مازال الابتهاج يفعل أفاعيله في بلاد المغرب الأقصى، على المستوى المخزني والذبابي، بعد اعتراف ما يسمى “إسرائيل”، بما يسمى “مغربية الصحراء”، ومازالت علامات الاستفهام، تحلق حول فضاء العرش، عن المدى التي ستبلغه العلاقات المخزنية بالكيان الصهيوني، بعد أن نسي ملك الغرب في آخر خرجاته، كل بلاد المعمورة، وشكر الكيان -وهو الذي يرأس لجنة القدس المستباحة من طرفه- على بصمه على “مغربية” أرض الصحراء الغربية، وهو ما تحوّل إلى فخر من أبناء العرش وذبابهم، مالئ الدنيا بأزيزه.
سؤالٌ وجيه طرحه أحدُ معارضي النظام المغربي، من الأبناء الشرفاء، عن عدم سعي العرش لخطف اعترافات العالم بمغربية مدينتي سبتة ومليلة، وهل سيجد العرش من يعترف بذلك ولو بالإغداق عليه بالأموال، من أوروبا وخاصة أمريكا والكيان المحتل للأراضي الفلسطينية؟
لم نسمع قطّ عن طرح قضية سبتة ومليلة للنقاش حتى على طاولة إذاعة مغربية محلية، وبالرغم من أن بعض المفكرين والمؤرخين العرب بالخصوص لا يذكرون المدينتين المتواجدتين في قلب المملكة المغربية والجزر العائمة شمال المملكة إلا بذكر مغربيتها، إلا أننا لا نسمع أدنى تهليل أو تثمين من النظام المخزني الذي يريد أن يكون أسدا في بلاد الصحراء الغربية ويرضى بأن يكون في الحروب الحقيقية نعامة، في تناقض لم نشهد مثيلا له، في أيِّ مكان وزمان.
على قناعة عمياء، يمضي النظامُ المغربي في نسج علاقات متشابكة مع كيان يبعد عنه مسافات معنوية ومادية، ظنا منه بأن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكامل أوروبا ستكون إلى جانبه اقتصاديا وعسكريا واجتماعيا، وأمامه نماذج كثيرة تجرعت العلقم منذ أن فكرت في التطبيع وخرجت صفر اليدين، لأن فاقد الشيء أبدا لا يعطيه، وإذا كانت إسرائيل قد أعلنتها منذ قرابة قرن “وطن” من البحر إلى البحر، و”وطن” لا يرمي سهما واحدا في أي حرب ولو كانت قائدتها الولايات المتحدة وبريطانيا كما حدث في العراق وأفغانستان، إذ جنت منها أمريكا الكثير من الخيرات، فكيف لها أن تساعد نظاما متهالكا غير قادر عن رسم مساره ومستقبله القريب بطمأنينة، بل إن الإسرائيليين تعلموا من تطبيعهم مع مصر والأردن وغيرهما، بأنّ الورق غير الواقع والأنظمة غير الشعوب، ومن قُتل من إسرائيليين في مصر منذ معاهدة كامب ديفيد من طرف المواطنين المصريين، أكثر من الذين قتلوا قبل التطبيع.
تقيأت إسرائيل “الاعتراف”، وكأنها تقدِّم هدية غالية للمخزن، وابتلع العرش ما خرج من أمعاء هؤلاء، في منظر مقرف، وواضح أن الكيان لن يجد ما يقدّمه بعد هذا، وبالمقابل سينتظر مزيدا من التنازلات لإكمال مشروعه المضرّ بالعرب والمسلمين الذي جسّده في فلسطين، وما يقوم به حاليا في العديد من المدن الفلسطينية ولبنان وسوريا، هو إجابة صريحة للذين ظنوا بأن إسرائيل ترضى عنهم من دون أن يتبعوا ملتها خطوة.. خطوة!