ليس جديداً أن يثار موضوع مصير أموال الحج التي يسيطر عليها النظام السعودي، لكن الجديد أن يخرج من هيئة دينية، حيث أعلنت نقابة الأئمة التونسيين، عن مطالبتها الرسمية من المفتي العام للجمهورية التونسية بإلغاء الحج لهذا العام، لأن السعودية تستخدم أموال الحج في العدوان على دول عربية وإسلامية كسورية واليمن. الطامة الكبرى التي تلقاها النظام السعودي بأنها جاءت من هيئة لا يستطيع اتهامها بالطائفية وتوظيفها إعلامياً، كما جرت العادة عند الحديث عن إدارة الأماكن المقدسة أو عن مصير أموال الحج.
الجديد أيضاً ليس في توظيف تلك الأموال في قتال بين المسلمين أو في شراء اليخوت لأمراء النظام السعودي وشراء لوحات فنية بمبالغ خيالية أو في خدمة الآلة الحربية الغربية ضد المنطقة، لكن الجديد هذه الشراسة التي توظف فيها أموال الحج في قتال دول إسلامية، من أجل لا شيء سوى التدمير والقتل وتمكين أعداء الأمة في المنطقة.
بأموال الحج ومعه النفط جمعت السعودية تحالفاً ضم دولاً إسلامية وأجنبية ومرتزقة للحرب على دول وحركات رفضت الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ورفضت الوجود الغربي في المنطقة ولتدمير اليمن وتمزيق وحدته، إلى درجة أن يوصف وضعه بأسوأ كارثة إنسانية، وكل ذلك على يد تحالف العدوان السعودي الذي يزداد شراسة كلما رفضت المقاومة اليمنية الهزيمة، لتقابل بثارات البدوي والذي من خلال الأموال الكثيرة التي بين يديه يظن أن باستطاعته إركاع شعب الحرية، فيما القبلة الأولى للمسلمين ترزح تحت احتلال صهيوني يدنس المقدسات، والنظام السعودي يبارك له بالتطبيع ولقاءات سرية وعلنية واتفاقات اقتصادية.
جاء صدى ما أثارته نقابة الأئمة التونسيين من ماليزيا التي أعلنت انسحابها بشكل كلي ورسمي من تحالف العدوان والحرب على اليمن، رغم أنه بالأصل ما كان يجب أن تكون به ولكن يصعب علينا ترديد مقولة «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، فما يمنعنا عنها دماء أبرياء سفحت من أجل لاشيء، وهذه اللاشيء كلف ملايين الأرواح والتشرد والمرض واليتم والإعاقات.
أكثر من ستة مليارات دولار كل عام تنفق على الحج تصب مؤقتاً في خزائن النظام السعودي، فيما بلدان إسلامية واقعة تحت خط الفقر وكل ما تقوم السعودية هي استغلال فقرهم وتوظيفهم كمرتزقة في حروب لا طائل منها سوى التدمير، فيما التوظيف السياسي للحج لم ينتهِ من خلال منع شعوب إسلامية من الحج.
وبالمحصلة فإن غزوات البداوة هذه لن تنتهي مادامت أموال الحج والنفط بأيدي نظام سفيه يجب الحجر عليه.
صحيفة تشرين