ظهر زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبوبكر البغدادي أمس الاثنين للمرة الأولى منذ خمس سنوات في فيديو دعائي نشره التنظيم المتطرف عبر قنواته على تطبيق تلغرام على طريقة زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن سواء من حيث الشكل أو من حيث مضمون الخطاب.
وفي الفيديو الذي يحمل عنوان “في ضيافة أمير المؤمنين”، يظهر البغدادي بلحية طويلة بيضاء ومحناة على الأطراف، واضعا منديلا أسود على رأسه ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم.
ولم يتضح تاريخ تصوير الفيديو، غير أن البغدادي يقول في بدايته إن “معركة الباغوز انتهت”، في إشارة إلى طرد التنظيم من آخر جيوبه في شرق سوريا قبل ما يقارب الشهر.
وإذ يشدد البغدادي على أن “الله أمرنا بالجهاد ولم يأمرنا بالنصر”، يؤكد أن الاعتداءات الأخيرة التي استهدفت سريلانكا في عيد الفصح وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية جاءت “ثأرا” للباغوز.
ويصر البغدادي على أن “معركة الإسلام وأهله، مع الصليب وأهله، معركة طويلة وسيكون بعد هذه المعركة ما بعدها”.
وقال إن مقاتلي التنظيم المتطرف الذي مني بهزائم عسكرية متتالية على مدى السنتين الماضيتين “سيأخذون بثأرهم”.
وخسر أبوبكر البغدادي المدرج في رأس قائمة كبار المطلوبين في العالم، دولة “الخلافة” المزعومة التي أقامها لأكثر من ثلاث سنوات وبات اليوم يختبئ في كهوف الصحراء السورية، بحسب محللين.
وبعدما كان يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لا يقود البغدادي اليوم إلا مقاتلين مشتتين عاجزين بأنفسهم عن معرفة مكان وجوده.
وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إلى البغدادي البالغ من العمر 47 عاما والذي سرت من العام 2014 شائعات كثير عن مقتله لم يتم تأكيدها.
وقال زعيم التنظيم المتطرف الذي توارى عن الأنظار منذ 2014 وترددت أنباء عن مقتله وأخرى عن إصابته وبقي مصيره مجهولا منذ تحرير الموصل العراقية والرقة السورية وفقدان الباغوز آخر معقل له في سوريا، “معركة الإسلام وأهله طويلة ومعركة الباغوز انتهت وقد تجلت فيها الهمجية والوحشية وقد تجلت فيها شجاعة أمة الإسلام”، مضيفا أنه “لا يمكننا أن ننسى الأمراء والجنود الذين تحملوا العبء الأكبر في هذه المعركة”.
وضمّن البغدادي التسجيل عدة إشارات لعدة وقائع جدت في الفترة القليلة الماضية منها ما جرى في الجزائر واستقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعزل الرئيس السوداني عمر البشير. كما تحدث عن العملية الإرهابية الدموية في سيريلانكا التي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال عن عملية سيريلانكا “إخواننا في سريلانكا أثلجوا صدور الموحدين بعملياتهم الإنغماسية في عيد الفصح وهو جزء من الثأر”، محرضا على شن عمليات في السعودية ومعلنا مسؤولية التنظيم عن عملية الزلفي في الرياض.
وظهر البغدادي للمرة الأولى في تسجيل من مسجد النوري الكبير في الموصل أثناء أدائه صلاة الجمعة في جويلية من العام 2014.
وإضافة إلى موقع سايت المختص بشؤون الجهاديين، أكد خبير الحركات الجهادية هشام الهاشمي أن البغدادي هو بالفعل من ظهر في الفيديو، مشيرا إلى “نفس مخارج الحروف ونفس الشكل الذي لم يتغير”.
ولفت إلى “ثقل في حركة يده اليمنى وعدم التفاته إلى اليمين، ما يؤكد ما نشر في 2016 بأنه أصيب في يده اليمنى”، لكن التحالف الدولي أوضح أنه ما زال يحاول التأكد من صحة الفيديو.
وسرت شائعات كثيرة لم يتم تأكيدها عن مقتل “الخليفة”، ونجا البغدادي من عدة هجمات جوية وأصيب مرة واحدة على الأقل، بحسب تقارير إستخباراتية ومراقبين يؤكدون أيضا إصابته بمرض السكري.
وأعلنت الاستخبارات العراقية في مطلع جويلية من العام الماضي، مقتل نجل البغدادي حذيفة البدري في سوريا بثلاثة صواريخ موجهة روسية أصابت المغارة التي كان بداخلها. وقد أكدت وكالة أعماق التابعة للتنظيم وقتها مقتله.
وولد البغدادي في العام 1971 لعائلة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلا من الثانية. ووصفته إحدى زوجتيه بأنه “رب عائلة طبيعي”.
وكان دخوله إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، نقطة حاسمة في حياته، فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل لدى اجتياح العراق في العام 2003 مجموعة جهادية ذات تأثير محدود في فيفري 2004، وأودع سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.
وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين وجهاديين سنّة. وتحول في ما بعد إلى ‘جامعة الجهاد’. وقد أدرك الجيش العراقي بعد عشر سنوات أنه يواجه قادته السابقين من حقبة النظام السابق والذين انتقلوا إلى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.
بعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبومصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين السنّة تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت “أبودعاء” وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه، لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحا، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية ‘دولة العراق الإسلامية’ في ماي 2010، بعد مقتل زعيمها أبوعمر البغدادي ومساعده أبوأيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع الجهاديين في العراق. وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها وتحولت في العام 2013 إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بعدما استغل الجهاديون النزاع في سوريا المجاورة قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.
وكالات