تعيش واشنطن في ظل المزيد من التورط العسكري والأمني في العالم خلافا لوعود ترامب الانتخابية فهو وسع نطاق الحرب الأميركية في أفغانستان ويطبق جنرالاته استراتيجية تجمع بين انماط متعددة من الحروب والتدخلات وفي المنطقة العربية تعتمد إدارته سياسة الخيارات المتعددة فهي تخوض الحروب بالقيادة من الخلف أو حروب الوكالة بواسطة العملاء الذين تتقدمهم عصابات التكفير والإرهاب كما تشن عددا من حروب الاحتلال عبر التدخلات العسكرية المباشرة إضافة إلى تشغيل الحكومات العميلة كما جرت العادة وأهم ما يهم الرئيس الأميركي هو ألا تدفع الولايات المتحدة تكاليف الحروب بحيث يجبر العملاء على التمويل ويتحاشى الجيش الأميركي خوض المعارك التي قد تكبده خسائر قد تؤلب الرأي العام وتفتح جروحا مكتومة ما تزال آثارها حية.
هذه السياسة الأميركية فتحت أبوابا واسعة لمقاولي الحروب ومتعهدي الإجرام وكشفت الصحافة الأميركية معلومات كثيرة عن غرف التخطيط السرية التي يقودها مقربون من الرئيس دونالد ترامب وعائلته وتناولت في تقارير خاصة معلومات عن أدوار الرئيس السابق لشركة بلاك ووتر التي اشتهرت في منطقتنا منذ احتلال العراق وعرفت بجرائم الإبادة التي ارتكبتها هناك ويبدو ان الرئيس السابق لبلاك ووتر إريك برنس ما يزال واحدا من أبرز متعهدي تجنيد المرتزقة المعتمدين في واشنطن.
تشير المعلومات الصحافية إلى اتساع دور جيوش المرتزقة او مقاولي العمليات العسكرية وفق التسمية الرسمية وبصورة خاصة في العدوان على اليمن بعدما اختبرت القوات السعودية والإماراتية معارك قاسية ومكلفة على الأرض نتيجة المقاومة اليمنية الضارية وبعدما تعذر إقناع دول عديدة بإرسال وحدات برية مقاتلة وخصوصا مصر وباكستان وبالكاد تغطي المشاركة السودانية في القتال بعض المحاور المتصدعة امام عمليات الجيش اليمني والوحدات الشعبية المشاركة.
يعمل اريك برنس باستمرار لتسويق حروب جديدة بجيوش المرتزقة وبعد الفشل والتعثر في سورية واليمن يسعى لترويج عروض للحرب على إيران ويشاركه في رسم الخطط والسعي لتسويقها وحصاد مردودها المالي السخي في واشنطن والرياض كل من جورج نادر الوسيط الأميركي المثير للجدل من أصول لبنانية الذي يقدم نفسه مؤخرا كموفد لولي العهد السعودي ومستشار مقرب من ولي عهد الإمارات كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز التي كشفت عن اجتماعات مغلقة ومستمرة يعقدها اريك برنس وفريقه مع ترامب جونيور والصهر جاريد كوشنر سبقت الانتخابات الرئاسية وأعقبتها.
يعمل برنس ونادر في واشنطن بمشاركة الخبير الإسرائيلي جويل زامل الذي يرأس شركة خدمات تضم حشدا من ضباط الموساد السابقين وهي متخصصة بوسائل التواصل الإجتماعي وفي جمع المعلومات الاستخبارية عبر الشبكة العنكبوتية وكذلك في إدارة الحملات السياسية عبر الإعلام الحديث وكانت لها مساهمة رئيسية في حملة انتخاب ترامب رئيسا.
رغم النفي السعودي الرسمي لمعلومات نيويورك تايمز أكدت الصحيفة ان جورج نادر وشريكيه عرضوا في واشنطن مؤخرا مشروع خطة إعلامية وامنية لردع الشركات الأوروبية عن الاستثمار في إيران ولتعميم مناخ من انعدام الثقة في صفوف المسؤولين الإيرانيين عبر عمليات مدروسة لضرب الاستقرار الاقتصادي والأمني في إيران وقد ظهرت بصمات هذا الفريق في بعض الأحداث التي وقعت مؤخرا.
قالت نيويورك تايمز ان تكاليف الخطة التي عرضت على الإدارة الأميركية والحكومة السعودية هي ثلاثمئة مليون دولار ومحورها الرئيسي هو شن حرب اقتصادية شرسة على إيران تحول دون تطور علاقاتها بأوروبا وتضيق من خناق الحصار الذي يرغب ترامب في فرضه على إيران ويشاركه تلك الرغبة كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي سبق وهدد بنقل الحرب إلى داخل إيران بناء على خطة اقترحها عليه نادر وبرنس لمباشرة تأسيس جيش من الإرهابيين والمرتزقة وتقديم دعم مالي لمنظمة مجاهدي خلق في السعي إلى التخريب في إيران وإثارة قلاقل في إيران عبر حملات موجهة تستغل أي مشكلة اقتصادية او مالية لإظهار إيران كبلد مضطرب وغير مستقر لنسف الثقة الضرورية بالأمان لأي نشاط استثماري.
يتطلع تجار الحروب إلى مقاولات جديدة في الحرب على إيران والعدوان على اليمن وفي مواصلة استهداف سورية ويتولى هذا الفريق الثلاثي تحريك العديد من الحملات الإعلامية والسياسية التي تمولها المملكة السعودية عبر وسائلها الإعلامية المملوكة مباشرة وتلك المرتبطة بعلاقات تمويل من المملكة لاسيما في لبنان حيث يتركز الاهتمام الأميركي على حزب الله وفي كل تلك الأنشطة يحضر “الكود” الصهيوني عنصرا حاسما في التعريف على الأهداف القريبة والبعيدة.