رئيس وزراء العدو يتسحاق رابين الذي وقع على إتفاقيات أوسلو المشؤومة أوضح رؤيته بشأن الحل النهائي للصراع في خطابه الاخير للكنيست قبل عملية إغتياله. وأهم عناصر هذه الرؤية هي بقاء القدس موحدة تحت الحكم الاسرائيلي وكذلك دمج أجزاء من الضفة الغربية التي أقيمت عليها المستوطنات السرطانية التي يتواجد فيها أعداد كبيرة من المستوطنين اليهود الى جانب غور الاردن الى اسرائيل. أما فيما يخص ما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة فإنه وبحسب هذه الرؤية سيخضع الى حكم ذاتي مدني فلسطيني وهذا الحكم الذاتي سيكون شيئا “أقل من دولة”.
هذا الطرح الذي قدمه رابين بخطابه هو ما استند عليه الكنيست للموافقة على إتفاقيات أوسلو وهو ما لم ترفضه القيادة الفلسطينية المستأثرة والمهيمنة على القرا الفلسطيني آنذاك والتي أجرت كل هذه المباحثات والاتفاقيات التي كبلت الفلسطيني بسقف سياسي منخفض للغاية. وكل هذه تم من وراء ظهر منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها والشعب الفلسطيني برمته وبسرية مطلقة وعندما ظهر على العلن سوق من قبل هذه القيادة المهترئة على انه إنجاز تاريخي وعلى أنه “سلام الشجعان” وللحقيقة يقال أن الكثيرين خدعوا بالدعاية الاعلامية المكثفة آنذاك بهذا الاتفاق، والمصيبة الاكبر أن راينا من يدافع عنه وبحرارة في الندوات والمحاضرات واللقاءات الصحفية والتلفزيونية دون أن يكلف نفسه بعناء قراءة نصوص الاتفاقية ليرى كم كان حجم التنازلات التي قدمت من الجانب الفلسطيني الذي خرج من هذه الاتفاقية المشؤومة وما تلاها وخاصة إتفاقية باريس الاقتصادية مكبلا بقيود الاحتلال المقنع في مقابل لا شيء ملموس على ارض الواقع .
ويحق لنا أن نتساءل ما هو الفرق بين ما وقعت عليه زمرة أوسلو وما فعله ويريد فعله نتنياهو وهل السرقة ودمج الاراضي المسروقة حاليا الى الاراضي التي سرقت سابقا عام 1948 وبين رؤية رابين الذي تغنى به البعض وإطلاق “سلام الشجعان” على إتفاقية الذل والعار.
نقول هذا لكي نذكر من يقولون بأن اسرائيل خرجت عن إتفاقية أوسلو في محاولة لخداع شعبنا وإبعاد تهمة المسؤولية الكاملة عن الضياع الذي تراكم حتى وصلنا الى ما نحن عليه الان. أوسلو لم يأتي على ذكر دولة فلسطينية هذا الوهم الكاذب والسراب الذي سوقته فلسطينيا وعربيا ودوليا زمرة أوسلو التي لم تتعدى ربما في عددها أصابع اليد الواحدة لضمان سرية المباحثات والاتفاقيات والتفاهمات التي ضربت بعرض الحائط الثوابت الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وشرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني وضربت أيضا بقرارات الامم المتحدة التي وإن لم يطبق اي منها بالنسبة لقضيتنا الا أنها أبقت على حقوقنا التاريخية حية على الساحة الدولية. كما أنها فتحت الطريق لبدء التطبيع العلني للانظمة العربية الرسمية وأعطاء فرصة ذهبية للكيان الغاصب لصياغة والعودة الى إعادة العلاقات مع العديد من الدول الافريقية والاسيوية.
وكلمة أخيرة نقولها ان من سار على نهج اوسلو على مدى أكثر من ربع قرن لن يكون بمقدوره مقاومة الاحتلال لان رموزه ما زالت مدمنة على المفاوضات ومؤمنة انها الطريق الوحيد لتحقيق السراب الذي يدعى “حل الدولتين”. وهي لا تملك الشجاعة الكافية بمصارحة شعبنا والتخلي عن “السلطة” التي لم تكن ولن تكون سلطة في يوم من الايام وستبقى تطلق التهديد والوعيد كالعادة التي تذروها الرياح.