الناشط السياسي محمد إبراهمي |
أدى انتشار فيروس كورونا إلى تغيير نمط حياة ملايين البشر في العالم، وفرض التباعد الاجتماعي، في محاولة للحد من تفشي الوباء.. جائحة الكورونا، وبرغم الاختلاف، فإنها أزمة كباقي الأزمات ، فإن لها ذات المتطلبات للصمود ومواجهة هذا الوباء القاتل وبالإضافة إلى متطلب الوقاية و التباعد الإجتماعي ،فإن هزيمة الكورونا تتطلب الوحدة والتكاتف والتكافل، وربما أكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة للتأكيد على الحديث النبوي “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. فلا يمكن هزيمة هذا الوباء إذا تركنا جزءا صغيرا من المجتمع غير قادر على الصمود، و بالتالي تكون معادلة غير عادلة ان تركت الدولة الفئات الإجتماعية الهشة بدون رعاية إستثنائية في هذا الظرف الإستثنائي وهذا لا يقع على عاتق الدولة فقط بل مسؤولية وطنية تحتم على جميع مكونات المجتمع التضامن فيما بينهم..
في الوقت الذي لا تزال فيه جائحه فايروس كورونا تلقي بظلالها على مفاصل الحياة بمختلف مستوياتها و تأثيراتها الآنية واللاحقة على كافة الأصعدة السياسية و الأقتصادية وحتى الأجتماعية تستوجب وحدة وطنية و حلول كاملة و متكاملة و هي معركة موحدة للتصدي للفيروس و اهمية التضامن ونشر الوعي.. لا ننكر أن جائحة فيروس كورونا، وضعت العالم أجمع في مأزق لا يحسد عليه، حتى باتت أرقام ضحاياه تتصدر عناوين نشرات الأخبار على مستوى العالم، وتستحوذ على اهتمامات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يكاد صوت يعلو فوق صوت الفيروس، كل الأصوات و النشرات خفتت أمام صوت إنقاذ البشرية من جائحة الأشد فتكا..
في تونس و أثناء الحرب على كوفيد-19 يثير ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻰ ﺍﻟﻤﺮﺗﻘﺐ ﺑﺸﺄﻥ ﺗﻤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﺟﺪﻻ ﻭﺍﺳﻌﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺗﻤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺤﺠﺮ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻬﻦ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﻭﺭﺟﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ﻓﻲ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻗﺖ ،ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺮﺟﺔ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﻴﻦ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮﻥ ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻛﺎﻟﺤﺠﺮ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ﻭتعطل ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ و كذلك أزمة إجتماعية نظرا لفقدان ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺸﻐﻴﻠﺔ ﻟﻮﻇﺎﺋﻔﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﺓ و الطبقة العاملة بنظام العامل اليومي، في الحقيقة مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الدولة تتطلب تضافر جهود كل القوى السياسية و المجتمعية و حالة وعي بهذا المأزق الوبائي الغير مسبوق في البلاد و كل دول العالم ،
وفي الحقيقة، وحتى لا نخدع أنفسنا نحن العرب أكثر شعوب العالم في تكرار عبارة “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية” ولكننا في الواقع نفسد كل القضايا بالصراع والتجني، ومن الصعوبة أن نتقبل حكم العقل من أجل وحدة الوطن أو الاحتفاظ بحبل الود مع الآخرين خصوصا في زمن الأزمات “كوفيد-19”.. في هذا الظرف الإستثنائي أرى مظاهر الإستهتار من فئة صغيرة قد تعصف بالشعب و البلاد و مؤسساتها باللامسؤولية ، لست أقصد فئة من الشعب فقط بل أيضا فئة من الطبقة السياسية غير واعية بهذه الأزمة و تحدياتها طغت عليهم الأنانية و المصالح الشخصية الضيقة بعضهم بالصراعات و الإختلافات الإيديولوجية و البعض الآخر بالشعبوية الزائفة و الركوب على الأحداث و المتاجرة بآلام الفقراء، يا سادة ما هكذا تورد الإبل!! فزمن “الإنتخابات” يختلف تماما عن زمن ” الوبائيات”.. فأتقوا الله في أنفسكم وفي الشعب و الوطن..و أتركوا خلافاتكم جانبا بإسم الوطن و الشعب و مراعاة لحجم الأزمة الوبائية العالمية ،
وكذلك يوجد ” خلاف” من نوع آخر وجب التطرق إليه وهو بين الشعب أثناء أزمته في الحجر الصحي و بين ” بورجوازية الكوارث” بالتجارة في المآسي و الإثراء الغير مشروع و الغير قانوني ولا حتى أخلاقي، على حساب معاناة المواطنين و اللهفة المتزايدة جراء الخوف والهلع من الفيروس ،ﻫﻜﺬﺍ ﺣﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﺸﺮ ، ﻃﻐﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻭﺣﺐ ﺍﻟﺬﺍﺕ ، ﻻ ﺗﻬﻤﻬﻢ ﺳﻮﻯ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺿﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ماهذا الإستهتار والغباء و الجشع و الأنانية، هذه الجائحة لا تستثني أحدا فأتقوا الله في الشعب،
و لابد من وحدة وطنية تحصن الوطن بعيدا عن التجاذبات و الأنانية و حب الذات، حتي لا يكون “الإختلاف يفسد للود قضية ” في زمن الكورونا..
وجه نظري : أثناء هذه الأزمة و في ظل تمديد الحجر الصحي التام بالبلاد اهيب بالدولة بصيفة عامة و بالحكومة ان تراعي ظروف الطبقة المهمشة الأكثر تضررا بسبب الجائحة اولا ثم من جراء البطالة الفنية للعمال و الفئة المعطلة عن العمل سواء المعوزة او محدودة الدخل، فمحاربة الفقر والبطالة تماما مثل محاربة كورونا و بهذه المعادلة العادلة تنجح إجراءات الحجر الصحي و كذلك ينعم الشعب بالسلم الإجتماعي، و عندها فعلا نستطيع أن نتحدث عن دولة قوية وعادلة تتخذ كل الإجراءات لحماية مواطنيها من الأزمة الوبائية اولا ثم الأزمة الإجتماعية ،
وان كان الإختلاف حول التمديد او الرفع في الحجر الصحي الشامل بين الدولة صاحبة القرار و الأطياف المجتمعية فهو يخدم مصلحة الوطن و الشعب في حد ذاته فهذا ” الإختلاف لا يفسد للود قضية ”
في إطار الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد وتوقيا من انتشار فيروس كورونا المستجد و مراعاة للمصلحة الوطنية أرى أن قرار التمديد في الحجر الصحي الشامل هو الخيار الاصح في الوقت الحالي وضروري جدا على الدولة ان تضع إجراءات إستثنائية للمواطنين تحميهم من الجوع و كسر الحجر الصحي و بذلك يكون الشعب ملزم بتطبيق كل الإجراءات الإحترازية و الوقائية و يلتزم بالحجر الصحي التام ، و الخروج من هذا المأزق الوبائي بأخف الأضرار.
عاشت تونس
عاشت الجمهورية