المكافحة له، خصوصا تلك الدول التي صنفتها الادارة الامريكية عدوَّة في مقدمتها إيران. عرض ماليّ يُؤكّد أيضًا نظريّة المُؤامرة، وقد أكد وزير الداخليّة الألماني (هورست زيهوفر Horst Seehofer) صحّة هذه المحاولة، معبّرا بالقول: “إنّ ألمانيا ليسَت للبيع”، وأنّ بلاده تُريد إنتاج هذا اللّقاح، ليكون متاحا للعالم كلّه، مُشدِّدًا على أنّ الشّركة ستبقى على الأرض الألمانيّة، مهما كانت الاغراءات، وقد أقيل مدير الشركة بعد لقائه بترامب وعودته الى ألمانيا، موقف سيُحسب لألمانيا، ويحق لها أن تفخر به. النتيجة التي احرزتها ايران بتظافر جهودها في انها باتت على ابواب السيطرة على الفايروس رغم الحظر المفروض عليها وقد تجاوزت اليوم في شفاء مصابيها 66599 مقابل 86194 بما يعني انها تقترب من القضاء على الفايروس وهي نسبة تعتبر فيها الأولى عالميا نجاحا في مكافحة الفايروس وجدية ونجاعة الاجراءات المتخذة داخل ايران، وغير مستبعد ان تظهر ايران في موقع المنقذ عالميا من هذا الفايروس.