تزداد يوماً تلو آخر مشاريع القوانين التي تريد «إسرائيل» والحركة الصهيونية العالمية فرضها على الاتحاد الأوروبي والعالم، وتالياً على القانون الدولي.. ويترافق عرض هذه القوانين مع توجه العديد من الدول العربية نحو سياسة التقارب مع الكيان الصهيوني من دون أن يعلم حكام هذه الدول ماذا تخبىء الحركة الصهيونية لشعوبهم ومستقبل بلادهم.. ومن هذه القوانين ما ذكره بشكل صريح الموقع الإلكتروني لقناة «فرانس 24» في 20 من شباط الجاري أن عدداً من أعضاء البرلمان الفرنسي أعدوا مشروع قانون للدستور يدين معاداة الصهيونية، ويعد كل من تنطبق عليه هذه التهمة مرتكباً لجريمة جنائية يعاقب عليها بالحبس والغرامة المالية.. وبهذه الصيغة يصبح كل من يناهض الصهيونية هو من المعادين للسامية (وتعد معاداة السامية في فرنسا وفي الاتحاد الأوروبي جريمة جنائية بموجب تعريف الاتحاد للأشكال التي يتعرض فيها اليهودي للإساءة من الآخرين.. وكانت المفوضية الأوروبية العليا افتتحت ما يشبه الوزارة الخاصة بمحاربة المعادين للسامية وعينت منسقا فيها لتولي هذه المهمة).
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرّح علناً الأسبوع الماضي بأن «معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية.. أي لليهود» وكان قد قال في عام 2018 إن «أولئك الذين يتطلعون إلى اختفاء «إسرائيل» من الوجود هم نفسهم الذين يريدون مهاجمة اليهود».
وذكرت قناة «فرانس 24» الأسبوع الماضي أن مفكرين فرنسيين سخروا من هذا القانون، وقال الصحفي الفرنسي الشهير دومينيك فيدال «إن من عارض نظرية هيرتزل الصهيونية سيعد معادياً للسامية ومرتكباً لجريمة جنائية عملياً وهذا يعني أن ملايين من اليهود معادون للسامية» وفي الحقيقة تطلق الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني على اليهود المعارضين للصهيونية والهجرة إلى الأراضي المحتلة صفة «اليهود الكارهين لأنفسهم».
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد عين قبل أسبوع «إيلان كار» وهو يهودي إسرائيلي- أمريكي.
وذكرت المجلة الإلكترونية اليهودية- الأمريكية «جويش نيوز سينديكيت» أن «كار» أعلن أمام قادة المنظمات اليهودية الأمريكية قبل أيام أنه «سيزيل أي تمييز بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية لأنهما وجهان لعملة واحدة» بل إنه عدّ الصهيونية ديناً وليست حركة سياسية، ووصف كل من يعاديها بأنه معادٍ للدين والمعتقدات اليهودية، قائلاً حرفياً: إن الصهيونية لم تولد عام 1948 مع هرتزل أو منذ انعقاد أول مؤتمر صهيوني في عام 1897 بل ولدت مع الآية التوراتية التي قيلت لموسى.. وكل من يحاول نفي وجود الدين اليهودي ومعتقداته وحقوقنا بوطننا، سيتحول إلى معاد للسامية وللصهيونية.
وهذا التجديف الذي يقدمه «كار» سيعني أن استكمال المشروع الصهيوني القائم على زعم أن (حدود «إسرائيل» من الفرات إلى النيل) أصبح «حقاً مقدساً» يفرض على الأمة العربية أن تسلم وطنها التاريخي إلى «إسرائيل» وتتحول إلى عبيد لدى الحركة الصهيونية؟!.. وسيصبح كل من يدعم حقوق الشعب الفلسطيني- بل حقوق العرب في وطنهم الممتد من الفرات إلى النيل العربي- ملاحقاً بارتكاب جريمة جنائية، أي إن عشرات الملايين من هذه الأمة سيتحولون وفقاً لـ«كار» إلى مجرمين يستحقون العقوبة بالحبس، لأنهم يتمسكون بترابهم الوطني التاريخي.. بل الأزلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ألا يجب على الحكام العرب وجامعتهم أن يسنّوا قانوناً يعدون فيه كل من لا يعترف بحقوقهم فوق ترابهم القومي الكبير، إرهابياً يستحق كل أشكال المقاطعة والعقوبات والعزلة، أم سينتظر البعض من القوى الاستعمارية التي ابتكرت الصهيونية استكمال مشروعها الصهيوني من الفرات إلى النيل.. وهل تستطيع هذه القوى الاستعمارية إرهابهم أو السيطرة على قرارهم بحماية وطنهم ومقدراتهم وهي التي هُزمت ولا تزال الهزائم تلاحقها في معظم أرجاء هذا الوطن العربي الكبير؟.. للأسف الشديد أن عدداً من هؤلاء الحكام ما زالوا يظنون أنفسهم حلفاء لهذه القوى، بينما هم مجرد أدوات تنفذ سياسات التحالف الغربي– الصهيوني فقط.