الخميس , 26 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

لن تُعْدَم أرض الكنانة وشعب مصر أبطالهما…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم تكن عملية اغتيال الرئيس المصري السادات(1)، سوى ردّة فعل طبيعية من طليعة من طلائع الأمّة الإسلامية، جاءت من جانب الشعب المصري، لتعبّر بشكل عملي واضح، أن خيانة القضية الفلسطينية من أيّ طرف كان، هي خيانة للدين الإسلامي والأمّة الإسلامية بأسرها، ردّا على اتفاقية الذلّ والعار (كامب ديفيد) (2) التي تمّت برعاية الشيطان الأكبر أمريكا، وكانت الباب الذي دخل منه المطبّعون ترهقهم ذلّة الخيانة والهوان.

تمت عملية الاغتيال في أربعين ثانية فقط، قام بها أربعة أشخاص، هم الملازم أول خالد الإسلامبولي ضابط عامل باللواء 333 مدفعية، وعبد الحميد عبد السلام، وهو ضابط سابق بالدفاع الجوي، ويعمل في الأعمال الحرة، وعطا طايل، وهو ملازم أول مهندس احتياط، وحسين عباس،  وهو رقيب متطوع بالدفاع الشعبي، وهو صاحب الرصاصات الأولى القاتلة، وجدير بذلك اليوم أن يكون يوم عيد وردّ اعتبار للإرادة الإسلامية، والعمل على طيّه ليختفي من ذاكرة الشعب المصري، أخبث من إمضاء المقبور لاتفاقية الذلّ والهوان.

لم تكن العلمية عفويّة بل لقد وقع الاعداد لها مسبقا، عكس ما تبادر إلى أذهان من شاهدها على الهواء مباشرة، ومن أُعِدّ لها وخُطّط لتنفيذها ثلة من رجال مصر الأحرار، وأنجزوا بها عملا بطوليا غير متوقّع، عُدّ بحقّ مفخرة كل من آمن بمظلومية الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته، واعتبر أن ما قام به المقبور السادات خيانة غير مسبوقة وتحدّيا لإرادة الشعب المصري والشعوب العربة والإسلامية كلها، أثلج صدور قوم أزعجهم ذلك العمل المشين، فقد أعطى الكيان الغاصب مشروع أمريكا وبريطانيا والغرب في منطقتنا الإسلامية، وثيقة اعتراف به للسيطرة والهيمنة على فلسطين والمنطقة.

يوم 6 أكتوبر 1981 كان يوما سعيدا لكل عربي شريف حرّ، يوم أعاد فيه الشهيد خالد الإسلامبولي(3) الاعتبار للأمة العربية والإسلامية بعد الخيانة التي قام بها الرئيس المصري المقبور، فأثناء الاستعراض العسكري الذي أقيم بمناسبة ذكرى العبور أقدم مع ثلة من رفاقه على اغتياله وهو في المنصّة الشرفية، ماحيا بذلك حارا طالما تنفّر منه واحتج عليه كل من تعلّقت همّته بعدالة القضية الفلسطينية.

الامّة الإسلامية عموما لم تُعْدمُ دوال تاريخها من أن تكون ولادة للرجال والأبطال، فهي إن تصبر عن ضيم يعتريها، فبعد حين من الزمن تُخرج لنا من أبنائها الغيارى، من يعيد خلط أوراق الأنظمة المستظلة بأمن الغرب الكاذب، لتعلو فقط الورقة الرابحة وذات الجدوى، والتي تريدها الشعوب، وهي ورقة مقاومة الكيان الغاصب، ومحو آثاره من على أرض فلسطين، لتبقى ارض الإسراء فقط لأهلها خالصة، خالية من أعداء الله ورسوله والإنسانية.

ما أمكن للعدوّ الصهيوني وعملاؤه اخفاءه من العمليات الفدائية، التي نفذها أبطال مصر أكثر مما كُشف عنه، فبعد اغتيال السادات بتسع سنوات، نفذ أيمن حسن عملية بطولية استمرت 20 دقيقة، أصاب فيها بين قتيل وجريح 50 صهيونيا مات منهم 21 (4)، وأرض الكنانة لا يمكن أبدا أن يتراجع شعبها عن واجبهم الوّل، في معاضدة ومساندة إخوانهم الفلسطينيين المظلومين، ونعرف أن الشعب المصري لن يتأخر تحت أي ظرف عن مدّ يد العون والتضامن مع أشقائه الفلسطينيين، بل سيكون له دور معتبر في تحرير الأرض المغتصبة، ولن يُعيِقه عن بلوغ مأمله الذي طال انتظاره له شيء من معوّقات الغرب الاقتصادية والعسكرية، وقد خرج لنا منذ يومين رجل من أبنائه ليؤكّد هذه المقولة، ويسطّر بجرأته ملحمة جديدة في تاريخ مصر.

هذا الجندي الأبيّ العزيز، قطع مسافة 5 كلم من مكان موقعه العسكري، حتى وصل السياج الحدودي، ثم  اخترق الحدود الفلسطينية المصرية، وهو يحمل معه 6 مخازن من ذخيرة لسلاحه، وحسب اعلام العدوّ الصهيوني، فقد اشتبك البطل 3 مرات مع الجنود الصهاينة، وقتل ثلاثة منهم(5)، وكان بالإمكان أن ينسحب بسرعة، لكنّه خيّر أن يواصل منازلته للمحتلين، حتى نال الشهادة تغمّده الله بواسع رحمته،  هذا وأكدت إذاعة جيش الاحتلال العثور على كتاب قرآن إلى جانب سلاح الجندي المصري، لافتة إلى أن هذا يشير إلى أن تنفيذ العملية جاء بـ”دوافع دينية”، كذلك عُثر على سكين لاستخدامها في تجاوز الحدود، و6 مخازن رصاص، ما يدلّ على أنه خطط لتنفيذ العملية بدقة كبيرة، بحسب زعمها.(6) وطبيعي ان تكون الدّوافع الحاثة لهؤلاء الرّجال دينية ما يكشف لنا ولجميع الشعوب الإسلامية أن المعركة مع العدوّ الصهيوني يجب أن تكون دوافعها دينية مثلما لهم دوافعهم الدينية، فدوافعنا نحن حقوقية عادلة، ودوافعهم عنصرية ظالمة، وشتّان ما بين ما نأمله من تحرير الأرض المغتصبة، وما يأملونه من بقائهم وتمدّدهم في منطقتنا العربية والإسلامية.

المراجع

1 – اغتيال السادات  https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – اتفاقات كامب ديفيد https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – خالد الإسلامبولي https://ar.wikipedia.org/wiki/

4 – أيمن حسن https://www.marefa.org/

5 – الجيش الإسرائيلي: الجندي المصري اخترق الحدود واشتبك 3 مرات مع الجنود وقتل ثلاثة منهم

https://arabic.rt.com/world/1466672-

6 – إسرائيل تكشف عن تفاصيل جديدة حول العملية التي نفذها الجندي المصري

https://www.alaraby.co.uk/politics/-

شاهد أيضاً

هُنا حفلةٌ، وهُناكَ مَذْبحةٌ !!… بقلم محمد سعد عبد اللطيف

جريمة اخلاقية كاملة الاركان. كيف يمكن الجمع بين الاثنين في عاصمة المعز لدين الله الفاطمي/وقلب …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024