مسرحية عربية جديدة مُثلت تحت قبة ما يسمى «الجامعة العربية» على مستوى وزراء الخارجية بعنوان فلسطيني، بعد أن استيقظ بعض المطبعين من أنظمة ومشيخات عربية مع الكيان الصهيوني على صوت الرصاص الإسرائيلي وهو يمزق الأجساد الفلسطينية، ختمت كالعادة بالتنديد والاحتجاج العلني.
من المضحك أن يجتمع من أجل فلسطين في مكان ما كل من باعها بالسر والعلن، بعضهم بشكل رسمي وقد منحها «شرعية دولية» والآخر بسرية وقد مهد لها قبولاً إعلامياً ودعماً اقتصادياً، وجميعهم شركاء في إضعاف الموقف الفلسطيني وفي تقوية التسارع في توسيع الاستيطان الإسرائيلي والقبول بوجود «إسرائيل» وكأنها كيان «طبيعي» في المنطقة وتحوّل قبوله من رفضه «وجهة نظر قابلة للجدال».
إن ما تعلنه الأنظمة والمشيخات العربية الرجعية أمام وسائل الإعلام، لا يمكن الاستناد إليه من جهة الموقف الحقيقي تجاه فلسطين وإن الحقيقة عكس ذلك وأخطر، وخاصة أن ذلك البعض مشارك بقوة – النظام السعودي- فيما بات يعرف بـ«صفقة القرن», ويرى «بأبو ديس» عاصمة لفلسطين واستبدالها بالقدس أمراً في غاية البساطة ما شكل تغطية «إسلامية» لخطوة واشنطن بنقل سفارتها من «تل أبيب» إلى القدس.
الحقيقة أن الرهان على تحرك الشعوب العربية وفصلها عن سياق أرادته معظم لها أنظمتها، يبدو محل شكوك بسبب انشغال الكثير من الشعوب برغيف الخبز «العيش» وفي المستلزمات البديهية للحياة من سكن ودواء، هنا لا رغبة بالوصول إلى مرحلة نقول فيها: «على الشعب الفلسطيني تقليع شوكه بيديه»، لكن الشعب الفلسطيني مع قياداته في بعض فصائله يتحمل مسؤولية ما وصلت له القضية الفلسطينية، فسوف نعجز عن تفسير سقوط عشرات الضحايا الفلسطينيين في صراع بين الفصائل على السلطة، كما سنعجز عن تفسير كيفية انتقال فلسطيني من غزة إلى مكان آخر خارج فلسطين لتفجير نفسه «مجاهداً»!.
لم يَزُل أي احتلال في التاريخ بالورود والتنديد بل كانت القوة هي العامل الرئيس في إزالته وإن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني هو دعم مقاومته بالسلاح والمال، والحقيقة المرة أن ذلك السلاح والمال يذهب إلى الإرهابيين في سورية والعراق وليس للمقاومة الفلسطينية، كما أن أطنان الأسلحة العربية تلقى لدعم الموت في اليمن!.
الانقسام الفلسطيني يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع فلسطين، كما يتحمل معظم العرب مسؤولية الانقسام الفلسطيني والقضية الفلسطينية بالعموم، فبعد كل اجتماع للصراخ في مجلس «الجامعة العربية» ندرك أن حصة الاعتداء على الفلسطينيين هي التنديد والاحتجاج والأكثر إجبار القوى الفلسطينية على قبول «صفقة القرن»!.