الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

قطع الجزائر للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب لم تكن خطوة إعتباطية أو آتية من فراغ فهذه الخطوة اتت على خلفية اسباب متعددة. يعلم البعض اوالجميع ان الجزائر تعرضت بعض مناطق الغابات بها الى حرائق كغيرها من دول العالم التي كانت ربما في معظمها نابعة من التغيير المناخي ولكن لا شك ان بعضها مفتعل ولقد سبق وأن اعتقلت بعض الدول مجموعات تسببت في بعض هذه الحرائق على الاقل.

وهكذا كان الامر بالنسبة الى الجزائر حيث قامت الشرطة ورجال الامن الجزائريين بإعتقال مجموعات كانت وراء اشعال الحرائق في بعض مناطق الغابات والتي كان من الصعوبة الوصول اليها ولقد ادت هذه الحرائق الى مقتل العشرات من المدنيين ورجال الاطفاء والجنود الجزائريين. ولقد تبين ان إحدى هذه المجموعات لها إرتباطات بأجهزة الاستخبارات المغربية.

الى جانب ذلك فإن المغرب يقدم الدعم الى واحدة من الجماعات التي تسعى للاستقلال في منطقة القبائل وقد سبق وان أعرب مبعوث المغرب لدى الامم المتحدة عن دعم بلاده الى حق تقرير المصير لمنطقة القبائل الجزائرية هذا في الوقت الذي يرفض النظام المغربي حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية ويعتبر ان هذه ارض مغربية يجب على شعبها الخضوع للسلطة المغربية. وتدعم الجزائر حق تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية الذي تقاتل من اجله جبهة البوليساريو منذ عقود والجزائر ملتزمة بما أقرته الامم المتحدة بالنسبة لقضية الصحراء الغربية. والخلاف بين المغرب والجزائر بالنسبة لقضية الصحراء الغربية يمتد على مدى عقود من الزمن.

والسبب الاخر لقطع العلاقات والتي يمكن قراءته مؤخرا هو التطبيع المغربي العلني مع الكيان الصهيوني والتي قبض ثمنها المغرب من السيد ترامب “إعتراف” الولايات المتحدة بحق المغرب في السيادة على الصحراء المغربية على نمط “إعترافه” بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل وعلى القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة للكيان الصهيوني وبشرعية المستوطنات السرطانية اليهودية.

وقد وصلت اول طائرة اسرائيلية للمغرب قبل عدة اسابيع محملة “برجال اعمال اسرائيليين”. ونحن لا نستبعد على الإطلاق ان تستخدم الاراضي المغربية للتجسس على الجزائر وإثارت القلائل في المناطق الحدودية لزعزعة الاستقرار في الجزائر المعروفة يتاريخها في دعم القضية الفلسطينية. هذا الى جانب ان الجزائر مستهدفة من قبل الولايات المتحدة وأداتها الفرنسية لانها ترفض ان تكون أداة لهم في المنطقة. وبالمقاربة فإن زيارات “رجال الاعمال الاسرائيليين” للمناطق الكردية في شمال العراق قد حول إقليم كردستان العراق الى وكر لجهاز المخابرات الاسرائيلية الموساد والتجسس على العراق وإيران وقاعدة لوجيستية متقدمة وعلى إغتيال الكثير من الرموز والكوادر العلمية العراقية.

ونحن لا نتجنى على أحد او نقول ذلك من باب نظرية المؤامرة وإن كانت هذه النظرية تنطبق هنا, فإن الكيان الصهيوني وطبقته السياسية الحاكمة لا يخفيان النوايا الخبيثة التي تصب في خانة العداء للدول العربية الوطنية ولمحور المقاومة في المنطقة. وفي اغلب الاحيان لا يعيرون اية مراعاة للاذناب والادوات في المنطقة حتى وإن كان ذلك يسبب لهذه المجموعة المنبطحة من المستعربين بعض الحرج. فوسائل الاعلام الصهيونية الى جانب سياسي الكيان على سبيل المثال هم من كشفوا بتصريحاتهم عن العلاقات التاريخية مع السعودية والامارات والبحرين والمغرب والقائمة منذ عقود من الزمن وقبل التطبيع العلني مع هذه الانظمة المهترئة.

فإلى جانب تصريح وزير خارجية العدو الصهيوني أثناء زيارته للمغرب مؤخرا على انه ووزير خارجية المغرب أعربا أثناء مباحثاتهما عن “هواجس إزاء الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة وتقاربها مع إيران, والحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل عضوا مراقبا في الاتحاد الافريقي” ,هنالك أيضا ومن ضمن الوفد الصهيوني المرافق إعتبر في تصريح له ان ” اسرائيل والمغرب هما جزء أساسي من محور عملي وإيجابي قائم في المنطقة في مواجهة محور يسير في الاتجاه المعاكس يضم إيران والجزائر”. هل هنالك أوضح من هذا الكلام والتصريحات؟ وهذه التصريحات تمت بوجود وزير الخارجية المغربي الذي لم يعلق لا من بعيد او قريب عليها,”واللبيب من الاشارة يفهم” كما يقول المثل.هذا بالاضافة الى تورط السلطات المغربية بالتجسس على العديد من القيادات الجزائرية باستخدام نظام بيغاسوس الاسرائيلي للتجسس كما أورد العديد من الصحافيين في شهر يوليو الماضي.

السلطات في الجزائر تدرس الان إعادة تقييم علاقاتها مع الجانب المغربي وعلى جميع الأصعدة ومن ضمنها العلاقات الاقتصادية بما فيها استخدام خط انابيب الغاز الذي ينقل الغاز من الاراضي الجزائرية الى اسبانيا عبر الاراضي المغربية في مقابل حصول المغرب على نصف بليون متر مكعب مجانا مقابل الخدمات,وهذه الكمية تغطي نصف إحتياجات المغرب. والجزائر في حقيقة الامر لم تعد بحاجة لاستخدام هذا الخط الذي ينتهي التعاقد عليه مع المغرب في نهاية شهر اكتوبر القادم لانها قامت  بإنشاء خط مباشر مع الموانىء الاسبانية وبكفاءة أعلى من خط الانابيب المار بالاراضي المغربية. وإذا ما قررت الجزائر عدم تجديد العقد مع المغرب هذا يعني ببساطة ان على المغرب استيراد نصف ما تحتاجه من الخارج وبأثمان مرتفعة وهذا سيشكل عبئا على الاقتصاد المغربي المتهالك اصلا والمعتدم على المعونات والقروض الخارجية.

ولا بد من التنويه في النهاية على ان حزب العدالة والتنمية في المغرب وهو حزب الاخوان المسلمين كما يؤكده الاسم والذي ادان تطبيع الإمارات والبحرين والسودان مع الكيان الصهيوني نجده مؤيدا لتطبيع النظام المغربي ولا يجد حرجا في سوق التبريرات التي لا تقنع أحدا. ومواقف أحزاب العدالة والتنمية في البحرين وتونس وغيرها لا تختلف في هذا الموقف. وتراجع الغنوشي مؤخرا عن موقفه تجاه تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي وقف حزبه ضد مشروع هذا القرار في البرلمان لا يقنع أحدا لانه مجرد خطوة تكتيكية فقط في تقديري المتواضع.

 

* كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

 

 

شاهد أيضاً

هل سيتكرر سيناريو1982…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

عندما اجتاح جيش الكيان الصهيوني في عمليته “المحدودة” تحت إمرة السفاح شارون آنذاك ووصلت الى …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024