“الحمد الله عليك لقيت خوك العاقبة لي نلقى ولدي ” بنبرة حزينة واست احدى السيدات اخت احد الضحايا امام غرفة الاموات بالمستشفى الجهوي بجرجيس..لتصل فجأة سيارة الموتى التابعة للبلدية وسط مرافقة امنية حاملة جثة اسرعت نحوها الفتاة لتتعرف على جثة اخيها احد مفقودي حادثة “حراقة” جرجيس.
كان المشهد قاسيا جدا ومؤلما فتلك الفتاة وهي التي جاءت تبحث رفقة عدد من عائلات المفقودين بين رفوف غرفة الاموات بالمستشفى عن جثة اخيها بكل شجاعة في الظاهر لم تتمالك نفسها وهي تتعرف على جثة اخيها التي انتشلوها من البحر واحضروها لتاخذ مكانا لها في تلك الغرفة.
وقد شيعت اليوم هذه العائلة جثمان ابنها الى مثواه الاخير بحضور اعداد كبيرة من اهالي جرجيس الذي جاؤوا ليشيعوا بوجع الفراق ابنهم الذي يعد الضحية السابعة لحادثة غرق مركب الهجرة غير النظامية الذي لا يزال 11 من ضحاياه مفقوين .
اختلطت في هذه المدينة الاحاسيس وتناقضت من ذلك ان تقديم العزاء للعائلة اضحى مرفوقا بتقديم التهنئة بالعثور على فقيدها خاصة في ظل تواصل البحث عن 11 مفقودا اخرين .
لفاجعة جرجيس حكايات كثيرة واوجاع كبيرة تقاسمتها كل العائلات رغم اختلاف حجم الوجع فمن عائلة فقدت 3 من افرادها الى عائلة فقدت وحيدها واخرى فقدت رضيعا بعد ان دفنت امه ..الى صدمة اب تعرف على جثة ابنه وهو يحضر عملية اعادة اخراجها من القبر بعد عدة ايام.. وام تلامس ملابس ابنها المقبور ايضا حتى تتحسس نقودا اخفتها بداخله… تلك هي فاجعة جرجيس التي اهتزت لها تونس باكملها .
دفع الم الحزن والوجع كل العائلات الى طلب المحاسبة والى تحميل المسؤوليات لمن تورط في دفن ابنائها دون هوية وعائلات اخرى لا تزال تطالب بالبحث عن ابنائها علهم يعثرون عليهم بين القبور المنسية في مقبرة الغرباء او بين رفوف غرف الاموات بالمستشفيات.
لم تمنح هذه الحادثة بما رافقها من اطوار اليمة الفرصة للبحث في اساب الحرقة او محاسبة عائلات ملتاعة هي من وفرت المال لطفل الرابعة عشرة والسادسة عشرة لخوض مغامرة الهجرة غير النظامية اومن ترك رضيعة تواجه امواج البحر دون ذنب ..
وسط كل هذا الدمار انطقت امراة بكل شجاعة والم ولوعة لتتوجه بالقول لجموع من الناس في احدى التجمعات ذات يوم بعد حادثة جرجيس “علاش ننحرمو من اولادنا انا أم حرمت من ولدي ..ابني حرق ولا ينقصه شيء فقط اخذه التيار وانساق وراء هذه الموجة”
تكلمت هذه الام التي لبست السواد فادمت كل القلوب وادمعت كل العيون وهي تهتف بنبرة صوت مرتعش حزنا “حرام عليكم ارحمونا يا ابناء تونس بالخارج عند عودتكم لا تدوسونا بسياراتكم الفاخرة خاصة وان اغلبكم تسوغتموها.. ويا من وصل باريس لا تلتقط صورة امام برج ايفل لقد هوستم ابناءنا وسلبتم عقولهم واحرقتم قلوب الامهات “.
تواصل هذه السيدة حديثها وسط جموع من المحتجين الذين تجمعوا في يوم غضب بجرجيس هذا الاسبوع حرقة على فاجعة غرق ابنائهم في عملية هجرة غير نظامية قائلة “لم نكن نعرف مثل هذه الظاهرة الا بعد سنة 2011 فقد كنا وابناؤنا في امان نعيش من هذا البحر يركبون السفن ويعودون ولاهاجس لهم ابدا في المغادرة”.
The post فاجعة جرجيس : عندما يصبح خبر العثور على جثة احد ضحايا حادثة غرق مركب الهجرة غير النظامية خبرا “مريحا” لعائلات الضحايا first appeared on المصدر تونس.