عندما يلجأ الكيان الصهيوني للإستعانة بأنظمة عميلة، من أجل تشكيل تحالف ضد إيران، فذلك دليل على ضعفه، وعامل قوة في الجانب الإيراني، يحسب لها الأعداء ألف حساب.
مشروع إيران الإسلامية المعلن، منذ انتصار ثورتها الإسلامية، بقيادة الإمام الخميني لم يكن مجرّد كلام أو دعاية، من النظام الإسلامي الجديد، على الساحة الإسلامية والعالمية، بل كان مشروعا حقيقيا، أملاه إيمان قائد الثورة الإسلامية، والتزامه الفعلي بتحقيق معادلة جديدة، تمثّلت في بناء محور مقاومةّ، يعمل بكافة عناصر قوّته من أجل تحرير فلسطين، يكون قادرا على تحقيق آمل الشعب الفلسطيني في استعادة كامل أرضه، وفي ظل وجوده الفاعل، ينهي المسار المساومات وحلّ الدولتين ومفاوضاتها الفاشلة.
نجاح إيران الإسلامية في مشروعها التحرّري، دفع بالكيان الصهيوني الى استعمال كافة أرواقه الداخلية والخارجية من أجل التّصدي له بالدعاية الكاذبة، من أجل عرقلة النظام الإسلامي في أدائه الموافّق تجاه هذه القضية الإسلامية العادلة، خصوصا بعدما ظهرت أعرض تطبيع علنيّ لعدد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني، وهي وإن كانت خفيّة من قبل لدواع الحفاظ على سريتها، خوفا من ردّات فعل الشعوب العربية، إلا أن ظهورها بهذا الشكل أخيرا، يعني أساسا الفصل بين الصادقين في مناصرة القضية الفلسطينية من الكاذبين.
لقد سعى الرئيس الأمريكي المتخلّي لتحقيق أمن الكيان الصهيوني، بواسطة حزام التطبيع العربي الذي أنشأه، وكان الهدف منه أيضا، حشد الأنظمة العربية المطبّعة، في تحالف سياسي وعسكري مع الكيان الصهيوني، يسعى لضرب إيران الإسلامية ومحور مقاومتها، ويأمل أصحاب المشروع الصهيو عربي، وفي مقدمتهم النظام السعودي والإماراتي والمغربي والسوداني، ولا ندري اليوم على من سيأتي الدّور؟
مساعي (دونالد ترامب) لتشكيل حزام أمني حول الكيان الصهيوني يدعمه، ويثبت وجوده في المنطقة، ويحوّله من عدوّ لدود إلى صديق حميم، ويقلب إيران الإسلامية من شقيق وصديق مخلص حميم، إلى عدوّ لدود.
وتأتي تصريحات قادة الكيان الغاصب وادعاءاته الكاذبة الأخيرة المستهدفة لإيران الاسلامية، وخصوصا ملفّها النووي السلمي من أجل عرقلته، في إطار مغالطة كبرى منه، لحجب برنامجه النووي العسكري، وخطره الحقيقي على المنطقة بأسرها، وفي هذا التمشّي الدعائي، صرّحرئيس أركان الجيش الإسرائيلي (أفيف كوخافي)، اليوم الثلاثاء، إن “قوة الردع الإسرائيلية زادت في وجه الدول التي تهدد أمنها”.
وقال: “في مواجهة المحور الشيعي، الذي يمتد من إيران، مرورا بالعراق وسوريا ولبنان تبلور تحالف إقليمي قوي، يبدأ من اليونان وقبرص ومصر والأردن ودول الخليج العربي، حيث تقف دولة إسرائيل داخل هذا التحالف”.ولفت إلى أن تموضع محور إيران “يشهد تباطؤا داخل سوريا نتيجة للعمليات المتواصلة التي ننفذها مع باقي المؤسسات الأمنية، لكن هذا التموضع لم ينته ولا توجد لدى الإيرانيين النية لوقفه ولذلك نشاطاتنا ستتواصل”.
وقال إن “إيران لا تعتبر مشكلة إسرائيلية فحسب بل مشكلة دولية لأنها تغذي الإرهاب في العالم عامة وفي الشرق الأوسط خاصة”، مضيفا أن “العودة إلى الاتفاق النووي لسنة 2015 أو حتى التوصل إلى اتفاق مشابه ومعدل سيكون اتفاقا سيئا على المستويين العملي والاستراتيجي، لذا يجب عدم السماح لذلك”.وأكد كوخافي أنه أصدر “تعليمات إلى جيش الدفاع لوضع عدد من الخطط العملياتية فيما يتعلق بإيران، غير أن قرار تنفيذها يبقى في يد المستوى السياسي بالطبع”.(1)
لم يتأخّر الردّ الرّسمي الإيراني على تخرّصات قائد الأركان الصهيوني التي أطلقها مؤخرا، فقد أكد مدير مكتب الرئيس الإيراني (محمود واعظي)، اليوم الأربعاء، تعليقاً على التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة إيران للتصدي لبرنامجها النووي، أن هذه التهديدات “حرب نفسية وهم يتحدثون كثيراً”، قائلاً إن “الكيان الصهيوني لا يمتلك القدرة على تنفيذ تهديداته، والتي أكد أنها لن تخيف طهران.
وأضاف واعظي، في تصريحات لوسائل الإعلام، بعد انتهاء اجتماع الحكومة الإيرانية، أنّ القوات المسلّحة الإيرانية مستعدة للدفاع عن إيران، وأجرت أخيراً مناورات مختلفة، قائلاً إن هذه المناورات مؤشر على أننا لا نسعى إلى حرب، لكننا جادون في الدفاع عن البلاد.
وعزا سبب التصريحات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، إلى سعي المسؤولين الإسرائيليين للتأثير على سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه طهران، ومنعها من العودة إلى الاتفاق النووي، وقال: إن بعض مسؤولي الكيان الصهيوني يتصورون أن كل ما يصرّحون به تقبل به واشنطن، وما يقوم به الكيان هو مجرّد حرب نفسية.(2)
حرب نفسية، أو ما يسمى اصطلاحا بالحرب الناعمة، التي تستهدف التأثير السلبي في معنويات النظام والشعب الإيراني ومحوره المقاوم، خبِرها وتعامل معها بمنطق إسلامي ثابت، كعادته في مواجهة كافة اشكال الحرب الناعمة (الدعائية)، والتي لا تقل خطرا عن الحرب العسكرية، وكما نجح في استبعاد آثارها السلبية بثقافة المقاومة الاسلامية، التي تعتمد على عقيدة راسخة، في ما عند الله من قدرة على نصر أوليائه، وإن قلّ عددهم وعدتهم، طالما أنهم مجتمعون على الحق والعدل.
الكيان الصهيوني يعيش أسوأ حالات ارتباكه وخوفه، وهو يدرك اليوم جيّدا، أن أي مغامرة سيقدم عليها تستهدف إيران، مهما كانت حجم حلفائه، ولو اشتركت معهم أمريكا بحدّ ذاتها، أنه سيكلّفه غاليا جدّا ليس وحده فقط، وإنما كل من شاركه في عدوانه، إصبع إيران على الزِّناد، وسلاحها ليس أي سلاح، فهو بمختلف أنواعه صناعة وطنية صرفة،قد اثبت قدرة وفعالية ودقّة،لا تحتاج بعدها إلى سلاح أجنبي لتدافع عن نفسها، فليجرّب الكيان الصهيوني حظه العاثر هذه المرة، وهو ما تنتظره إيران بجهوزية قواتها وتوكّلها على الله، ومن يتوكّل على الله فهو حسبه.
المراجع
1 – رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نقف مع تحالف قوي يضم دولا عربية لمواجهة إيران
https://arabic.rt.com/world/1196333
2 – إيران تردّ على تهديدات الاحتلال الإسرائيلي: “حرب نفسية لن تخيفنا”
https://cdn.ampproject.org/c/s/www.alaraby.co.uk/politics