لا استخف بدهاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا بمقدرته على ألمماطلة والتسويف لكسب الوقت عندما يتعلق الأمر بموضوع ما يعتبر التنازل فيه رضوخا للارهاب حسب المفهوم الصهيوني ،مثل اطلاق سراح اسرى فلسطينيين قاموا بعمليات ادت الى مقتل وجرح اسرائيليين.
ولكنني في نفس الوقت لا اعتقد أنه بمقدور نتنياهو أللعب مع شخص مثل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة لانه يعرف بان هذا الرجل يملك القوة التي تمكنه من تحوبل تهديداته الى افعال.
وبهذا المعنى فإني لا استطيع الجزم بأن موافقة نتنياهو على اجراء مفاوضات لانجاز صفقة تبادل اسرى مع حركة حماس بموجب مبادرة السنوار الاخيرة تعني بالضرورة بانه سيتم انجاز اتفاق لان ذلك مرهون بعوامل اسرائيلية داخلية لا سيما على ضوء تعثر المفاوصات الخاصة بتشكيل الحكومة الجديدة بين حزبي الليكود وازرق ابيض وكذلك بمدى مقدرة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على تحويل فرصة انتشار الكورونا في اسرائيل الى انجاز انساني ممثلا بتخفيف الحصار عن سكان غزة المحاصر وتحريك ملف الاسرى العالق منذ سنوات بسبب التعنت الاسرائيلي ولكن ما يمكن تاكيده ان مبادرة السنوار اعادت الحركة الى المياه الراكدة.
فهذه المبادرة لم يستطع نتنياهو ان يتجاهلها لأنها تضمنت وربما لأول مرة استعدادا من قبل حركة حماس لتقديم تنازلات لم يفصح السنوار عن طبيعتها بخصوص الأسرى الاسرائيليين المحتجزين لدى الحركة مقابل قيام حكومة نتنياهو بالافراج عن اسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم. وفي مقدمتهم الاسير نائل البرغوثي.
ولا يستبعد ان تكون التنازلات التي قصدها السنوار هي كشف جزئي عن مصير اسير واحد او اسيرين من الاسرى اليهود او بث شريط فيديو يظهر ان الاسرى كلهم هم على قيد الحياة على اعتبار ان هناك من يقول في اسرائيل ولأسباب عنصرية انه لا بجوز دفع ثمن كبير لحركة حماس مقابل اطلاق سراح اثيوبي وعربي
ولعل السبب الاساس الذي حذا بنتنياهو الى الموافقة على مبادرة السنوار انها تضمنت تهديدا بقطع النفس عن ستة ملايين اسرائيلي اذا ما نفذ وزير حرب الاحتلال نفتالي بينيت تهديداته بمنع ادخال اجهزة التنفس وشرائح فحص الكورونا الى القطاع المحاصر ما لم تقم حماس باطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين المحتجزين لديها بلا قيد او شرط.وتحصيل حاصل اذا ما تجاهلت حكومة نتنياهو مبادرة السنوار
بكلمات اكثر وضوحا فان السنوار اراد ايصال رسالة الى حكومة نتنياهو مفادها انه ما لم يجر تخفيف الحصار عن قطاع غزة المحاصر وما لم توافق اسرائيل على تحريك ملف الأسرى وبشكل سريع فان المقاومة الفلسطينية سوف تلجأ الى قصف المدن والتجمعات الاسرائيلية بالصواريخ وبالتالي الى ادخال ستة ملايين اسرائيلي الى الملاجئ،وما ادراك ما الملاجئ في زمن الكورونا .
وهذا ما عبر عنه بوضوح اكثر السيد زياد النخالة امين عام حركة الاسلامي عندما اكد في تصريح مقتضب ادلى به لقناة الميادين في اعقاب مبادرة السنوار مباشرة ان اسرائيل ستكون امام خيارين لا ثالث لهما فإما ان ترفع الحصار عن غزة فورا واما ان تتعرض للقصف بالصواريخ..
من هذا المنطلق وعلى هذا الاساس فانه يمكن القول بأن مبادرة السنوار قد اعادت الحياة الى ملف الاسرى المعطل منذ ست سنوات وليس مستبعدا بان تكون قد وضعته على سكة الحل. سننتظر ونرى.