الزيارة التي بدأها الرئيس الفلسطيني أبو مازن للجزائر وتستمر ثلاثة ايام،اعتبارا من أمس الأحد…في اعتقادي الجازم بانها تحمل بعداً سياسياً بإمتياز….فالجزائر كما قالها رئيسها الراحل القائد الوطني والقومي هواري بومدين ” انا مع فلسطين ظالمة او مظلومة” فالجزائر بقيت وفيه لمبادىء ثورتها ولنهج قادتها ولقوميتها ولعروبتها،ولم تنحرف بوصلتها عن فلسطين والقدس،كما أنها لم تضيع اتجاه هذه البوصلة،وهي دائماً السباقة الى تقديم الدعم والإسناد لشعبنا الفلسطيني مادياً وسياسيا وعسكرياً ومناصرة لقضيته في الهيئات والمنظمات والمحافل الدولية والإقليمية …فهي من تصر على ان تكون القضية الفلسطينية، القضية المركزية والمحورية للأمة العربية في القمة العربية التي ستعقد في الجزائر في آذار من العام القادم،في ظل تراجع الإهتمام بها والتخلي عنها من قبل العديد من دول النظام الرسمي العربي التطبيعي المنهار،حلف ” ابراهام” التطبيعي “،هذا الحلف وعبر النظام المغربي، الذي خطى خطوات أبعد من التطبيع،بحيث عقد اتفاقيات دفاع مشترك مع دولة الإحتلال في سابقة لم تحدث عربياً ،وكذلك شراء انظمة دفاع جوي اسرائيلية للطائرات المسيرة،وذخائر وغيرها،وجلب الإحتلال ا ل ص ه ي و ن ي لكي يصبح على الحدود الجزائرية الغربية، حيث أدي الملك المغربي محمد السادس الذي يغتصب تمثيل لجنة القدس،صلوات وطقوس تلمودية مع وزير جيش الإحتلال غانتس الذي زار المغرب مؤخراً على أرواح جنود الإحتلال الذين قتلوا على يد م ق ا و م ي ن فلسطينيين….والجزائر المستهدفة وحدة أراضيها ونسيجها ومكوناتها المجتمعية بالتخريب والتفكيك والصراعات الداخلية،كذلك يُستهدف جيش الجزائر،فبقاء الجزائر قوية وصلبة بقيادتها وجيشها،سيشكل خطراً على دولة الإحتلال، التي تسعى مع أمريكا والقوى الإستعمارية الغربية الى تدمير هذا الجيش،أسوة بما حدث مع جيوش الجيوش العربية المركزية، العراق وسوريا وليبيا،وكذلك السيطرة على ثروات الجزائر النفطية والغازية،وشهدنا ما حدث في الجزائر من عشرية سوداء قادتها ” الجبهة الإسلامية للإنقاذ” بقيادة عباس مدني وعلي بالحاج من عام 1990 الى عام 1999 ،ولعل ا ل ص ه ي و ن ي ة العالمية مع امريكا وفرنسا والعديد من المشيخات الخليجية المهرولة للتطبيع مع دولة الإحتلال ،تريد اعادة العشرية السوداء الى الجزائر مجدداً…حيث سيشكل النظام المغربي رأس الحربة في هذا المشروع…الجزائر التي قادت حراكاً قوياً على صعيد دول الإتحاد الأفريقي،من اجل الغاء عضوية المراقب لدولة الإحتلال في هذا الإتحاد،حيث هذه العضوية، ستمكنها من أن تتمدد أمنياً وعسكرياً واقتصادياً في القارة الأفريقية،وقد اعتبرت هي والعديد من الدول الأفريقية ،جنوب افريقيا،تونس، النيجر،نيجيريا،مالي ،الغابون وزيمبابوي وغيرها،بأن هذه العضوية غير شرعية،ولم يجري التشاور الواسع والمسبق مع الدول الأعضاء بشأنها .
ولعل زيارة الرئيس عباس للجزائر، تستهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين فلسطين والجزائر،والبحث في كيفية تقديم الجزائر للمزيد من الدعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في المحافل والهيئات والمنظمات الدولية… وكذلك الإستفادة من عضوية الجزائر في مجلس الأمن الدولي في عامي 2024 -2025 ،هذه العضوية التي تحظى بدعم عربي وافريقي،وتركز الجزائر من خلال عضويتها ان يكون هناك فقرة لدعم السلم والأمن الدوليين،والجزائر من أبرز القضايا التي لن تتوانى عن دعمها،هي القضية الفلسطينية.
الجزائر التي تحتضن القمة العربية في آذار من العام القادم،تسعى الى تحشيد وتجميع وتوحيد المواقف العربية،نحو أن تكون هناك قمة عربية تستعيد شيئاً من الكرامة العربية المفقودة،وكذلك العمل على تذويب “جليد” الخلافات العربية- العربية،تلك الخلافات التي جعلت الأمة في أشد حالات ضعفها وانهيارها،وتضارب المواقف والمصالح بينها،ولا ننسى بأن الجزائر تعمل على أن تكون سوريا حاضرة في هذه القمة،بعد ان غابت وغيبت عن القمم السابقة،بفعل مشيخات خليجية استحوثت ببترودولارها ومالها على الجامعة العربية،وحولتها الى أداة طيعة بيدها لخدمة المشاريع والأهداف الإستعمارية في المنطقة من أمريكية وأوروبية غربية واسرائيلية.
الجزائر تشعر بالخطر على أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها،بسبب قيام النظام المغربي بعقد اتفاقية دفاع مشترك مع دولة الإحتلال،والإتفاقيات الأمنية والعسكرية التي عقدت بين الطرفين،فهذا من شأنه تهديد الأمن القوي الجزائري، وتقوية النفوذ ا ل ص ه ي و ن ي في القارة الأفريقية على حساب المصالح والحقوق العربية .
الرئيس الفلسطيني الذي يزور الجزائر،أن يدرك بأنه بات من الملح والضروري ان تتخذ السلطة الفلسطينية مواقف حاسمة وجدية من الدول العربية المطبعة ،حلف” ابراهام” التطبيعي،فالميوعة والرخاوة الفلسطينية من قضية التطبيع والأحلاف الأمنية والعسكرية مع دولة الإحتلال،والتي تأتي على حساب مصالح الأمة العربية وأمنها القومي،وكذلك هي تآمر مباشر على القضية الفلسطينية وطعنة غادرة لكل نضالات وتضحيات شعبنا الفلسطيني،والتنكر لحقوقه التاريخية في أرضه،وتبني للرواية الصهيونية،وتبيض لصفحة الإحتلال عن كل ما ارتكبته من جرائم وقمع وتنكيل بحق شعبنا الفلسطيني.
ولذلك تراخي الموقف القيادي الرسمي الفلسطيني في هذا الجانب،وتردي تلك القيادة هو الذي قاد ويقود الى تردي وانهيار الأنظمة العربية الرسمية،فلو أن هذه القيادة أحرجت القرار الفلسطيني من تحت عباءة عربان أمريكا،وفتحت خياراتها وقرارها على أوسع فضاء عربي- إسلامي،لساهم ذلك كثيراً في “لجم” اندفاعات تلك الأنظمة للهرولة نحو التطبيع واقامة التحالفات الأستراتيجية والأمنية مع دولة الإحتلال.
الجزائر كما عهدنها ستبقى وفية لمبادئها ولنهج قادة ثورتها ولقوميتها ولعروبتها،وهي لن تتخلى عن فلسطين،فلسطين التي هي بوصلة كل الأحرار والشرفاء من أمتنا العربية،والجزائر في مقدمة هؤلاء الشرفاء والأحرار قيادة وحكومة وشعباً،ونحن على ثقة بانها ستبقى مع فلسطين ظالمة او مظلومة.