كلما حاول “الرعايا” تصديق أنهم “مواطنون في دولة” أثبت لهم “زعماء المصادفات” و”القادة” الذين استولدتهم “الدول” في طوائفهم التي تلغي “الشعب” وتجعل الدولة اسطورة من صنع الخيال، “فأرضنا أصغر من أن تتسع لدولة والرعايا اتفه من أن يكونوا شعباً”..
“الجمهورية” اسطورة تحمل تشوهات الاستعمار والانتداب، فضلاً عن زجليات فخر الدين الذي قهر السلطنة العثمانية في معركة عنجر، مستعيناً بسلاح “الدوق” الذي استضافه في توسكانا وأهداه دود القز وشجر التوت وعلمه صنع الحرير.
أما الأمير بشير الشهابي فقد خدم جميع الدول في عصره، وأطاع سلاطين استانة ووالي عكا أحمد باشا الجزار وحاول التواصل مع الفرنسيين والبريطانيين والنمساويين ووالاهم بالدور ليبقى أميراً في بيت الدين، حتى انتهى منفياً في جزيرة مجهولة قبل أن يتربع على صدر العملة الوطنية التي لم يعرفها: الليرة.
معظم حكامنا السابقين عملاء للمتحكم الأجنبي (والعربي في حالات قليلة).. ومع ذلك تحمل طوابع البريد صورهم، في حين انها لا تحمل صور المجاهدين حقاً من أجل استقلال لبنان، أو من أجل تحرير أرضه من الاحتلال الاسرائيلي.
أن الطائفية تذهب بالوطن، والمذهبية تذهب بالشعب.. والاقطاع الطوائفي يستقدم الأجنبي ليحكم باسمه وبفضله متباهياً بأنه قد انقذ الوطن واستعاد له كرامته وحقق له مصالحه العليا.
كلنا للوطن، أي وطن.. لكن الوطن ليس لنا وليس لأبنائنا، بل انه لهم، سواء أكانوا عثمانيين أم فرنسيين أم بريطانيين أم أميركيين (ومعهم، بطبيعة الحال، الإسرائيليين!).
كاتب ورئيس تحرير وناشر صحيفة السفير