عالم الذرة العراقي حامد الباهلي أحد مؤسسي البرنامج النووي العراقي، قال في حديث إعلامي الأسبوع الماضي: إن (إسرائيل قصفت ودمرت المفاعل الذري العراقي في ثمانينيات القرن الماضي ليس لأن العراق يريد إنتاج قنبلة ذرية، بل لأن أمريكا و”إسرائيل” لا تقبلان أن يتقدم العراق علمياً)، ويبدو أن الهدف الإسرائيلي نفسه كان وراء الحرب الإر*ه*ابية التي شنت على سورية، ودمرت بنيتها التحتية، وقطعت طريق صعودها، وحاصرتها بعقوبات أحادية جائرة؛ تجوِّعها، وتمنع عنها كل مستلزمات الحياة، والدواء والكهرباء والعلم… يبدو أن قدرة السوريين والعراقيين والعرب على التعلم والتفوق في المجال العلمي، هو موضع خوف إسرائيلي، لأن هذا العقل العربي المؤهل للإبداع العلمي والتقني، خطر وتهديد للمشروع الصهيوني الأمريكي، في الهيمنة والسيطرة على الأمة.. العقل العربي العلمي و الحضاري يخوِّفهم ويهدد مشاريعهم، علماً أنه عقل حضارة وتعاون إنساني.
في العام 2015 عندما قال أوباما: (لا يمكننا قصف العقول والأفكار بالطائرات) لم يكن يعترف بالعقول والأفكار، بل كان على ما يبدو ينتقد طريقة قصف الطائرات، ومن يتابع الاستراتيجيات الأمريكية، يجد أنها في حربها ضد العقول، اعتمدت تدميرها من داخلها عبر التضليل والاشغال بهواجس مدمرة. ولو تتبعنا أصول الفكر المتطرف، لوجدنا له ألف أصل إسرائيلي مزروع في كتب وتواريخ مزورة. ولو سبرنا أصل التعصب لتوصلنا إلى منابع جاءت من طبقات في التاريخ إسرائيلية. ألم يؤكد القيادي الإخواني ثروت الخرباوي أن أصل تمويل جماعة الإخوان المسلمين عند تأسيسها كان جمعية ماسونية فرنسية. وإذا كانت هذه الحقيقة مطموسة من قبل الجماعة، فإن ما هو معلن منها، وعلى لسان مؤسسها حسن البنا، الذي يعترف أن شركة قناة السويس الفرنسية، هي من كانت الممولة ، وطبعاً من يمول بالمال إما يشجع اتجاهاً فكرياً يخدمه، أو يبث مع المال ما يريد من التوجهات الفكرية. الطريقة واضحة والهدف جليٌّ: زرع التعصب والتكفير كوسيلة ممارسة والإشغال بأخذ المستقبل إلى الماضي، كهدف يضيّع الحاضر والحقيقة.
اليوم هل من يدقق بالألعاب الإلكترونية التي تشغل أطفالنا وكبارنا على الهواتف الذكية.؟؟ هل من ينتبه إلى كمِّ العنف والهمجية الذي تزرعه هذه الألعاب بمن يتسلى بها؟ ثم أفلام الدمى والكرتون والرسوم المتحركة؟ هل من شك بما تؤسسه لدى الأطفال من عنف وقسوة، وإشغال عن القيم والأخلاق ومحفزات التقدم والارتقاء؟ إنه استهداف إلكتروني عصري لعقول أطفالنا وهو بعيد كل البعد عن القصف بالطائرات كما قال أوباما.
تجاه كل ذلك كم علينا من واجبات مصيرية بضرورة صون العقل العربي الوطني عبر الثقافة المبدعة والفنون الراقية والمناهج التعليمية المحفزه على الابتكار والارتقاء….