يوم الخميس الماضى، أقر الكنيست الإسرائيلى واحدًا من أكثر القوانين عنصرية وحماقة فى التاريخ، وهو « قانون القومية » الذى يتضمن التشديد على أن إسرائيل هى دولة اليهود فقط، والعبرية لغة الدولة الوحيدة وإلغاء العربية كلغة رسمية كان معترفًا بها من قبل، واعتبار القدس عاصمتها الأبدية، واقتصار حق تقرير المصير على اليهود فقط.
خطورة هذا القانون أنه ينسف كل الجهود المبذولة من عشرات السنوات لبدء مفاوضات سلام جادة مع الفلسطينيين، ويحرم 7 ملايين فلسطينى من حق العودة الذى يعطيه لهم القانون الدولى ومواثيق الأمم المتحدة، كما يخرج القدس من هذه المفاوضات، ويعطى «الشرعية » لأى حكومة إسرائيلية فى التوسع فى الاستيطان ومصادرة الأراضى الفلسطينية، بل وطرد من تبقى من الفلسطينيين من أراضى أجدادهم.
باختصار، هو قانون شن الحرب الدائمة على الفلسطينيين وعلى هويتهم، وتصفية قضيتهم، بل وتصفيتهم هم شخصيا كشعب ضارب بجذوره فى أعماق التاريخ، رغم أن وجوده فى أرض فلسطين التاريخية يسبق الوجود اليهودى العابر عليها!
هذا عن العنصرية، لكن الحماقة فى هذا القانون تبدو جلية حينما ندرك أن تعريف « اليهودى » لا يزال محل جدل ساخن فى إسرائيل ، لا يوجد تعريف متفق عليه بين كل القوى والأحزاب والجماعات اليهودية بل والمؤسسات الدينية فى إسرائيل عن هذا الانسان اليهودى الذى أصبحت له فجأة دولة خاصة به وحده عصر الخميس الماضى!!
القانون الإسرائيلى – بكل عنصريته وحماقته – لا يعبر إلا عن مجتمع خائف ودولة أكثر خوفًا، أصبحت أول دولة دينية فى عصرنا الراهن، وتمتلك أسلحة فتاكة منها النووية وتسيطر على مراكز نفوذ مهمة فى دوائر القرار فى الدول الغربية، ومع أن هتلر سبق وأن بنى دولة عظمى فى ألمانيا على أسس عنصرية، لكنها سرعان ما انهارت وأصبحت مجرد ذكرى بائسة لرجل دموى مجنون، وحتى نظام الفصل العنصرى الذى كان سائدا فى جنوب إفريقيا لمئات السنين سقط فى وحل جرائمه ضد السود أصحاب الأرض الأصليين، تماما كما سقط النازيون فى ألمانيا، وكما ستسقط الصهيونية فى إسرائيل.
المقاطعة العربية لإسرائيل هى الحل الوحيد فى ظل الظروف الدولية والإقليمية الراهنة لإسقاط الطابع الصهيونى الذى يسيطر على يهودها وعلى تصوراتهم العنصرية للهيمنة على المنطقة العربية كلها وليس على فلسطين فقط.
إذا كانت إسرائيل تحفر قبرها بيدها فلندعها تفعل ذلك كما يحلو لها؛ لأننا نستطيع إقناعها أو الضغط عليها لكى تستجيب لإقامة سلام عادل مع العرب، ولبناء دولة ديمقراطية على أرض فلسطين تجمع الفلسطينيين مع اليهود.
السلام الحقيقى مع إسرائيل لن يتحقق إلا بشرط واحد، وهو أن تختفى إسرائيل نفسها بقوانينها العنصرية وسياساتها الدموية – لا اليهود كشعب – من الوجود، وغير ذلك فهو مجرد سراب خداع.
الوفد