بقلم صلاح الداودي: منسق شبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية |
هم زمرة من صبيان النظام المعولم الذي يستعد ويجهز البشرية للانتقال إلى عالم رأسمالية أخرى بملامح متجددة ستظهر مع مرور الوقت. هم زمرة من المجاميع المختلطة التي تتراوح بين أطياف خطاب الشفافوية والاجتماعوية مع استعداء واضح لكل من يقف ضد أمريكا وان مرحبا وجزئيا ومن أجل المصالح أولا والقيم بدرجة ثانية وبين غلاة رأس المال الخاص الطفيلي. طوائف تنتعش وتنتشر بين موجات كورونا وبين موجات الصراع البيولوجي الراسمالي الاستخباري الدائر بين القوى الكبرى المتصارعة في العالم على قيادة السيطرة على البشر وإدارة حياتهم من جهة وبين موجات صراع آخر بين قوى المقاومة في العالم المواجه للامبراطورية المعولمة، مقاومة متحالفة إلى حد كبير مع القوى الصاعدة ضد أمريكا دون أن تتطابق معها ودون أن تتماثل في نفس البرنامج الاستراتيجي.
لهؤلاء الدعاة المساوين بين الصديق والعدو وان كان الأمر نسبيا؛ لهؤلاء الناشطين بوعي حاقد في برنامج البروباغندا الغوغائية العالمية ضد أي أمل في التحرر الإنساني من الغطرسة الكلية لأدوات الخراب، وجب القول ان الصين وروسيا وإيران نموذج بشري مساعد على كسر هيمنة الإمبراطورية الصهيوأمريكية باذرعتها الأوروبية وغير الأوروبية وبمرتزقتها المنتشرين في العالم اجمع. وكذلك كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا… وسوريا والعراق واليمن ولبنان وفلسطين… والجزائر وجنوب افريقيا والهند وفيتنام… على سبيل أمثلة الاتجاه المستقبلي لا غير، إضافة إلى كل شعوب العالم المتطلعة إلى تغيير استراتيجي ممكن.
يا أيها الايها وهؤلاء الهؤلاء مهلا، فحالما يتم التغلب على هذه البنية الهيمنية المدمرة للعالم، خذوا وقتها المبادرة واطيحوا لنا بكل طغاة العالم اذا ثبت زعمكم وثبتت قوتكم ومصداقيتكم، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران الذين تصفونهم هم بالذات بالشعبوية والقومية والتسلطية والديكتاتورية والشيوعية والمركزية مهما كان مشغلكم في الوقت الذي يجهد فيه العالم الشريف والمقاوم كله للتضامن الإنساني الدولي العالمي والتخلص من الاستعمار.
ولكن ثمة سؤال: لماذا يفرح الشعب التونسي بالمعدات الطبية التي تأتي من الصين وهونغ كونغ ولماذا يبعث بطائرة عسكرية ويصرف المليارات، بصرف النظر عن المساعدات المجانية لإنقاذ حياة التونسيين، ولماذا تلهث الحكومة ويلهث الرئيس وينتظر الإعلام التغطية المباشرة في المطار ولماذا يتحدث العالم عن المعلومات والبحوث الطبية والدراسات التي استفاد منها انطلاقا من التجربة الصينية وغيرها…؟
لا غرابة، فقد سبقكم مسؤولون سياسيون وقالوا ان الصين rigide ونحن ديمقراطية، وبعدها كانوا يركضون من وسيلة إعلام إلى أخرى وحتى هذه الساعة من أجل وعد الشعب التونسي بالمؤازرة الصينية في حين يتزاحم العالم على أبواب الصين ويتصارع ويصبح بعضه قراصنة.
إن العبيد وأهل النفاق لا يتغيرون. وإذا انت أكرمت اللئيم تمرد. من علمكم يا ترى كل هذا الحقد الأعمى وهذا الجهل المتغطرس، من أين تمرد الجهالة هذا ومن أين كل هذه النذالة والسفالة بينما تعاطف كل شعوب العالم وفي قلب أوروبا العجوز من هبة دول مثل الصين وروسيا وكوبا شيء آخر تماما؟
سؤال أخير، الصين في كل العالم، وروسيا في إيطاليا وفنزويلا… الخ. ولكن من علمكم ودربكم وكلفكم بزرع عقدة ايران وما دخلها ولماذا؟
ثقوا وتاكدوا يا أيها الأبرياء، سيأتي دواعش الاكفاءة واللاسياسة والافكر واللاانتماء ومن بينهم هؤلاء وغيرهم في المستقبل ليقولوا لكم لا تخوضوا حربا من أي نوع كان ضد أميركا واذيالها في أوروبا والخليج وتركيا وفي كل العالم بل خوضوها ضد الصين أولا فهي دكتاتورية وهي رأسمالية وهي أقوى من أمريكا وهي أيضا صديقة ل”إسرائيل”. وقس على ذلك دول مثل روسيا وإيران ودول أميركا الجنوبية ومناطق أخرى في آسيا وافريقيا وشمال افريقيا… وستنتج منهم المكنة عددا متزايدا.
انها آثار ارتدادية متجددة من الموجة الأخيرة للراسمالية المعولمة تحت ألوان الليبرالية الفوضوية المتوحشة وهي زائلة لا محالة مهما تغيرت هندسات العلاقات الدولية بما فيها القوى الكبرى الصاعدة، إلا أن شيئا واحد لن يتغير الا على مستوى تقدمه في طريق المواجهة والانتصار وهو لا شك قوى المقاومة.