دخل مجال صناعة السيارات في ايران، إطار المساهمة في صمود الجمهورية الاسلامية، امام العقوبات الاقتصادية الامريكية الجائرة، وتعويض عائدات البلاد المستهدفة من النفط، فقد شهدت هذه الصناعة تطورا ملحوظا خلال السنين الفائتة، على مستوى تعدد شركاتها وتنوع وارتفاع انتاجاتها، وباعتبارها تحتل المرتبة الثانية، من حيث مردودية الانتاج، بعد صناعة النفط والغاز، فان مجالها تجاوز الاحتياج المحلي، الى تصدير انتاجها خارج البلاد، رغم شدة التنافس من طرف الشركات العالمية الكبرى، المهيمنة على اسواق الطلب العالمية.
تنتج شركات صناعة السيارات في ايران وفي مقدمتها ( شركة ايران خودرو) ما يزيد عن المليون ونصف المليون سيارة في العام، يذهب اغلبها للاستهلاك الداخلي والاكتفاء الذاتي، والباقي يصدر حسب الطلب، الى دول اسيا الوسطى، أما بالنسبة للنمو في صناعة السيارات، فقد احتلت إيران المرتبة الخامسة في العالم، بعد الصين، و تايوان، ورومانيا ،والهند عام 2009 ، ولولا الحصار والعقوبات الامريكية الجائرة، المسلطة ظلما وعدوانا على ايران لعرقلة نموها، وكبح جماح تقدمها، لكانت المراتب التنافسية التي حازتها ايران لحد اليوم، افضل بكثير، ومع ذلك فان الحاصل في هذا المجال، يشعر بالاعتزاز مما حققه الشعب الايراني، من تميز وتفوق، مثيران للاعجاب حقا.
شاركت ايران سوريا في مجال صناعة السيارات سنة 2007، لكن هذا التعاون توقف، خلال الحرب على الارهاب، وبعد انحسار التهديدات الارهابية، في مناطق قليلة متبقية في الشمال السوري، اعيد نشاط الشركة السورية الإيرانية (سيامكو) وبدأ بإنتاج ثلاث سيارات، (أوتوماتيك بيجو) بسعر 7.8 ملايين ليرة (الدولار = 450 ليرة) و(كروس) بـ7.5 ملايين ليرة و(جيب هايما) بـ11.9 مليونا. أما في الجزائر، فتم انشاء معملين بكلا البلدين، والمعمل الذي اقيم بالجزائر، كان من الممكن اقامته في تونس – لو وجد الايرانيون عندما تواصلوا في عهد الترويكا، من اجل دراسة امكانية اقامة معمل مشترك بين ايران وتونس – من يغلب الوطنية على هوى الحزبية الضيق، فضاعت فرصة ذهبية على تونس، كان بامكانها استغلالها، بتشغيل ما يصل الى عشرة الاف عامل، وفتح سوق تصدير السيارات من تونس الى افريقيا، والاستفادة من عائدات صفقات البيع، فضلا عن توفير الاف مواطن شغل، شبابنا في امس الحاجة اليها.
تمتلك ايران اليوم من الكفاءات والخبرات، ما اهلها ان تكون الاولى على مستوى الشرق الاوسط، والثانية عشرة عالميا في مجال صناعة السيارات. ويبدو ان طموح الايرانيبن في شتى المجالات الصناعية، اكسبهم معرفة وكفاءة عالية، مكنتهم من منافسة مهندسي وخبراء وعلماء الدول الاخرى، نحو تقديم ابتكاراتهم في مجال سبقهم، ففي مجال صناعة السيارات، دخلت ايران مجال تصنيع سيارة كهربائية، بمواصفات عالمية، فقد رفع مجمع (سايبا) الصناعي الإيراني، الاثنين الستار عن سيارة (سایناEV )الجديدة التي تعمل بالطاقة الكهربائية. ستنافس فيها الدول ذات الباع الطويل، في صناعة السيارات، والتي اولت هذا النوع من السيارات اهتماما كبيرا، باعتباره بديلا عن المحروقات، في حال نفاد انتاجها، وصديقا للبيئة لا تلوثها كما هي شأن السيارات العاملة بالمحروقات، ويبدو ان مستقبل ايران في هذه الصناعة، سيكون مزدهرا وموفقا، خصوصا وهي تطرح انتاجها، باسعار تفضيلية لا تقبل التنافس، وتستجيب لامكانات الشعوب المحدودة الدخل.
جدير بالذكر ان همم الخبراء الايرانيين في مجال صناعة السيارات، لم تقف عند الموديلات الفرنسية فقط، وانما ابتكروا موديلات خاصة بهم، لاقت استحسانا ورواجا في الاسواق الداخلية والخارجية، بسبب قدرتها على المنافسة، من حيث الجودة ومتناول الاسعار. لذلك يمكن القول، بان فشل امريكا في ثني ايران، واجبارها على العودة الى بيت العمالة والتبعية، والخضوع لارادتها، والقبول باملاءاتها، تحقق فعلا على مستوى سياسي واقتصادي واخيرا عسكري، واعلان الهزيمة أمريكيا، بدأ منذ اسابيع، بعد الضربة الصاروخية الموجعة، التي وجهها الحرس الثوري، الى قطاعات الجيش الامريكي، المتواجدة في قاعدة عين الاسد بالعراق، زيادة على تعابير ترامب وادارته المتكررة للحوار مع ايران، واجابات ايران الثابتة بانه لا مجال للحوار مع ادارة مستكبرة، لا تزال تفرض عقوبات على ايران مثيرة للسخرية، ثبات ايراني متواصل، قابته ذبذبة امريكية، لا تحتاج الى تفسير، بغير ان الباطل لا يمكنه الصمود في وجه الحق.