“التطبيع مع إسرائيل مسألة سيادية داخلية لكل دولة”، هذا ما طالعتنا به بعض الدول العربية لتبرير خطوتيّ الإمارات والبحرين، وهذا ليس موضوع مقالتنا، سوى أن الضوء الأخضر السعودي هو الذي أعطى دولة صغرى كالبحرين الإذن بالعبور الى هكذا تطبيع، بانتظار أن تجد السعودية السيناريو المناسب للِّحاق بالرَكب، فور ابتداع الإخراج المُبتكر لتبرير خطوتها أمام الدول الإسلامية حصراً، حفاظاً على موقعها في “رعاية شؤون الحرمين”، أما الجامعة العربية فهي ليست بذات شأن في هذا الإطار، وبياناتها الكلامية باتت كما الرُغاء التائه بين كثبان بادية العرب.
أخطر من التطبيع المُعلن، جاءت كلمة ملك السعودية عبر تقنية الفيديو، أمام جلسة أعمال الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحاول سلمان -او خطابه- إظهار نفسه “حمامة سلام” وكان تركيزه على محاربة الإرهاب، ولم ينبرِ أحدٌ لسؤاله عن المدرسة الوهابية التي توالدت منها حركات ارهاب موَّلت مدارسها مملكة آل سعود، من أفغانستان الى بلاد الشام وصولاً الى أوروبا عبر خطباء المساجد، الذين استخدمتهم لزرع الكراهية إرهاب دماءٍ وقتلٍ وسحلٍ وتدميرٍ وتهجير، وآخر المآثر السعودية هي الجرائم التي تُرتكب في اليمن وأعمال القمع لشريحة من أبناء البحرين ومنطقة القطيف السعودية.
ومع تشديد الملك سلمان على احترام القوانين والأعراف الدولية، والسعي المستمر لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار ودعم الحلول السياسية للنزاعات، ومكافحة التطرف بأشكاله وصوره كافة، بدت الأمم المتحدة تلك المنظمة التي تلعب دور “شاهد ما شفش حاجة”، على كل المذابح التي ارتكبتها أميركا في الشرق الأوسط عبر السعودية وسواها من الدول الخليجية، التي تتسابق للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي المجرم، بحيث بَدَت الدول المُقاوِمة للإرهاب إرهابية في القواميس المشتركة بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة.
ولن نتوقَّف عند الكلام العدواني للملك السعودي التي توجَّه به بحقّ إيران، لأن قياداتها تبلي البلاء الحسن في الدفاع عن حقوقها السيادية بمواجهة الثلاثي السعودي الإسرائيلي الأميركي، لكن أن يتطاول سلمان على المقاومة في لبنان ويصفها بصانعة إرهاب، هي التي تخوض معارك حماية كرامة الشعب وسلامة الأرض، فإن التوقيت الذي اختاره سلمان للتشويش على لبنان، هو محاولة سعودية خائبة للتدخل في أمور سيادية لبنانية.
وأمام قول سلمان، “نقف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق الذي تعرض إلى كارثة إنسانية بسبب الانفجار في مرفأ بيروت، ويأتي ذلك نتيجة هيمنة حزب الله الإرهابي التابع لإيران على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح، مما أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية، وإن تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء يتطلب تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح” نقول:
يستطيع سلمان ومعه بعض سلاطين دول الخليج أن يكونوا حمائماً خائبة في فلسطين، وصقوراً لخدمة ترامب في معركة عودته الى البيت الأبيض، وخدمة نتانياهو في معاركه الداخلية مع الأحزاب الرافضة لفساده ولكن، لا ننصح سلمان بالعدوان حتى الكلامي على الشعب اللبناني ومقاومته ومعادلته الذهبية، وكل أصدقاء وأدوات السعودية في لبنان لن ينجحوا في تغيير مسارات سيادية اختارها اللبنانيون بغالبيتهم بمعزل عن حمائم العرب / صقور الصهاينة.