د. أنور العقرباوي-فلسطيني واشنطن |
في موازاة قمة أوسلو كانت هناك قمة تعقد في سوتشي، وعلى الرغم من تقارب المسافات بينها، إلا أنه من المفترض تباعد الأجندات فيما بينها، لولا مثول الأجيرعميل الأمريكان فيها، اللذي جعل منها سبيلا للمراوغة في كسب الوقت، أملا في كسب ود سيده التقليدي، على أمل فرض منطقه وسيطرته بعد إقامة ما يسمى “المنطقة الآمنة”، في الوقت اللذي حنث بإلتزامات أستانا، إلا في أخذ العبرة من التجارب المريرة مع الأمريكان!
لا شك أن الكثيرين يتذكرون زيارة أحد زعماء حزب الشاي العنصري الأمريكي، مايك بومبيو عندما أصبح الوزير الحالي لخارجية بلاده إلى القاهرة في كانون الثاني يناير المنصرم، التي ألقى حينها في الجامعة الأمريكية موعظته، الداعية إلى إنهاء جميع الصراعات بين دول الشرق الأوسط، من أجل التصدي لما أسماه النفوذ الإيراني في المنطقة، زاعما أنما بلاده “قوة خير” جاءت إلى المنطقة، من أجل هزيمة “الدولة الإسلامية”، على النقيض من سياسات سلف سيده، أوباما التي وصف نتائج سوء التقدير فيها بالسيئة، واللذي سبق وأن قام بزيارة مماثلة إلى مصر في تموز يونيو عام 2009, وألقى خطابا في جامعة القاهرة، وهو يبشر حينها بوصاياه السبع، والتي استشهد في إحداها بالأية الكريمة من صورة المائدة “أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”، دون أن ترمش لأي منهم طرف عين، أو أن يتحشرج لهم صوت وهم على الملأ يكذبون، بعد أن أمعنوا قتلا ونهبا وتخريبا في كل مكان!
يا لها من مفارقات يندى لها الجبين، عندما يصبح العدو التاريخي للأمة، الحليف الإستراتيجي في مواجهة أخوة لهم في العقيدة والمصير المشترك، تماما عندما حاولوا عبثا أن يجعلوا من أبناء الوطن الواحد في سورية قبائل وطوائف وأقليات، تستقوي على بعضها البعض!
شكرا أيها القائد الأسد، وقد أسهبت في شرح معالم الطريق في حلكة هذا التيه والظلام الشديد، وأنت تضع النقاط على الحروف، على هدي من وضوح الرؤية و إستقلالية القرار الوطني، نحو مستقبل يعيد هذه الأمة إلى صواب أمرها ومجدها العتيد.