لا يمكن لأحد إنكار الحقيقة التي تروي، مشاركة الكثيرين من العرب جنودا كانوا أو متطوعين، في القتال من أجل عروبة فلسطين، قبل أن يرووا بدماءهم الزكية مهد مسيحها ومسرى نبيها، التي لا تزال نصبهم التذكارية تقف شاهدة على بسالتهم وتضحياتهم وعمق انتماءهم لأمتهم، وهم يؤكدون بذلك سوية مع أهلها على وحدة الدم والمصير!
صحيح أن ما أقدمت عليه بعض الأنظمة العربية، من هرولة في التطبيع مع عدوها التاريخي والأبدي، إنما يصب في خانة الخيانة والخزي والعار، إلا أن ذلك لا يمكن له في أي حال أن ينسحب على شعوبها، التي تتقاسم مع باقي أمتها العربية، الهم نفسه من الضياع والقهر والإقصاء والخداع، خاصة منذ توقيع المسرحي السادات على معاهدة كامب ديفيد، الذي ما لبث أن انضم إليه لاحقا النظام الوظيفي المصطنع، بقطار الحل الأمريكي المزيف في وادي عربة، وما تخللهما من خطيئة وقعت فيها القيادة الفلسطينية، عندما انطلت عليها خديعة أوسلو!
وإذا كانت القضية الفلسطينية لها من الخصوصية للحفاظ على هويتها الوطنية ما يبررها، وهي تفتديها بأرواح الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى وملايين المشردين من أبناء شعبها، اللذين مثلوا ولا يزالون رأس الرمح في معركة الوجود مع العدو الصهيوني، إلا أن ذلك لا ينفي عنها عمق وأصالة انتمائها لأمتها العربية، التي طالما كانت هذه الأمة ولا تزال وقد أثبتت على مر العقود، أن فلسطين هي قضيتها المركزية والأولى في ضميرها ووجدانها، وحين أكدت بالفعل لا بالقول أنها الجبهة التي مثلت ولا تزال السند الحقيقي والعمق الإستراتيجي لها، مهما تقاطعت مصالح بعض الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني، التي لا يخفى الهدف منها في سبيل الحفاظ على عروشها، في الوقت الذي لا يتوانى فيه على استغلالها، من أجل تطويعها وتركيعها أمام القوة الصهيو-أمريكية!
وإن كان من الطبيعي أن تتوالى ردود الأفعال، على الخطوة التطبيعية الإماراتية المستنكرة والمستهجنة، فلعله من الواجب التنويه على ضرورة الوعي والحذر، من الأقلام والتغريدات المندسة وحتى المغرر بها، حتى لا يحصد العدو الصهيوني من ورائها، ما عجز عنه طيلة عقود من محاولات في شق صفوف أمتنا، من خلال المس بالحقيقة التي ترسخت في وجداننا، بأن فلسطين إنما هي قضيتنا كلنا، حتى يوم التحرير القادم لامحالة، عندما سوف تبيض وجوه وتسود وجوه، وتنعم براحة وسلام أرواح الشهداء، اللذين أكدوا على وحدة المصير والدم، وهم يضحون من أجل أن تبقى فلسطين حرة عربية.
* فلسطيني واشنطن