أطلعتنا الاخبار في الاونة الاخيرة عن ابرام وزارة المجاهدين وذوي الحقوق – وزارة قدماء المحاربين – عديد الاتفاقيات الثنائية للتعاون في مجال التراث التاريخي والثقافي مع عدد من القطاعات الوزارية الاخرى كوزارة الشؤون الدينية ووزارة التكوين المهني ووزارة التربية والكشافة الاسلامية الجزائرية وغيرها من الهيأت بأهداف ومضامين نبيلة ،وبحسب تصريح وزير القطاع السيد “الطيب زيتوني ” أثناء إمضاء أحد هذه الاتفاقيات قال: “تهدف هذه الاتفاقات بالخصوص للحفاظ والتعريف بالذاكرة التاريخية وتكريس قيمها وأبعادها ودلالاتها الرمزية العميقة وتعميم الثقافة التاريخية وبهدف ارساء قواعد متينة للعمل التكاملي والتنسيق الدائم والتعاون المثمر والتشاركي بين كل هذه القطاعات لتعميم الثقافة التاريخية وترقية الذاكرة الجماعية للأمة باعتبار كل مؤسسة لها تأثيرها الخاص المتميز على الفئة المتعامل معها من طرف كل قطاع ” .
من خلال هذا التصريح لوزير المجاهدين وذوي الحقوق نستشف أن تفعيل هذه الوسيلة من طرف الوزارة ومن ورائها مختلف مصالحها الخارجية وهي إبرام اتفاقيات إطار للعناية بالذاكرة التاريخية قصد تنفيذ برنامج قصير أو متوسط المدى هي الوسيلة الانجع لتحقيق هدف نشر الرسالة التاريخية حفاظا على الموروث التاريخي الوطني بتأطير من الوزارة المختصة تنسيقا مع القطاعات الأخرى وذلك لفتح مجالات ومساحات أخرى مشتركة مباشرة مع عديد فئات المجتمع حفاظا على احد أهم مقومات الشخصية الوطنية والمكونات الاساسية للهوية الوطنية وترسيخا لروح الثوابت الوطنية لدى نشئنا الصاعد مما سيسمح بإعطاء الاجيال من الجزائريين لقوة تاريخهم المجيد وكيف يمكن أن نبني الجزائر معا ، وهي المساهمة من هذا القطاع الاستراتيجي في خلق ديناميكية وحركية ضمن المجتمع للتعريف بتاريخ الجزائر لا سيما المرتبط بالمقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954.
الاتفاقات الثقافية بأهداف تعليمية لإيصال الرسالة التاريخية أيضا يجب أن تكون مدروسة دراسة علمية وفكرية لإعطاء صورة تستقطب الرغبة في الاهتمام والتعلم من طرف المهتمين والشباب والذي ترجو منه وزارة المجاهدين وذوي الحقوق من خلال أهدافها تلك الصحوة التاريخية التي تقوي الاعتزاز بالوطن وحبه ، ولذلك ستسمح هذه الاتفاقات الاطار وتحدد الكثير من الاليات التي سيتعاون من خلالها كل قطاع لانجازها وقد نصت هذه الاتفاقات على تلك الآليات التي تسمح لنا بمعرفة قيمتها وفعاليتها وقيادة قاطرة الإشعاع التاريخي الثوري من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق ومن أهم بنودها مايلي :
– المساهمة في صون الذاكرة الوطنية والمحافظة عليها وحمايتها
. نقل الموروث التاريخي والثقافي للأجيال الصاعدة عبر جميع الوسائط المتاحة –
– إحياء الأيام و الأعياد الوطنية و كذا الذكريات و الرموز و الأحداث لاسيما المرتبطة بالمقاومة الشعبية و الحركة الوطنية و الثورة التحريرية المجيدة و نشر ثقافة الاهتمام بها، لاسيما لدى الشباب والناشئة ،
– المساهمة في ترقية وتبليغ رسالة التاريخ الوطني لأجيال الصاعدة ،
– غرس روح و مبادئ و قيم أول نوفمبر 1954، و جعلها مرجعا في تكوين الأجيال.
– الاهتمام بالشباب و تأطيره و تكوينه من خلال ترسيخ تاريخ الجزائرالتليد في قلوبهم بهدف احتضان الذاكرة الوطنية و الحفاظ على الموروث التاريخي للثورة التحريرية المجيد .
– تنظيم الأيام الدراسية والندوات والملتقيات التي تعالج المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
– المساهمة في جمع الوثائق التاريخية و الأشياء المتحفية، و كذا تسجيل الشهادات الحية لكتابة التاريخ الوطني و تخليد مآثر الثورة و المحافظة عليها.
– مرافقة الشباب في مجال الدراسات و البحث التاريخي، بكل الوسائط المتاحة لاسيما في المواضيع ذات الصلة بالطرفين.
– إعداد برنامج عمل مشترك يهدف إلى الاهتمام بالشباب و تأطيره و تكوينه لاكتساب الكفاءات والمهارات و المساهمة في بناء وطنه .
– تبادل المطبوعات و المنشورات المنجزة من قبل الطرفين .
هاته عينة عن البنود الراقية بأهدافها وما تكتسيه من أهمية لتبليغ التاريخ الوطني ولكل ما يرمز للذاكرة الوطنية تعد مرجعا للمصالح الخارجية لوزارة المجاهدين المنتشرة عبر التراب الوطني تبني به حصنا منيعا تحتمي به الأجيال محليا وخاصة بمناطق الظل الهدف الدائم لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق من خلال تركيز وزير القطاع عليها خاصة في الآونة الأخيرة ، وعليه وجب العمل على تفعيل الاتفاقيات المبرمة أو ابرام أخرى جديدة مع مختلف القطاعات والهيأت على المستوى المحلي وتجسيدها ميدانيا بأساليب علمية ومنهجية حديثة لتكون مساهمات القطاع محليا بناءة من خلال المساهمة في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية وحتى السياحة التاريخية .
هذا الحديث يجرني إلى تجربة المتحف الولائي للمجاهد بقالمة من خلال وسيلة الاتفاقيات الثنائية للتعاون في مجال الحفاظ وإثراء وصون الذاكرة التاريخية للثورة ، حيث أنه لا يمكن تجسيد ميدانيا البرامج التاريخية والثقافية المختلفة على المستوى المحلي دون التنسيق والتعاون والاشتراك مع مختلف المؤسسات والهيأت الأخرى ولن تكون أنجع من وسيلة الاتفاقيات الثقافية التي تسهل العمل وتجعله أكثر فعالية وينال رضا كل طرف ، وقد كانت لنا تجربة فريدة من نوعها مع مديرية التربية لولاية قالمة حيث أن اتفاقية مبرمة مع مصلحة النشاط الثقافي لمديرية التربية تسمح لنا بتحقيق معدل عال من الانشطة المشتركة والوسائل المبتكرة ومنها الترخيص للمتحف الولائي للمجاهد بالتنقل وزيارة المؤسسات التربوية على مستوى تراب الولاية بأطوارها الثلاث خلال كل موسم دراسي من أجل تنظيم معارض تاريخية متنقلة وعروض لأشرطة سمعية بصرية – بالخصوص المنتجة من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق – واختتامها بدروس تلقينية تاريخية متبوعة بتفاعلات ونقاشات تخرج التلاميذ عن الطابع التقليدي لدروس المقررات الدراسية وأخيرا توزيعا لجوائز رمزية للمجيبين على أسئلة تخص موضوع المناسبة وتكريما بشهادة تقدير كذلك لمدير المؤسسة وبعض الأساتذة لتوفيرهم لنا الظروف الملائمة للعمل هذا الاسلوب والطريقة من أولها الى أخرها مدروسة جيدا من كل النواحي حتى نضمن الاستمرار والاستحسان ، ينشط هاته التنقلات عبر تراب الولاية مجموعة من إطارات المتحف على رأسهم مديره مرفوقين بأعضاء من المجلس العلمي للمتحف وبمساعدة أحيانا أساتذة المؤسسات المتنقل إليها أيضا تسمح الاتفاقية أيضا ببرمجة بعض الأدوار المتقدمة من مسابقات بين المؤسسات التربوية بقاعات المتحف للمحاضرات وما يتخللها من تنفيذ لبرنامج ونشاطات ثقافية وتاريخية تربوية بحضور أولياء التلاميذ مايزيد النشاط رونقا خاصا … ، نموذجا أخر للاتفاقيات الثقافية ولكن هذه المرة ثلاثية بين متحف المجاهد لولاية قالمة وديوان مؤسسات الشباب بالولاية والطرف الثالث جمعية أفاق للأنشطة الشبانية حيث أبرم متحف المجاهد اتفاقية نشاط ثلاثية تقوم من خلالها مؤسسات الديوان من دور الشباب ومراكز التسلية العلمية والقاعات متعددة الخدمات والمركبات الرياضية الجوارية وغيرها المتواجدة عبراقليم الولاية بتأطيروتسيير قوافل زيارات دورية للمتحف خلال كل مناسبة وطنية لفائدة مرتديها ومنخرطيها بمختلف النوادي والجمعيات تختار المنطقة الزائرة من البلدية التي تحتضن الاحتفالات الرسمية لكل مناسبة وتعطى إشارة انطلاق القافلة من طرف والي الولاية التي يكون المتحف في استقبالها ببرنامج ثقافي و تاريخي ثري ويقوم الطرف الثالث وهو الجمعية الشبانية بمرافقة القافلة من حيث ضمان النقل ووجبة طريق خفيفة ، أما النموذج الثالث للاتفاقيات المبرمة هي اتفاقية مبرمة مع المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني للتسيير بقالمة حيث تم إعداد برنامج سنوي يشمل برمجة عديد النشاطات التاريخية بين الجهتين كالندوات التاريخية والمسابقات والزيارات الميدانية لأجنحة المتحف وعرض أشرطة تاريخية وغيرها من الأنشطة بهدف كما تنص الاتفاقية على ذلك بجعل المؤسسة المتحفية معلما تاريخيا تربويا حفاظا على الذاكرة الجماعية التاريخية وغرسه لدى الناشئة ، ومن جهة أخرى كما تنص الاتفاقية أيضا على جعل معهد التكوين المهني للتسيير منارة سواء في مجال تكوين الأجيال في مختلف المهن ذات العلاقة بالتسيير وكذا المساهمة في ترسيخ بطولات الشهداء والمجاهدين لدى الممتهنين .
هذه نماذج من المتحف الولائي للمجاهد بقالمة لاتفاقيات محلية بصبغة وطنية خدمة وحفاظا على ذاكرة الأمة لما تم انجازه في الماضي بما يدفعنا معا لبناء الحاضر والمستقبل لجزائرنا الجديدة .