الأحد , 22 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

عودة الى لبنان والضربة النوعية للمقاومة اللبنانية…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

لا شك أن ما حصل في لبنان خلال هذا الأسبوع من تفجيرات البيجر في العديد من المناطق في لبنان الى جانب العدوان على الضاحية الجنوبية الذي أودى بحياة ما يقرب من خمسون ضحية وأدى أيضا الى استشهاد قائد فرقة الرضوان مع رفاق آخرين كان موجعا ومؤلما للعديد من مناصري الحزب وقاعدته الشعبية. الى جانب أنه أعطى فرصة للمتربصين والعملاء وأدوات الدول الغربية ووسائل الاعلام التي تبث السموم يوميا مثل قناة العربية لكي الوجدان والتشكيك بقدرات المقاومة اللبنانية بعد الضربات الموجعة التي تلقتها والتي لأول وهلة أعطت الانطباع الى إحداث خلل في ميزان الردع مع العدو الصهيوني الذي أدخل عنصر الحرب السيبرانية ورفع سقف المواجهة خارقا بذلك كل قواعد الاشتباك والخطوط الحمر التي سادت ما يقرب من سنة لغاية الان.

هللت وسائل الاعلام الإسرائيلية وفرح المستوطنين وتغير المزاج العام داخل الكيان الصهيوني بما حدث الذي اعطى الانطباع أن الجيش الإسرائيلي بدأ يمتلك زمام المبادرة على الجبهة الشمالية وأنه أحدث خللا في منظومة القيادة والتحكم والسيطرة للمقاومة اللبنانية التي لن تستطيع الرد على الأقل في مدى المنظور القريب. أرادت المؤسسة الإسرائيلية توجيه رسالة الى الجمهور الإسرائيلي وطمئنته وهو الذي فقد الثقة بها على أنها ما زالت قادرة على أخذ زمام المبادرة وانها دمرت من خلال القصف الجوي في يوم واحد فقط اكثر من 400 منصة صواريخ للمقاومة وشلت قدرتها على ضرب الصواريخ. وإذا بالضربة النوعية التي وجهتها المقاومة صباح اليوم التالي الى أهم وأكبر ثالث قاعدة عسكرية جوية واستخباراتية وأجهزة تحكم في شمال فلسطين المحتلة التي تنطلق منها الطائرات لقصف لبنان وسوريا التي وبحسب المصادر الإسرائيلي ضريت بعشرة صواريخ وازنة الى جانب قصف شركة رفائيل وهي مجمع صناعي عسكري مختص بالصناعات اليكترونية والتي يعتقد انها الشركة التي فخخت شحنة أجهزة البيجر التي وصلت الى لبنان تعيد موازين الردع الى ما كانت عليه وتثبت بشكل لا لبس فيه ان قدرات المقاومة اللبنانية ما زالت بخير وأن ما تقوله المؤسسة الإسرائيلية ما هو الا كذب وهراء.

ما نريد ان نؤكد عليه هنا ليس الضربات من هنا أو هناك مع انها مهمة بحد ذاتها الا أن الأهم هو الأهداف من تلك الضربات فكل حرب لا بد أن يكون لها أهداف سياسية واستراتيجية محددة والا فإنها تفقد أهميتها مهما تصور البعض ما تحدثه على المستوى المادي من تدمير وقتل. ولنا في حرب الإبادة على غزة المثال الأكبر فبرغم الدمار الهائل والقصف المستمر على مدى ما يقرب من السنة الان لم يحقق الكيان الصهيوني أي من أهدافه التي رفعها منذ بداية الحرب.

الضربة التي وجهتها المقاومة اللبنانية والتي شكلت ضربة نوعية بكل المقاييس من حيث الصواريخ التي استخدمت ووصولها الى عمق فلسطين المحتلة بمدى 70 كيلومترا والمكان الذي قصف وأهميته الاستراتيجية تكون قد أفشلت ما كان يصبو اليه جيش الكيان الصهيوني من تحقيقه وخاصة عودة المستوطنين الى أماكنهم في شمال فلسطين المحتلة وفك الارتباط بين جبهة لبنان والمقاومة في غزة الى جانب أن المقاومة تمتلك من المعلومات والتكنولوجيا التي تمكنها من إيذاء العدو بالرغم مما يمتلكه من معلومات استخباراتية تقدم له مجانا يوميا من أجهزة الاستخبارات وأجهزة التنصت ..الخ من الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وفرنسا مجتمعة. المناطق التي تم قصفها بالصواريخ كانت قد تم تصويرها من قبل الهدهد بشكل دقيق وواضح سابق.

وصول صواريخ المقاومة اللبنانية الى حيفا ومحيطها وضربها بدقة متناهية لا بد أن يقلق المنظومة الأمنية والعسكرية والسياسية في داخل الكيان الصهيوني لما؟ لأنها دخلت في نطاق الاستهداف وتوسيع جغرافية الأهداف ورقعة الرد. يتواجد في هذه المدينة عدد من الأهداف الاستراتيجية منها مرفأ حيفا وهو ثاني مرفأ مدني بعد إيلات وكذلك مصانع الكيماويات وحاويات الامونيا ومصانع عسكرية وغيرها أصبحت جميعها في مرمى صواريخ المقاومة اللبنانية بصواريخها الدقيقة. السؤال الان داخل المؤسسة العسكرية والسياسية ماذا تمتلك المقاومة من صواريخ دقيقة والى أي مدى ستصل؟ وإذا كانت تمتلك صواريخ يمكن أن تصل الى كل المواقع التي صورها الهدهد وإمكانية ضربها بهذا الشكل فإن ذلك سيشكل خطرا استراتيجيا مؤلما على الكيان الصهيوني وخاصة أن القبة الحديدة لن تستطيع الى التصدي لمثل هذه الصواريخ بصورة تامة.

وعلى المستوى الاستراتيجي الابعد في الإقليم والساحة الدولية فإن الكيان الصهيوني كان وما زال يسعى وبكل قدراته وتفوقه التكنولوجي والعسكري أن يعيد امتلاكه لزمام المبادرة ليثبت للإقليم وحلفاءه الغربيين أنه ما زال قويا وما زال قادرا على أن يلعب الدور الوظيفي المنوط به الا وهو حماية المصالح الامبريالية في المنطقة. هذا الدور الذي فقده سواء في غزة او على الجبهة الشمالية بالرغم من كل الدعم المقدم له على جميع الأصعدة من الامبريالية العالمية وحلف الناتو الذي يعتبر أن هذه الحرب هي حربه أيضا، ولكن هذا الكيان يبين فشله في تحقيق ذلك المرة تلو الأخرى منذ السابع من اكتوبر وانه أصبح عبئا على المستوى السياسي والإعلامي لهذه الدول وخاصة الولايات المتحدة.

لقد أوضحت الجبهة في غزة والجبهة الشمالية على وجه التحديد الى جانب الجبهات الأخرى ان هذا الكيان لا يستطيع الصمود أو البقاء دون الحماية المستمرة من الاساطيل والمدمرات وحاملات الطائرات الامريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية والجسر الجوي المستمر لنقل الأسلحة له باستمرار. لقد أصبح الشغل الشاغل لكل القواعد العسكرية الغربية في المنطقة هو حماية هذا الكيان الغاصب.

وحتى الدول العربية التي كانت مندفعة للتطبيع معه أصبحت تتردد في ذلك لشعورها بضعف هذا الكيان مقابل محور المقاومة وما تصريح السعودية الى انها لن تطبع مع العدو الصهيوني الا بعد قيام الدولة الفلسطينية وتصعيد الخلافات بين مصر وإسرائيل مؤخرا وتصعيد لهجة الأردن بما يخص مخططات التهجير والتصدي لذلك الا دليل على شعورهم بوهن الكيان الذي كان يمرح ويسرح في المنطقة دون رادع فإذا به يصل الى حد لوم الدول العربية المطبعة لأنها لا تدافع عنه.

كاتب وأكاديمي فلسطيني

 

 

 

شاهد أيضاً

هدنة لبنان…ليست نهاية المعركة…بقلم ميلاد عمر المزوغي

التحق حزب الله بطوفان الاقصى في يومه الثاني, في محاولة منه لتخفيف الاعباء عن غزة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024